0 / 0
32,59404/07/2014

أصابها خوف شديد من قيام الساعة في أي لحظة

السؤال: 218391

أنا سيدة متزوجة ، ولدي ثلاث بنات وطفل ، أكبر بناتي عمرها ست سنوات ، وأصغرهن سبعة أشهر ، أعيش حياة طبيعية فيها بعض المشاكل التي لا يخلو منها أي بيت ، منذ خمسة أشهر قرأت موضوعا عن علامات الساعة الصغرى والكبرى ، وبحثت في الموضوع كثيرا بدافع الفضول ، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني من قلق كبير ، أدخلني في دوامة اكتئاب رهيبة ، صرت أخاف كثيرا ، ولا أهتم لمظهري ، ولا أستطيع مزاولة أشغالي بالكفاءة السابقة ، لما أستيقظ صباحا لا أستطيع مغادرة الفراش لأني لا أرغب في أي شيء ، أكره الاستحمام وترتيب نفسي ،
بت أنظر لأطفالي بكل حزن ، وأعاملهم بقسوة ، أحيانا صرت أضربهم وأصرخ عليهم كثيرا ، وأندم كل الندم لأني أنجبتهم ، أبكي كثيرا لأني وأطفالي سنعيش في هذه الفتن ، سيرفع القرآن وسيظهر المسيح الدجال ، وستشرق الشمس من مغربها ، فخوفي كبير على نفسي وزوجي وأكبر على أطفالي .
هل تُصدق أخي أن أكثر ما ندمت عليه هو إنجابي لهم ، أعلم أن الله قد قدر لي هذا سابقا ، لكن خوفي قد جعل نظرتي للمستقبل أنه فتن ونهاية يصعب فيها أن يثبت الإنسان ، أقول في نفسي قد تظهر العلامات الكبرى وأطفالي أصبحوا شبابا ، ما مصيرهم ؟
صرت أخاف من مشاهدة الأخبار والمظاهرات أو تجمهر الأشخاص ،
أحس أني على وشك الجنون ، فلو حدث لي شيء سيء مثلا ( أفقد شخصا عزيزا أو حادثا أو زلزالا ) سأجن حينها ، فأنا لست قادرة على تحمل أي خبر أو منظر مخيف .
أرجو أن تفسر لي سبب هذه المخاوف ، هل هي طبيعية أم تحتاج علاجا . كيف لي أن أعيش بهدوء وهذه العلامات قد ظهرت ونحن نعيشها ، هل خوفي على أطفالي بهذا الشكل عادي أم أنه دخل حيزا خطيرا وهو علم الغيب .
هل أحاسب على تقصيري مع زوجي وأطفالي ومعاملتي القاسية معهم رغم أن هذا خارج عن إرادتي ؟
كيف أستغل هذا الخوف للعمل للآخرة دون أن يحبطني ويؤثر سلبا على حياتي ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
لا ييأس الشيطان من ابن آدم أن يقطع عليه الطريق ، إن لم يكن من جهة المعاصي والموبقات ، فمن جهة العقائد والطاعات ، حتى لو تَعَلَّم المسلم عقيدة صحيحة فإن الشيطان يحرص على أن يحولها من كونها عقائد منتجة دافعة إيجابية ، إلى عوامل تثبيط وإحباط ويأس ووسواس ، فتنقلب بذلك حياة المسلم شقاءً ، وقد كان المفترض أن ترتقي سعادة ونجاحا وهناء .
وهذا ما وقع لك ، فهِمْت الأمر على غير وجهه ، وبالغت في الاسترسال مع المخاوف التي لا مبرر لها ، وساعدك على ذلك الأحداث التي تقع في بعض البلاد الإسلامية ، فخرج بك الحال إلى وضع مرضي طارئ ، لا بد أن تعملي على علاجه فورا ، ومن غير تردد ولا تأخير .
أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بعلامات الساعة وعلِمَها أصحابُه رضي الله عنهم ، ومع ذلك لم يُصَب هو ولا أصحابه الكرام بمثل ما أصابك .
ثانيا :
المقصود من العلم بأشراط الساعة معرفة قرب الساعة ثم يتبع ذلك حسن الاستعداد لها ، بطاعة الله ، بالاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ، بحسن الخلق ، بحسن تربية الأولاد ، بالصبر على ما يصيب المسلم في هذه الحياة الدنيا من مصائب … إلخ .
ولا ينبغي أن يثمر العلم بها يأسا وإحباطا وسوء خلق وقلة صبر .
والمسلم التقي هو الذي يطيع الله تعالى ويحسن الظن به سبحانه ، ويتفاءل وينتظر الخير في مستقبله ، ولا يبالغ في الخوف مما سيأتي كي لا يخسر حاضره بخوف موهوم ، ولكي لا يخالف هدي نبينا عليه الصلاة والسلام ، وهو أتقى الناس وأخشاهم لله ، وعنده من العلم ما خفي علينا فقال : ( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ ) رواه البخاري (1044) ، ومسلم (901) ومع ذلك عاش حياة مليئة بالعمل ، مفعمة بالجد والاجتهاد ، شعارها الإقبال على الله سبحانه ، وحسن الظن به ، والإيمان بسعة رحمته وفضله وكرمه ، وأن الرحمن الرحيم ، الجواد الكريم ، الرؤوف اللطيف ، أرحم بنا من أنفسنا ، لن يكلنا إلى ضعفنا وعجزنا ، بل يمنحنا الصبر والتحمل لما كتب علينا من البلاء، وعزاؤنا جميعا أننا إلى الجنة صائرون بإذن الله ، وبها نلتقي بجميع أهلنا وأحبابنا ، ونسعد سعادة لا نشقى بعدها أبدا ، ولكن لنحسن العمل ، ولنتق الله في أيامنا ، في أعمالنا وأخلاقنا ومعاملاتنا وعباداتنا ، وحينها لا يضرنا في أي لحظة قامت علينا قيامتنا .
وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم – وهو قدوتنا – كان يدخر لأهله قوت سنة من الطعام ، وكان يأكل الطعام ويستطيبه ، ويضاحك أصحابه ، ويتزوج النساء ، ويتزين للضيوف والوفود ، ويشاهد لعب الحبشة بسيوفهم ، ويلاعب أحفاده كالحسن والحسين ، ويسابق زوجته عائشة رضي الله عنها ، ويزور أصحابه وجيرانه ، ويرسل الجيوش ، ويمارس الحياة اليومية التي تليق بمثله عليه الصلاة والسلام . وقد كان صلى الله عليه وسلم يعلم من علم الساعة ومخاوفها ما لا نعلم نحن .
لكن علمه صلى الله عليه وسلم كان علما إيجابيا ، ولم يكن سلبيا . فالنصيحة لك أن تجعلي ذلك العلم نافعا لك ، فيدفعك إلى مزيد من طاعة الله وإلى مزيد من حسن الخلق وتربية الأولاد والاعتناء بهم وبالزوج .
والتوسط والاعتدال في الأمور هو سبب كل خير ، فالغافل عن الآخرة ، والذي يبالغ في الخوف منها حتى يقع في اليأس والقنوط كلاهما مخطئ ، والمتوسط الذي دفعه ذلك الخوف إلى حسن العمل وحسن الظن بالله هو المصيب الموفق للخير .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android