أود أن أسألكم في أمر طالما حير النساء ، وهو أن المرأة تعجب أن كيف تعرف طهرها بالجفاف أو القصة البيضاء ؟ إذ المشكِل في هذا الأمر أنها قد يمر بها طهر من جفاف أو القصة البيضاء وهي لا تعلم , وذلك بأنها قد تكون لا تستطيع النظر لمعرفة الطهر بعد مرور كل قليل من الوقت ، إذ إنها قد تكون في اجتماع أو شيء من ذلك , وقد لا يكون شيء من ذلك ، ولكن ربما يكون طهرها بالجفاف أو القصة البيضاء لبضع دقائق ، ثم لما تنظر لتعرف أن طهرت أم لا , ترى الصفرة أو الكدرة ، فلا تدري أن هذه الكدرة أو الصفرة قد نزل بها من بعد الطهر من جفاف أو القصة البيضاء , أم هو من الحيض ولم يحصل الطهر بعد ؟
كيف لها أن تعرف الطهر ، وقد يحصل فيعقبه صفرة أو كدرة وهي لا تدري ؟
السؤال: 216894
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
تتعرف المرأة على الطهر بإحدى علامتين : إما بنزول القصة البيضاء ، وإما بالجفوف التام للموضع .
ثانيا :
للمرأة عادة تعرفها من نفسها ، فتعرف طبيعة دم الحيض ، ومتى يكون إقبال الحيضة ، ومتى يكون إدبارها .
فإذا آن وقت إدبارها واقترب وقت الطهر ، فإنها تتفقد طهرها قبل نومها ، وفي أوقات الصلوات ، فتنظر قبل النوم ، ووقت كل صلاة : هل طهرت أم لا ؟ فإن رأت علامة الطهر التي تعرفها من نفسها فقد طهرت ، وإن لم ترَها فهي لا تزال حائضا .
جاء في " مواهب الجليل " للحطاب المالكي (1/ 372) :
" قَالَ مَالِكٌ : لَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ تَفَقُّدُ طُهْرِهَا بِاللَّيْلِ وَالْفَجْرِ ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا إذَا أَرَادَتْ النَّوْمَ أَوْ قَامَتْ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَعَلَيْهِنَّ أَنْ يَنْظُرْنَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ … " انتهى .
وتنظر إجابة السؤال رقم : (138693) .
ولا تعجل المرأةُ حتى ترى الطهر من نفسها ، فإن هي رأته اغتسلت وصلت وصامت .
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله – :
" الطهر : زوال آثار الدم ، فإذا تنظفت بقطنة أو شيء آخر ، ولم يكن فيه أثر للدم تغتسل ، ولو ما رأت القصة البيضاء ، أما القصة البيضاء : فهو ماءٌ أبيضٌ يعتري بعض النساء عند نهاية الحيض ، تجد ماء أبيض علامةً أن الحيض انتهى ، وبعض النساء لا يجد هذا ، فالعبرة بوجود النظافة ، فإذا تنظفت بقطن أو غيره ورأت النظافة ، ولم يبق صفرة ولا كدرة تغتسل ، ولو ما رأت القصة البيضاء " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (5/ 411) .
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" الأصل بقاء الحيض حتى تتيقن الطُّهر ، وهكذا كل ما كان موجوداً فالأصل بقاؤه على وجوده ، حتى يقوم اليقين على زوال ذلك الوجود " >
انتهى من " جلسات رمضانية " (5/ 17) بترقيم الشاملة .
ثالثا :
لم يجعل الله على الناس في دينهم من حرج ، وأحكام الشريعة سمحة ، لا حرج فيها ولا عنت ، بل هي يُسر كلُّها .
فليس على المرأة إذا حان وقت طهرها واقترب إلا أن تنظر نفسها قبل النوم وأوقات الصلوات .
ولا يلزمها كل وقت أن تنظر : هل طهرت أم لا ؟
والعادة أنها إذا كانت في اجتماع ، أو كانت مشغولة بشيء ما ، أنها في وقت كل صلاة تذهب لتصلي ، فعندئذ تنظر وتتفقد حالها على ما تقدم .
وإذا أخطأت المرأة في تحديد وقت الطهر بناء على ظنها واجتهادها ، فإنها لا تأثم ، لقول الله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) الأحزاب/5 ، غير أنها إذا ظنت أنها طهرت وصلت وصامت ، ثم تبيّن لها أنها لا تزال حائضاً ، فعليها الامتناع عن الصلاة والصيام حتى تطهر ، وتقضي الصيام الواجب الذي صامته في تلك الأيام ، لأنه قد تبين أنه كان غير صحيح .
وإذا تركت الصلاة ظنَّاً منها أنها لم تطهر ، ثم تبيّن لها أنها كانت طاهرةً ، فعليها قضاء تلك الصلاة احتياطاً ، وإذا لم تقضها فلا حرج عليها إن شاء الله تعالى .
وتنظر إجابة السؤال رقم : (45885) .
ولا عبرة بالشكوك والظنون ، وأنه ربما طهرت وهي لا تعلم ، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها .
وقول السائلة : " ربما يكون طهرها لبضع دقائق ، ثم لما تنظر لتعرف هل طهرت أم لا , ترى الصفرة أو الكدرة فلا تدري هل هي من الحيض أم نزلت بعد الطهر " .
فهذا من التشديد على النفس والتعنّت الذي لا داعي له ، ولو اعتبرنا إمكانية حصول الطهر لبضع دقائق فقط ، لأوجبنا على المرأة التفتيش كل خمس دقائق ، لتنظر هل حصل الطهر أم لا ؟
وتنظر للفائدة إجابة السؤال رقم : (201425) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة