ما صحة الأحاديث المذكورة في مسند الإمام الربيع بن حبيب رحمة الله تعالى عليه ؟
وعندما سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الإمام الربيع بن حبيب رضي الله تعالى عنهما قال: ” لا أرى فيه بأسا” ، فأرجو توضيح الأمر .
حقيقة كتاب الإباضية : مسند “الربيع” !!
السؤال: 218735
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
مما أنعم الله به على هذه الأمة : أن سخر لها من رجالها : علماء أئمة ، من أهل الصدق والأمانة والمعرفة ، قاموا على خدمة السنة النبوية ، فاعتنوا بالحديث النبوي ، فرووه بأسانيدهم ، وأثبتوه في مصنفاتهم ، واعتنوا برواته جرحا وتعديلا ، وبينوا للناس الصحيح من السقيم ، والمحفوظ من المعلول ، والموصول من المنقطع ، ومن عرفوه من رواته ، ووثقوه : فهو الثقة ، ومن عرفوه فجرحوه فهو الضعيف ، ومن جهلوه : فهو المجهول الذي لا يعول على روايته ، ولا يوثق بشيء من نقله .
ثانيا :
الربيع بن حبيب ، صاحب المسند الزعوم : رجل مجهول ، بل لا وجود له أصلا ؛ إنما ينتحله الإباضية ، وينسبونه إلى العلم ، ويدعون أن له مسندا يروي فيه الأحاديث على طريقة أهل الحديث ، وأن أحاديثه من أصح الأحاديث .
وهذا قول مختلق باطل ، لا يعول عليه إلا جاهل ، أو منحرف .
والإباضية إحدى فرق الخوارج ، وتنسب إلى مؤسسها عبد الله بن إباض التميمي ، ولهم مجموعة من العقائد والأفكار المنحرفة ، التي يخالفون فيها أهل السنة والجماعة ، انظر – للتعرف عليهم ، وعلى عقائدهم – إجابة السؤال رقم : (11529) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
” الربيع بن حبيب – وهو الفراهيدي – : إباضي مجهول ، ليس له ذكر في كتب أئمتنا، ومسنده هذا هو ” صحيح الإباضية “! وهو مليء بالأحاديث الواهية والمنكرة ” انتهى من “سلسلة الأحاديث الضعيفة” (6/304) .
وقال الشيخ مشهور في كتابه ” كتب حذر منها العلماء ” (2/295/296) :
” طبع هذا المسند باسم ” الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع بن حبيب بن عمر الأزدي البصري” في مجلد واحدٍ في أربعة أجزاء ، ومؤلفه نكِرَةٌ مَجهولٌ غيرُ معروف ، ولم أعثرْ له على ترجمة إلاَّ في ” الأعلام ” للزِّركليِّ (3/14) ، وهو قد أخذها من مطلع هذا الكتاب!
ولذا ؛ قال شيخُنا الألبانِيُّ في ” صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ” (ص 188) :
” … رواه ربيعُهم في مسنده المجهول ” .
وقال أيضا في رده على الأستاذ عز الدين بليق عند قوله : (ص 8) في كتابه “منهاج الصالحين” : ” وقد انتقيت أكثر الأحاديث من كتب الحديث الستة ، والجامع الصحيح مسند الربيع بن حبيب.. ” ، قال شيخنا حفظه الله تعالى : ” … الربيع هذا ليس إماما من أئمتنا ، وإنما هو إمام لبعض الفرق الإسلامية من الخوارج ، وهو نكرة لا يعرف هو ولا مسنده عند علمائنا ” انتهى .
وقال الشيخ سعد الحميد حفظه الله :
” مسند الربيع بن حبيب المسمى بـ : ” الجامع الصغير ” هذا الكتاب لا شك في أنه موضوع مكذوب ، وليس هذا فقط ، بل إنه وضع في هذه الأعصار المتأخرة . والدليل على ذلك ما يلي :
1- لا يوجد للكتاب أصل مخطوط موثوق .
2- الربيع بن حبيب الفراهيدي شخصية لا وجود لها في التاريخ ، ولم تلدها أرحام النساء ، وإنما نسجها خيال الإباضية لنصرة باطلهم .
3- شيخ الربيع في كثير من المواضع في هذا الكتاب هو أبو عبيدة مسلم ابن أبي كريمة التيمي بالولاء ، الذي يزعمون أنه تزعم الحركة الإباضية بعد جابر بن زيد ، وتوفي في عهد أبي جعفر المنصور سنة 158هـ ، وهذا أيضاً لا توجد له ترجمة ، ونقول عنه كما قلنا عن الربيع بن حبيب .
4- مرتِّب الكتاب هو أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني ، وهو – كما يزعمون – متأخر في القرن السادس ، وما قلناه عن الربيع وشيخه ، نقوله عن هذا أيضاً ، لأنه لا توجد له ترجمة في كتب الرجال التي عنيت بترجمة أهل ذلك العصر كالتكملة لوفيات النقلة ، أو سير أعلام النبلاء ، أو تاريخ الإسلام ، أو غيرها ، فجميع هذه الشخصيات التي لها علاقة مباشرة بالكتاب شخصيات مجهولة ، ندين الله عز وجل بأنها لم تنفخ فيها روح ، ولم تطأ على أرض .
5- لو كان هذا الكتاب موجوداً منذ ذلك التاريخ الذي يزعمونه سنة 170 هـ تقريباً ، وأحاديثه معروفة ، لاشتهر شهرة عظيمة بسبب أسانيده العالية ، وكان الأقدمون من علمائنا يحرصون حرصاً بالغاً على علو الإسناد – كما هو حال هذا الكتاب – ولم يكونوا يمتنعون من الرواية عن الخوارج ، فقد رووا عن عمران بن حطّان الذي امتدح عبد الرحمن بن ملجم في قتله علياً رضي الله عنه ، فمن المعروف أن البخاري أخرج له في صحيحه ، فلو كان الربيع – وإن كان خارجياً – يروي هذه الأحاديث وهو ثقة ، لكان معروفاً ، ولعرف الكتاب ، ولعرفت تلك الأحاديث ، حتى وإن كان غير مرضي عنه “
http://www.norelhaq.com/vb/archive/index.php/t-20352.html
ثالثا :
أما الربيع بن حبيب الذي قال فيه الإمام أحمد : ” ما أرى به بأسا ” فهو الربيع بن حبيب الحنفي ، أبو سلمة البصري ، وهو رجل ثقة معروف ، وثقه أحمد ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم .
انظر : “تهذيب التهذيب” (3/ 241) .
وهذا الراوي الثقة المعروف ، ليس هو المجهول ، صاحب مسند الإباضية ، وما أكثر تشابه الأسماء في كتب الحديث ، والنسبة واضحة في الفرق بينهما .
وحاصل ذلك :
أن ما كان في هذا المسند من أحاديث صحيحة معروفة عند أهل العلم بالحديث ، فهي أحاديث صحيحة مقبولة ، لا لأنها مروية في هذا المسند ، ولكن لأنها صحيحة عند أهل العلم بالحديث من أهل السنة ، ومن كتبهم تؤخذ ، وعنهم تنقل .
وأما ما سوى ذلك : فلا يعول عليه ، ولا اعتبار بشيء من متون ذلك المسند ، ولا أسانيده .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة