تنزيل
0 / 0

زوجها لا يهتم بها ، ولا يتحمل المسؤولية ، فماذا تفعل معه ؟

السؤال: 216865

أنا امرأة متزوجة من رجل تعرفت عليه في الجامعة ، وقد أحببته . بعد الزواج اكتشفت أنه غير مسؤول ، وأن والدته هي التي تنفق عليه ، وأنه لا يجيد ممارسة أي شيء سوى الإنترنت طوال اليوم ، مرضت بعد زواجنا بمدة يسيرة ، ولم أجده مسؤولا عني ، بل أمه دائما هي من تقوم عنه بكل شيء ، وأصبحت هي وأخواته تتحكمن بكل صغيرة وكبيرة من حياتي ، وبدأت المشاكل ، كانوا يسبونني بشتى أنواع الكلام البذيء ، ثم كان هنالك قريب له يسكن معنا ، وكلما كنت أحتاج الى شيء ما ، يقول لي زوجي : اذهبي معه ، أو اطلبي منه ، وبعدها اعتدت عليه . في البداية كنت أراه أخا لي ، ثم تفاقمت المشاكل مع زوجي ، صار رجلا آخرا ، وكأنني غير موجودة ، وبعت كل مجوهراتي لأساعده في مشروع ، ثم خسر كل ماله ، وكانت صدمة كبيرة لي ، ثم تحرش بي أحد أقربائه ، فأخبرته ، لكنه لم يدافع عني ، وبعدها وجدت في نفسي ميلا لقريبه الذي يسكن معنا ، وهو يصغرني بأربع سنوات ، وحيوي جدا ، كنت أخرج معه برضا زوجي ، يأتي إلي في منزلي برضا زوجي ، لكن الحمد لله لم أخطئ معه أبدا ، وبعدها بدأت أخاف على نفسي من هذا الشعور ، والحمد لله رحل هذا الشاب ولم يعد يسكن معنا ، ولمح لي بعدها أنه يميل إلي ، وأنه علينا أن لا نتحدث كثيرا كما كنا ، حتى لا يتفاقم هذا الشعور لأن الشيطان يفعل كل شيء ليوقع الناس في الحرام ، بعدها بدأت ألتزم في ديني وحجابي ، وحتى في صلاتي ، وصرت أقرأ كتبا دينية ، وبدأت أبتعد عن قريب زوجي ، وأحاول أن أحب زوجي ، وهو الآن يعمل ، وأنا أم 3 أطفال ، ولكنه لا يهتم بي كثيرا ، رغم أنني لا أهمل نفسي ، وأحاول دوما أن أرضيه ، ولكن بقي داخلي شعور ما ، أو انجذاب ، نحو قريبه ، وأريد التخلص من هذا الشعور ، وأن لا أقع فيه مرة أخرى ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ثم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه : أن لطف بك ، وعصمك من الخطيئة مع هذا
الشاب ، رغم أن الظروف كانت مواتية ، والنفوس مائلة ؛ لكن الله سلم .

فإذا علمت عظيم نعمة الله عليك في عصمتك من الفاحشة ، وصون دينك وعرضك ، وعلمت
نعمته عليك ـ أيضا ـ في أنك قد تجاوزت مع زوجك المحنة الأولى ، وتخطى حالة البطالة
والتعطل في أول أمره ، وصار رجلا مسؤولا ، يبحث عن قوته وقوت أولاده ، وعلمت ـ
ثالثا ـ نعمة الله عليك بالولد ، وكم من الناس من حرم ذلك ؛ فإن حق هذه النعم
الكثيرة عليك أن تشكريها يا أمة الله ، فما حفظت نعمة بمثل شكرها ، ولا زالت نعمة
بمثل كفرانها .

تذكري ـ يا أمة الله ـ أن حبك الأول لزوجك ، بغض النظر عن تلك الحال الأولى ،
والكلام عليها ، وتذكري أن زواجك به : كان عن حب ورغبة ، أفيليق بك ، وأنت الآن
زوجة ، أن تهملي تلك المشاعر جانبا ، لقد كانت موجودة في الوقت الخطأ ؛ حسنا قد فات
ذلك الزمان ؛ أفليس من العقل والحكمة ، والعاطفة أيضا : أن تحيي تلك العواطف مع
زوجك ، في الوقت المناسب ، والمطلوب ؟!

إن عليك ـ يا أمة الله ـ أن تعلمي أنه لا كامل من البشر ، ولا أحد مبرأ من النقص
والخطأ ؛ وحينئذ ، فكل عيب في زوجك ، سوف تجدين له مثيلا ، أو نظيرا ، أو قريبا عند
غيره ؛ كل رجل تقدرينه : سوف يكون عنده من الأخطاء ما استتر عليك ، والسعيد من رضي
بقسمة الله له  ، وحمد نعمة الله عليه ؛ وإن كان ذا خطأ ؛ فكلنا ذوو خطأ .

فاجتهدي في أن تتحببي إلى زوجك ، قدر ما يمكن الزوجة العاقلة الحكيمة المحبة لزوجها
أن تفعله ، واجتهدي في لم شملك معه ، واطو صفحة الماضي بكل ما فيها ، واقطعي كل ما
من شأنه أن يذكرك بذكريات الأليمة معه ، أو ذكرياتك مع ذلك الرجل البعيد ، واقصري
نفسك ، وقلبك ، وبصرك ، وشغلك كله : على زوجك ، وأولادك ، وبيتك .

واعلمي أختنا أنه ليس من وسيلة للثبات أعظم من الالتجاء إلى الله سبحانه ،
والافتقار إليه بالدعاء : أن يحميك ، ويحمي قلبك وبصرك وجوارحك من الحرام ، ومن
الوقوع في الزلل ، واعتصمي بالله ، هو مولاك ، وهو الملجأ والمعاذ .

قال الله تعالى : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ
بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ
طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ
يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ ) الأعراف/200-202.

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

” أي : أي وقت ، وفي أي حال ( يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ ) أي : تحس منه
بوسوسة ، وتثبيط عن الخير ، أو حث على الشر ، وإيعاز إليه . ( فَاسْتَعِذْ
بِاللَّهِ ) أي : التجئ واعتصم بالله ، واحتم بحماه فإنه ( سَمِيعٌ ) لما تقول . (
عَلِيمٌ ) بنيتك وضعفك ، وقوة التجائك له ، فسيحميك من فتنته ، ويقيك من وسوسته ،
كما قال تعالى : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) إلى آخر السورة.

ولما كان العبد لا بد أن يغفل وينال منه الشيطان ، الذي لا يزال مرابطا ينتظر غرته
وغفلته ، ذكر تعالى علامة المتقين من الغاوين ، وأن المتقي إذا أحس بذنب ، ومسه
طائف من الشيطان ، فأذنب بفعل محرم أو ترك واجب – تذكر من أي باب أُتِيَ ، ومن أي
مدخل دخل الشيطان عليه ، وتذكر ما أوجب الله عليه ، وما عليه من لوازم الإيمان ،
فأبصر واستغفر الله تعالى ، واستدرك ما فرط منه بالتوبة النصوح والحسنات الكثيرة ،
فرد شيطانه خاسئا حسيرا ، قد أفسد عليه كل ما أدركه منه .

وأما إخوان الشياطين وأولياؤهم ، فإنهم إذا وقعوا في الذنوب ، لا يزالون يمدونهم في
الغي ذنبا بعد ذنب ، ولا يقصرون عن ذلك ، فالشياطين لا تقصر عنهم بالإغواء ؛ لأنها
طمعت فيهم، حين رأتهم سلسي القياد لها، وهم لا يقصرون عن فعل الشر.”. انتهى من
“تفسير السعدي” .

وقال تعالى ـ أيضا ـ : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) فصلت/36.

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

” أي : أي وقت من الأوقات ، أحسست بشيء من نزغات الشيطان ، أي : من وساوسه وتزيينه
للشر ، وتكسيله عن الخير ، وإصابة ببعض الذنوب ، وإطاعة له ببعض ما يأمر به (
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ) أي : اسأله ، مفتقرًا إليه ، أن يعيذك ويعصمك منه ، (
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) فإنه يسمع قولك وتضرعك ، ويعلم حالك واضطرارك
إلى عصمته وحمايته “. انتهى من “تفسير السعدي” .

ومع أننا نظن أن ما يمر بخاطرك وقلبك ، إنما هي وساوس ، وهواجس ، ونزغات من الشيطان
الرجيم ، لن تلبث أن تزولي عنك سريعا ، إن شاء الله ، متى شغلت نفسك بأمر بيتك ،
وأولادك ، وزوجك وأسرتك ، وملأت وقتك بالنافع من القول والعمل ، وقلبك بشغل الخير ،
والتفكير فيه ، فإنه لو قدر أن الأمر وصل إلى درجة التعلق والعشق ، فإن دواء ذلك :
بقطع الطمع فيه ، والتطلع إليه ، وقصر النفس والقلب والفكر على ما أعطاك الله من
الحلال الطيب .

وتأملي هذا الكلام البديع ، لابن القيم رحمه الله :

” وإن كان لا سبيل للعاشق إلى وصال معشوقه ، قدرا أو شرعا ، أو هو ممتنع عليه من
الجهتين ، وهو الداء العضال ، فمِن علاجه : إشعار نفسه اليأس منه ، فإن النفس متى
يئست من الشيء استراحت منه ، ولم تلتفت إليه .

فإن لم يزُل مرض العشق مع اليأس ، فقد انحرف الطبع انحرافا شديدا ؛ فينتقل إلى علاج
آخر ، وهو علاج عقله : بأن يعلم بأن تعلق القلب بما لا مطمع في حصوله : نوع من
الجنون ، وصاحبه بمنزلة من يعشق الشمس ، وروحه متعلقة بالصعود إليها والدوران معها
في فلكها ؛ وهذا معدود عند جميع العقلاء في زمرة المجانين …

فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء : فليتذكر قبائح المحبوب ، وما يدعوه إلى النفرة عنه ؛
فإنه إن طلبها وتأملها : وجدها أضعاف محاسنه التي تدعو إلى حبه ، وليسأل جيرانه عما
خفي عليه منها ، فإن المحاسن كما هي داعية الحب والإرادة ؛ فالمساوئ داعية البغض
والنفرة ، فليوازن بين الداعيين ، وليحب أسبقهما وأقربهما منها بابا …

فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها لم يبق له إلا صدق اللجأ إلى من يجيب المضطر إذا
دعاه ، وليطرح نفسه بين يديه على بابه ، مستغيثا به ، متضرعا متذللا مستكينا .

فمتى وفق لذلك : فقد قرع باب التوفيق ..” ا.ه من “زاد المعاد” (4/251) .

وينظر : جواب السؤال رقم : (45520).
يسر الله لك أمرك ، وأصلح لك زوجك ، وجمع بينك وبين زوجك في خير .

والله أعلم .

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android