0 / 0
61,06208/07/2014

الجواب : ما معنى قول أهل العلم عن الحديث : ” صحيح على شرط الشيخين ” ؟

السؤال: 218507

ماذا يقصد الإمام الحاكم عندما يقول “على شرط البخاري ، أو مسلم ، أو على شرط الشيخين”؟ على حد فهمي أنه يقصد بذلك أن رجال السند هم نفس رجال الصحيحين أو أحدهما ، وقد نجد في الترمذي حديثاً من رواية قتيبة بن سعيد ، عن وكيع بن الجراح ، عن سفيان الثوري ، عن سليمان الأعمش ، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس ، فهؤلاء كلهم رجال الصحيحين، فيما يظهر لي ، فهل يمكن القول إذاً إن الحديث على شرط الشيخين ؟
وماذا عن تعليقات البخاري ؟ كيف نتعامل معها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
معرفة كون الحديث صحيحا على شرط الشيخين أمر يحتاج إلى بحث مفرد ، لكن نذكر هنا من أقوال أهل العلم ما يحصل به المقصود ، إن شاء الله .
قال الزركشي رحمه الله :
” قَالَ الْحَافِظ جمال الدّين الْمزي : اصْطِلَاح الْمُتَقَدِّمين إِذا قَالُوا على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم : أَن ذَلِك مخرج على نَظِير رجال الصَّحِيحَيْنِ .
واصطلاح الْمُتَأَخِّرين إِذا كَانَ على رجال الصَّحِيحَيْنِ ، وَبِهَذَا جزم النَّوَوِيّ وَغَيره فَقَالَ: المُرَاد بشرطهما : أَن يكون رجال إِسْنَاده فِي كِتَابَيْهِمَا ، على مَا ذكرنَا .
وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي الْمدْخل : لما كَانَ مُرَاد البُخَارِيّ إِيدَاع الصَّحِيح فِي كِتَابه ، صَار من يروي عَنهُ رِوَايَة موثوقا بِهِ ، فَجَائِز لمن حذا حذوه أَن يحْتَج بِهِ بِعَيْنِه ، وَإِن كَانَ فِي غير ذَلِك الْخَبَر ؛ فَإِذا روى مَالك وَاللَّيْث بن سعد وَعقيل وَيُونُس وَشُعَيْب وَمعمر وَابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ ؛ فقد صَار هَؤُلَاءِ بأجمعهم من شَرطه فِي الزُّهْرِيّ حَيْثُ وجدوا ، إِذا صحت الرِّوَايَة عَنْهُم ، فَأَيهمْ جِيءَ بَدَلا عَن الآخر: كَانَ شَرط البُخَارِيّ فِيهِ مَوْجُودا .

وَقَالَ ابْن طَاهِر: إِن الْأَئِمَّة الْخَمْسَة ، البُخَارِيّ وَمُسلمًا وَأَبا دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ : لم ينْقل عَن وَاحِد مِنْهُم أَنه قَالَ : شرطت فِي كتابي أَن أخرج على كَذَا ؛ لَكِن لما سُبِرت كتبهمْ ، عُلم بذلك شرط كل وَاحِد مِنْهُم ؛ فَشرط البُخَارِيّ وَمُسلم أَن يخرجَا الحَدِيث الْمجمع على ثِقَة نقلته ، إِلَى الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور ، فإن كَانَ للصحابي راويان فَصَاعِدا : فَحسن وَإِن لم يكن لَهُ إِلَّا راو وَاحِد ، وَصَحَّ ذَلِك الطَّرِيق إِلَى ذَلِك الرَّاوِي : أَخْرجَاهُ ، إِلَّا أَن مُسلما أخرج حَدِيث قوم ، وَترك البُخَارِيّ حَدِيثهمْ لشُبْهَة وَقعت فِي نَفسه ، كحماد بن سَلمَة وَسُهيْل بن أبي صَالح .
وَقَالَ الْحَازِمِي: مَذْهَب من يخرج الصَّحِيح أَن يعْتَبر حَال الرَّاوِي الْعدْل : فِي مشايخه ، وفيمن روى عَنْهُم وهم ثِقَات أَيْضا ، وَحَدِيثه عَن بَعضهم صَحِيح ثَابت يلْزمهُم إخراجه ، وَعَن بَعضهم مَدْخُول لَا يصلح إِخْرَاجه إِلَّا فِي الشواهد والمتابعات ، وَهَذَا بَاب فِيهِ غموض ، وَطَرِيقه : معرفَة طَبَقَات الروَاة عَن رَاوِي الأَصْل ، ومراتب مداركهم ” .
انتهى باختصار من ” النكت على مقدمة ابن الصلاح ” (1/ 257-267) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَأَمَّا ” شَرْطُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ “: فَلِهَذَا رِجَالٌ يروي عَنْهُمْ يَخْتَصُّ بِهِمْ ، وَلِهَذَا رِجَالٌ يروي عَنْهُمْ يَخْتَصُّ بِهِمْ، وَهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي رِجَالٍ آخَرِينَ ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّفَقَا عَلَيْهِمْ عَلَيْهِمْ مَدَارُ الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ .
وَقَدْ يَرْوِي أَحَدُهُمْ عَنْ رَجُلٍ فِي الْمُتَابَعَاتِ وَالشَّوَاهِدِ دُونَ الْأَصْلِ ، وَقَدْ يَرْوِي عَنْهُ مَا عَرَفَهُ مِنْ طَرِيقِ غَيْرِهِ ، وَلَا يَرْوِي مَا انْفَرَدَ بِهِ ، وَقَدْ يَتْرُكُ مِنْ حَدِيثِ الثِّقَةِ مَا عَلِمَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ ، فَيَظُنُّ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ : أَنَّ كُلَّ مَا رَوَاهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ يَحْتَجُّ بِهِ أَصْحَابُ الصَّحِيحِ ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ؛ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ عِلَلِ الْحَدِيثِ عِلْمٌ شَرِيفٌ يَعْرِفُهُ أَئِمَّةُ الْفَنِّ : كَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَالْبُخَارِيِّ صَاحِبِ الصَّحِيحِ وَالدَّارَقُطْنِي وَغَيْرِهِمْ .
وَهَذِهِ عُلُومٌ يَعْرِفُهَا أَصْحَابُهَا ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (18/ 42) .
ويقول الشيخ عبد الله الجديع :
” فالواجب اعتباره لفهم شرط الشيخين فيما انتقياه أمور أهمها:
أولاً: أن يلاحظ أنهما يخرجان للراوي أصولاً ومتابعات وشواهد ، فمن خرجا له في غير الأصول ، فليس على شرط الصحيح.
ثانياً: أنهما يخرجان حديث الراوي عن بعض شيوخه ، ولا يخرجانه عن شيخ معين مع ثقة ذلك الشيخ ؛ لكون الراوي عنه ضعيفاً فيه ، وذلك كسفيان بن حسين خرجا له ما لم يكن من حديثه عن الزهري ؛ لأنه كان ضعيفاً فيه.
ثالثاً : يخرجان للشيخ في بعض حديثه ضعف ، فينتقيان منه ما هو محفوظ دون سائره ، كتخريجهما لإسماعيل بن أبي أويس وشبهه.
رابعاً: يخرجان من روايات الثقات الموصوفين بالتدليس ما ثبت أنهم لم يدلسوا فيه، أو الذين اختلطوا في أواخر أعمارهم ، ما ثبت أنه ليس مما ضر به الاختلاط ” .
انتهى من ” تحرير علوم الحديث ” لعبد الله الجديع (2/889-890) .
وينظر للفائدة : “تيسير مصطلح الحديث” ، للدكتور محمود الطحان (ص 55) ، “موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع “، للشيخ خالد الدريس (ص 75).
ثانيا :
أما تصحيح أبي عبد الله الحاكم صاحب المستدرك رحمه الله لكثير من الأحاديث على شرط الشيخين أو أحدهما : فالمعروف عن الحاكم رحمه الله أنه كان متساهلا في التصحيح ، وأنه قد جانبه الصواب في كثير مما صححه على شرط الشيخين أو أحدهما .
قال ابن الصلاح رحمه الله :
” وَهُوَ وَاسِعُ الْخَطْوِ فِي شَرْطِ الصَّحِيحِ ، مُتَسَاهِلٌ فِي الْقَضَاءِ بِهِ ” .
انتهى من ” مقدمة ابن الصلاح ” (ص 22) .
وقال السخاوي رحمه الله :
” هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّسَاهُلِ فِي التَّصْحِيحِ ، وَالْمُشَاهَدَةُ تَدُلُّ عَلَيْهِ ” .
انتهى من ” فتح المغيث ” (1/ 54) .
وينظر ـ للأهمية ـ في المسألتين السابقتين : ” تحرير علوم الحديث” ، للشيخ عبد الله الجديع (2/880-892) .
ثالثا :
التعليق هو حذف راو أو أكثر من أول السند ، وهو كثير في صحيح البخاري بخلاف صحيح مسلم : فإنه قليل جدا .
– فما علقه بصيغة الجزم نحو: قال فلان ، فهو صحيح إلى من علقه إليه .
– وما ذكره بصيغة التمريض ، كيقال ويروى ويذكر ونحو ذلك ، فلا يحكم بصحته ولا بضعفه ، إلا أن الغالب ضعفه .
قال ابن كثير رحمه الله :
” ما علقه البخاري بصيغة الجزم : فصحيح إلى من علقه عنه ، ثم النظر فيما بعد ذلك . وما كان منها بصيغة التمريض فلا يستفاد منها صحة ولا تنافيها أيضاً، لأنه وقع من ذلك كذلك وهو صحيح ، وربما رواه مسلم .
فأما إذا قال البخاري ” قال لنا ” أو ” قال لي فلان كذا “، أو ” زادني ” ونحو ذلك، فهو متصل عند الأكثر ” انتهى من ” الباعث الحثيث ” (ص 34) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” الذي علقه – من المرفوع – بصيغة التمريض : متى أورده في معرض الاحتجاج والاستشهاد ، فهو صحيح أو حسن أو ضعيف منجبر، وإن أورده في معرض الرد فهو ضعيف عنده .
أما الموقوفات: فإنه يجزم بما صح منها عنده ، ولو لم يبلغ شرطه ، ويمرّض ما كان فيه ضعف وانقطاع ” .
انتهى من ” النكت على كتاب ابن الصلاح ” (1/ 342-343) ، وينظر : ” تحرير علوم الحديث ” للجديع (2/851-855) .
والله تعالى أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android