مشكلتي أنني أشعر بأني ظلمت صديقتي ، والآن أعيش في خوف من غضب الله على الظالم وعقابه ، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما ذنب أجد أن يُعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدّخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم)
، قبل عامان انتقلت من الشركة التي كنت أعمل بها لشركة أخرى ، وبها عدة زميلات ، وجميع الموظفين استقبلوني استقبالا به ترحيب إلا فتاة واحدة ، اعتبرت مجيئي منافسة ، وإني آخذ مكانها ، ولأني عاملتها بالحسنى أعجبت بأخلاقي وشخصيتي ، وصارت صديقتي ، وانتقل كل منا لوظيفة أخرى ، وتواصلنا كثيرا ، سوف أختصر لكم عيوبها :
– إنها اتكالية بشكل كبير .
– عمق محبتي لها ، ومبادراتي في كشف همها ، والسعي لمساعدتها جعلها تتكبر علي وتتمادي في طلباتها ، ولم تكترث لتعبي أو لحزني ، ولم تسأل حتى عن أحوالي.
– كثيرة الشكوى والتذمر ، وترغب مني أن أشاركها همومها ، وأسمعها وهي لا تبادل بالمثل وتحب المجاملات كثيرا ، وتكره الانتقاد ، وليست تحمل أدنى مسؤولية.
– إذا تقرب منها أحد فجأة ترمي بي خارج اهتمامها ومحيطها ، وتتغير علي ؛ مما جعلني أحس بأن وجودي في حياتها ومحبتها لي مجرد انجراف عاطفي نتيجة إعجاب أو نزوة مؤقتة.
– رغم أنها أكبر مني ب 4 سنوات ، إلا أنني أرى بأن تصرفاتها بها تهور وطيش ، وتحب المظاهر بشكل كبير ، ولا تكترث بتراكم الديون المالية على عاتقها.
كان أمامي خياران أما أن احتسب لمعروفي لها الأجر من الله ، وأتركها تفعل ما تريد ، وأصبر على عيوبها ، أو أصارحها بكل عيوبها ، وانزعاجي منها أملا أن تتغير للأفضل ، وهنا احتمال أن أخسرها فقررت الخيار الثاني وخسارتها.
الآن موضوعي معها انتهى بفراق ، ولكن أريد الجواب منكم هل أنا ظالمة أم مظلومة ؟
هل الحل الذي اتخذته صحيح ؟
وماذا يجب أن افعل مع هذه المشكلة حتى يرضى الله تعالى عني ؟
صارحت زميلتها بكل عيوبها وتخشى أن تكون ظالمة لها
السؤال: 218649
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
نشكر الله لك هذا الشعور الطيب تجاه زميلاتك .
أوصيك أختي السائلة بالتالي :
أولا :
من الطبيعي جدا أن يحصل بين الزملاء في العمل بعض المشكلات ، لاسيما إذا انضم إليهم شخص جديد لا يعرفونه يجعلهم يشعرون بتوجس وتخوف من وجوده معهم ، بل إن بعض الشخصيات تظن أنه سيحل محلها ، ولعل هذا ما كانت تشعر به تلك الزميلة .
ثانيا:
من خلال ما ذكرت لم يتبين لي أنك ظالمة ، ولست مظلومة أيضا، والذي ينقصك هو فهم شخصية هذه الزميلة والتعامل معها بالأسلوب الذي يناسبها.
ثالثا:
الذي يظهر لنا أن ما فعلتيه غير صحيح فكثير من الناس – للأسف- يزعجهم جدا مواجهتهم بأخطائهم ، وينفرون ممن يفعل هذا معهم ، وهناك احتمال أن تكون تلك الأخطاء هي أخطاء من وجهة نظرك أنت ، أو هذا الذي كنت تظنين مع أن الأمر لم يكن كذلك ، وأن تصرفات تلك الزميلة قد يكون لها ما يبررها ، أو هي مجرد اختلاف في وجهات النظر ، وقد كان الأولى أن تخففي تواصلك معها تدريجيا حتى تصبح علاقتك بها عادية ، وأن لا تصاريحها ما دمت تعلمين أن ذلك سيؤثر فيها، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها : ” أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( ائْذَنُوا لَهُ ، فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ ) [الْمُرَاد بِالْعَشِيرَةِ قَبِيلَته], أَيْ بِئْسَ هَذَا الرَّجُل مِنْهَا ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ .
قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ ، قَالَ : ( يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ ).
رواه البخاري (6131) ، ومسلم (2591).
( اتقاء فحشه) أي لأجل قبيح قوله وفعله .
والنصيحة لك أختي الكريمة أن تحافظي على قدر من العلاقة والمحبة والمودة مع تلك الزميلة من غير أن تتعمقي في تلك العلاقة ، واحرصي على الصحبة الصالحة التي تقربك إلى الله وتزيدك هدى وصلاحا.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب