تنزيل
0 / 0

هل كان النبي ينام بثيابه ؟

السؤال: 217534

هل كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام في ثيابه التي يخرج فيها إلى الناس ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما نام في ثيابه التي يخرج فيها إلى الناس ، ويصلي
بهم فيها ؛ فروى البخاري (231) ، ومسلم (289) عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، قَالَ
: سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ، عَنِ الْمَنِيِّ يُصِيبُ ثَوْبَ الرَّجُلِ
أَيَغْسِلُهُ أَمْ يَغْسِلُ الثَّوْبَ ؟ فَقَالَ : أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ ( أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْسِلُ الْمَنِيَّ ثُمَّ
يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ
الْغَسْلِ فِيهِ ) .
وروى أبو داود (366) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، أَنَّهُ سَأَلَ
أُخْتَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي
الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُهَا فِيهِ ؟ فَقَالَتْ: ( نَعَمْ إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِ
أَذًى ) .
وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
قال في “عون المعبود” :
” ( إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى ) : أَيْ مُسْتَقْذَر أَوْ نَجَاسَة ، أَيْ إِذَا
لَمْ يَرَ فِي الثَّوْب أَثَر الْمَنِيّ أَوْ الْمَذْي أَوْ رُطُوبَة فَرْج
الْمَرْأَة ” انتهى .
وروى ابن ماجة (541) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً ، فَصَلَّى
بِنَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ ، قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ ،
فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ،
تُصَلِّي بِنَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ؟ قَالَ : ( نَعَمْ ، أُصَلِّي فِيهِ ، وَفِيهِ
) أَيْ قَدْ جَامَعْتُ فِيهِ .
وحسنه الألباني في “صحيح ابن ماجة” .

ثانيا :
كان الناس في الزمان الأول في قلة وضيق من العيش ، فلا يكاد الواحد منهم يجد إلا
الثوب أو الثوبين ، وقد روى أبو داود (1078) عَنِ ابْنِ سَلَامٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : ( مَا عَلَى أَحَدِكُمْ –
إِنْ وَجَدَ – أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ ، سِوَى ثَوْبَيْ
مِهْنَتِهِ ) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
ففي قوله : ( إن وجد ) : دليل على أن الناس كانوا لا يجدون ما يتوسعون به في ملبسهم
، وقد روى البخاري (2071) ، ومسلم (847) عن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قال :
كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَّالَ
أَنْفُسِهِمْ ، وَكَانَ يَكُونُ لَهُمْ أَرْوَاحٌ ، فَقِيلَ لَهُمْ : ( لَوِ
اغْتَسَلْتُمْ ) .
فربما لم يجد أحدهم إلا الثوب الواحد ، يعمل فيه ، ويصلي فيه ، وينام فيه .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شأنه في العيش شأن أصحابه ، والناس في زمانه ،
بل كان أكثرهم زهادة في رياش الدنيا ومتاعها .
وروى البخاري (358) ومسلم (515) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاَةِ فِي ثَوْبٍ
وَاحِدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ ؟ ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” قَالَ الْخَطَّابِيُّ ” لَفْظُهُ اسْتِخْبَارٌ ، وَمَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ عَمَّا
هُمْ عَلَيْهِ مِنْ قِلَّةِ الثِّيَابِ ” انتهى .
وقال النووي رحمه الله :
” وَمَعْنَى الْحَدِيث : أَنَّ الثَّوْبَيْنِ لَا يَقْدِر عَلَيْهِمَا كُلّ أَحَد ،
فَلَوْ وَجَبَا ، لَعَجَزَ مَنْ لَا يَقْدِر عَلَيْهِمَا عَنْ الصَّلَاة ، وَفِي
ذَلِكَ حَرَج ” انتهى .

ثالثا :
مع السعة ووفرة الرزق : فالذي ينبغي للعبد أن يوسع على نفسه ، وأن يُرى أثر نعمة
الله عليه ، وخاصة في لباس الصلاة ؛ لعموم قوله تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا
زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) الأعراف/ 31 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” وَلِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا مِنَ السُّنَّةِ ،
يُسْتَحَبُّ التَّجَمُّلُ عِنْدَ الصَّلَاةِ ، وَلَا سِيَّمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ
وَيَوْمَ الْعِيدِ ، وَالطِّيبُ لِأَنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ ، وَالسِّوَاكُ
لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ ذَلِكَ ” انتهى .
“تفسير ابن كثير” (3/ 406) .
وروى أبو داود (347) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( مَنْ اغْتَسَلَ
يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَسَّ مِنْ طِيبِ امْرَأَتِهِ إِنْ كَانَ لَهَا ، وَلَبِسَ
مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ ، وَلَمْ يَلْغُ
عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ ؛ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا ) وحسنه الألباني في
“صحيح أبي داود” .

رابعا :
ينبغي الانتباه إلى أمر مهم هنا ، وهو مراعاة عرف الناس في مثل ذلك الأمر ، وهذا
أمر يختلف باختلاف الزمان والمكان ، ويتفاوت بتفاوت الأشخاص وهيئاتهم ومروءاتهم ،
فإذا كان الخروج إلى المسجد في الملابس المعتادة للنوم ، أمرا مقبولا من شخص معين ،
في مكان وزمان معينين : فلا حرج فيه .
وإن كان خروجه في مثل ذلك ، مما يعاب به في الناس ، أو يعد من خوارم المروءة ، أو
من ملابس الشهرة ، ودواعي القيل والقال ، فليس له أن يفعله وإن كان في أصله مباحا
مشروعا .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (103867)
، ورقم (21216) .

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android