تنزيل
0 / 0

المحافظة على ركعتين بعد العصر من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم .

السؤال: 217403

عن عائشة رضي الله عنها قالت : والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله ، وما لقي الله تعالى حتى ثقل عن الصلاة وكان يصلي كثيرًا من صلاته قاعدًا . تعني الركعتين بعد العصر . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما ، ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته ، وكان يحب ما يخفف عنهم .

إلى أي صلاة يشير هذا الحديث بالضبط ؟ هل يشير إلى ركعتي السنة بعد العصر ؟ وهل هو حديث صحيح ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ذهب جماهير أهل العلم إلى كراهة الصلاة بعد العصر حتى غروب الشمس ، وبعد الصبح حتى
ترتفع الشمس ، وحكى بعض أهل العلم الاتفاق على ذلك .
فروى البخاري ومسلم (827) عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لاَ صَلاَةَ بَعْدَ
الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ ، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى
تَغِيبَ الشَّمْسُ ) .
قال النووي رحمه الله :
” فِي أَحَادِيث الْبَاب : نَهْيه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاة
بَعْد الْعَصْر حَتَّى تَغْرُب الشَّمْس ، وَبَعْد الصُّبْح حَتَّى تَطْلُع
الشَّمْس ، وَبَعْد طُلُوعهَا حَتَّى تَرْتَفِع ، وَعِنْد اِسْتِوَائِهَا حَتَّى
تَزُول ، وَعِنْد اِصْفِرَارهَا حَتَّى تَغْرُب . وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى
كَرَاهَة صَلَاة لَا سَبَب لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَات ” انتهى .
واختلف أهل العلم في الصلوات ذوات الأسباب كتحية المسجد وسنة الوضوء ، فمنهم من جوز
فعلها في أوقات النهي ، ومنهم من منع ذلك ، والراجح الأول ، والله أعلم .
انظر جواب السؤال رقم : (81978) .

ثانيا :
ما ورد في الأحاديث من كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد العصر في
بيته ، ويداوم على ذلك : صحيح ثابت أيضا ؛ فروى البخاري (591) ، ومسلم (835) عن
عَائِشَة رضي الله عنها قالت : ( مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ عِنْدِي قَطُّ ) .
وفي رواية لهما : ( صَلَاتَانِ مَا تَرَكَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي قَطُّ ، سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً : رَكْعَتَيْنِ
قَبْلَ الْفَجْرِ ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ ) .
وفي رواية للبخاري (590) عنها رضي الله عنها قَالَتْ: ( وَالَّذِي ذَهَبَ بِهِ ،
مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ ، وَمَا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى
ثَقُلَ عَنِ الصَّلاَةِ ، وَكَانَ يُصَلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلاَتِهِ قَاعِدًا –
تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ – وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا ، وَلاَ يُصَلِّيهِمَا فِي المَسْجِدِ ،
مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِه ِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ
عَنْهُمْ ) .

وهذا كله محمول على أنه كان
من خصائصه صلى الله عليه وسلم ؛ فقد فاتته الركعتان بعد الظهر ، فصلاهما بعد العصر
، ثم أثبتهما ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى صلاة أثبتها .
روى البخاري (1233) ، ومسلم (834) عن أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت :
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا – يعني
الركعتين بعد العصر – ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى العَصْرَ ،
ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ ،
فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الجَارِيَةَ ، فَقُلْتُ : قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ :
تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ
هَاتَيْنِ ، وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا ؟ فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ ، فَاسْتَأْخِرِي
عَنْهُ، فَفَعَلَتِ الجَارِيَةُ ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ ، فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ ،
فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : ( يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ ، سَأَلْتِ عَنِ
الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ ، وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ القَيْس
ِ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ ، فَهُمَا
هَاتَانِ ) .
وروى مسلم (835) عن أبي سَلَمَةَ ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنِ السَّجْدَتَيْنِ
اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا
بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَقَالَتْ : ( كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ ، ثُمَّ
إِنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا ، أَوْ نَسِيَهُمَا ، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ،
ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا ) .

وعلى ذلك : فإنه يشرع لكل أحد
قضاء راتبة الظهر ونحوها بعد العصر ، إذا فاتت لعذر .
وأما الاستدامة على صلاة الركعتين في هذا الوقت : فهي من خصائصه ، صلى الله عليه
وسلم .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الرِّوَايَات مَنْ أَجَازَ التَّنَفُّل بَعْدَ الْعَصْر
مُطْلَقًا ، مَا لَمْ يَقْصِد الصَّلَاة عِنْدَ غُرُوب الشَّمْس ، وَأَجَابَ عَنْهُ
مَنْ أَطْلَقَ الْكَرَاهَة : بِأَنَّ فِعْلَهُ هَذَا يَدُلّ عَلَى جَوَاز
اِسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَ مِنْ الرَّوَاتِب مِنْ غَيْر كَرَاهَة ، وَأَمَّا
مُوَاظَبَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصه
، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ رِوَايَة ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَة أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ
أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْر
وَيَنْهَى عَنْهَا , وَيُوَاصِل وَيَنْهَى عَنْ الْوِصَال ” رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ
، وَرِوَايَة أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَة فِي نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة وَفِي
آخِرِهِ ” وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاة أَثْبَتَهَا ” رَوَاهُ مُسْلِم ، قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : الَّذِي اِخْتَصَّ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْمُدَاوَمَة عَلَى ذَلِكَ لَا أَصْلُ الْقَضَاء ” انتهى .
“فتح الباري” (2/64) . وينظر : “عمدة القاري” (5/ 85) .

وقد سئل علماء اللجنة
الدائمة عن هذه الأحاديث ، فأجابوا :
” لا تجوز صلاة النافلة بعد العصر ؛ لأنه وقت نهي ، وما فعله الرسول صلى الله عليه
وسلم في الأحاديث المذكورة هو قضاء لراتبة الظهر التي فاتته – ، وداوم عليها صلى
الله عليه وسلم ؛ لأنه كان إذا عمل عملا داوم عليه ، وهذا خاص به صلى الله عليه
وسلم ، لكن تجوز الصلاة بعد العصر إذا كانت من ذوات الأسباب ؛ كتحية المسجد ، وصلاة
الكسوف ، وركعتي الطواف بعد العصر وبعد الصبح ، وصلاة الجنازة ؛ للأحاديث الواردة
في ذلك ” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (6/ 173-174) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” ليس هناك سنة بعد العصر ، فقد نهى الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن الصلاة بعد
العصر حتى تغيب الشمس ، إلا لمن عليه فوائت ، هذا يقضيها ولو بعد العصر لعموم قوله
– صلى الله عليه وسلم -: ( من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك )
متفق عليه ، فلو تذكر بعد العصر أن عليه الظهر نسيها : صلاها، أو عليه الفجر نسيها
: صلاها ، أو غير ذلك ، وهكذا لو أن إنسانا دخل المسجد أو طاف بعد العصر في مكة ،
صلى تحية المسجد ، وصلى ركعتي الطواف ، وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر ، هذه من
ذوات الأسباب تصلى بعد العصر .
أما سنة راتبة بعد العصر فلا ، إلا خاصة بالنبي – صلى الله عليه وسلم – ، فقد صلى
بعد العصر ركعتين بسبب أنه شغل عنها بعد الظهر ، ثم أثبتها ، وسئل عنها : هل
نقضيهما ؟ قال : لا . وأخبرت عائشة أنه أثبتها ، كان يصليها بعد العصر .
هذا شيء خاص به عليه الصلاة والسلام ” انتهى.
“فتاوى نور على الدرب” (10/ 318) .

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android