امرأة تشتكي من تقصير زوجها معها وانه لم يجامعها منذ سنة وستة أشهر وأنه لم يعطها حقها في المعاشرة الزوجية ، رغم أنه إذا دعاها لم ترفض ، لكن هو لم يدعها إلى ذلك ؛ فما حكم ذلك؟ وما ينبغي لها أن تفعل ؟ وهل يجوز لها طلب الطلاق ؛ لأنه يرفض معاشرتها ، ويقول : إنها تهجره ، لكن هي لم تفعل ذلك ؟
هجرها زوجها في الفراش سنة ونصف
السؤال: 218686
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
ينبغي أن يحرص الزوجان على أداء الحقوق والواجبات ، وإحسان العشرة ، وبذل الفضل والمعروف ، وحل المشكلات التي قد تواجههما ، في جو من الود والتفاهم ، عملا بقوله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، وقوله : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228
ثانيا :
لا يجوز للرجل أن يهجر زوجته هذه المدة في الفراش ، إلا أن تكون ناشزا ، أي : عاصية له ، لا تقوم بحقه الواجب عليها له ، فيباح هجرها حينئذ حتى تتوب ، لقوله تعالى : ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء/34.
وأما مع عدم النشوز فلا يحل هذا الهجر لأمرين :
الأول : أنه يجب على الزوج أن يعف زوجته ، وأن يجامعها بقدر حاجتها ، وقُدرته .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن الرجل إذا صبر على زوجته الشهر ، والشهرين ، لا يطؤها ، فهل عليه إثم أم لا ؟ وهل يطالب الزوج بذلك ؟
فأجاب : ” يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف ، وهو من أوكد حقها عليه ، أعظم من إطعامها ، والوطء الواجب ، قيل : إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة ، وقيل : بقدَر حاجتها وقُدْرته ، كما يطعمها بقدَر حاجتها وقُدْرته ، وهذا أصح القولين ” . انتهى من “مجموع الفتاوى(32 / 271) .
والثاني : أن من امتنع عن وطء امرأته – غير الناشز – أربعة أشهر ، كان في حكم المولي ، فيؤمر بالوطء أو بالطلاق ، فإن أبى الطلاق طلّق عليه القاضي .
قال علماء اللجنة الدائمة : ” مَن هجر زوجته أكثر من ثلاثة أشهر : فإن كان ذلك لنشوزها ، أي : لمعصيتها لزوجها فيما يجب عليها له من حقوقه الزوجية ، وأصرت على ذلك بعد وعظه لها وتخويفها من الله تعالى ، وتذكيرها بما يجب عليها من حقوق لزوجها : فإنه يهجرها في المضجع ما شاء ؛ تأديبا لها حتى تؤدي حقوق زوجها عن رضا منها ..
أما إن هجر الزوج زوجته في الفراش أكثر من أربعة أشهر ، إضراراً بها ، من غير تقصير منها في حقوق زوجها : فإنه كمُولٍ ، وإن لم يحلف بذلك ؛ تُضرب له مدة الإيلاء ، فإذا مضت أربعة أشهر ولم يرجع إلى زوجته ويطأها في القبل ، مع القدرة على الجماع ، إن لم تكن في حيض أو نفاس : فإنه يؤمر بالطلاق ، فإن أبى الرجوع لزوجته ، وأبى الطلاق :طلَّق عليه القاضي ، أو فسخها منه ، إذا طلبت الزوجة ذلك ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” برقم :(20443) .
ثالثا:
النصيحة لك أن تتأملي في سبب هجره لك ، لعلك قصّرتِ في التزّين له ، أو لعله يعاني من أمراض أو مضايقات يحتاج من يعينه على علاجها .
فاجلسي معه جلسة هادئة لا جلسة لوم وتقريع لمناقشة أسباب هذا الأمر ، فإذا لم يفد ذلك فوسطي من عقلاء أهلك أو أهله من يستطيع حل الأمر ، فإذا لم يفد ذلك كله ، فلا حرج عليك عندئذ أن ترفعي أمرك إلى القاضي وتطلبي الطلاق دفعاً للضرر الواقع عليك .
وإن اخترت الصبر رجاء أن يهدي الله تعالى زوجك ويرجع عن ظلمه : فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى بشرط ألا يكون في ذلك عنت لك ، ولا تعريض للفتنة بسبب هجره .
نسأل الله أن يجمع بينكما في خير .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب