0 / 0
20,08916/11/2014

فوارق مهمة بين مجموعة من كتب التراجم

السؤال: 219245

ما الفرق بين الكتب التالية ، وأيها يغني عن الآخر ؟
– تهذيب الكمال للمزي .
– تهذيب التهذيب لابن حجر ، تقريب التهذيب لابن حجر .
– الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة للذهبي ، ميزان الاعتدال للذهبي .
– لسان الميزان لابن حجر ، سير أعلام النبلاء للذهبي ، الكامل في الضعفاء لابن عدي .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

طالب العلم لا يستغني عن أي كتاب ، حتى لو كان مختصرا لكتاب آخر ، أو مستلا منه ، فغالبا ما سيجد فيه إضافة علمية مهمة يحتاجها في بحثه ودرسه ، فقد كان من هدي العلماء الأوائل الحرص على تقديم الجديد في مؤلفاتهم وكتبهم ، كي لا تذهب أوقاتهم هدرا في تكرار علم اشتملت عليه الكتب الأخرى ، وخاصة كتب الحديث .
فكتب التراجم وعلم الرجال إذن – كلها بمجموعها – تشكل موسوعة تاريخية لا نظير لها في الدنيا ، ولا يستغني عنها طالب العلم الباحث المدقق .
وبيان ذلك أن كلا من ” تهذيب الكمال “، و ” تهذيب التهذيب “، و ” تقريب التهذيب “، و ” الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة “، هي مختصرات وإضافات ترجع إلى أصل واحد ، هو كتاب ” الكمال في معرفة أسماء الرجال ” لعبد الغني المقدسي (ت600هـ) ، إلا أن كل كتاب من هذه تميز بأمور لا تجدها في غيره .
فـ ” تهذيب الكمال ” أضاف إلى ” الكمال ” مئات التراجم التي فاتته ، كما قال مؤلفه نفسه الإمام المزي رحمه الله :
” تتبعت الأسماء التي حصل منه إغفالها ، فإذا هي أسماء كثيرة ، تزيد على مئاتٍ عديدة من أسماء الرجال والنساء . ثم وقفت على عدة مصنفات لهؤلاء الأئمة الستة غير هذه الكتب الستة ، فإذا هي تشتمل على أسماء كثيرة ليس لها ذكر في الكتب الستة ، ولا في شيء منها ، فتتبعتها تتبعاً تامّاً ، وأضفتها إلى ما قبلها ، فكان مجموع ذلك زيادة على ألف وسبعمائة اسم من الرجال والنساء ” انتهى من ” تهذيب الكمال ” (1/148) .
و” تهذيب التهذيب ” مثلا اختصر من أسماء الشيوخ والتلاميذ لكل راو ما يضطرك إلى الأصل المطبوع في ” تهذيب الكمال ” في كثير من الأحيان ، ولكنه أضاف على المزي كثيرا من أقوال المجرحين أو المعدلين التي فاتته ، كما قال ابن حجر رحمه الله :
” اقتصرت من شيوخ الرجل ومن الرواة عنه – إذا كان مكثراً – على الأشهر والأحفظ والمعروف …ومهما ظفرت به بعد ذلك من تجريح وتوثيق ألحقته ، ولا أحذف من رجال ” التهذيب ” أحداً ، بل ربما زدت فيهم من هو على شرطه ” انتهى من ” تهذيب التهذيب ” (1/4) .
وأما كتاب ” تقريب التهذيب ” فهو مختصر جدا ، لا ينفع الباحث في التعرف المفصل على الراوي وبيان حاله ، ولكنه تميز بذكر خلاصة الحكم على الراوي ، في رأي المؤلف ، الأمر الذي لا تجده في الكتب السابقة ، كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” يتضمن الحسنى التي أشار إليها وزيادة ، وهي : أنني أحكم على كل شخص منهم بحكم يشمل أصح ما قيل فيه ، وأعدل ما وصف به بألخص عبارة ، وأخلص إشارة ، بحيث لا تزيد كل ترجمة على سطر واحد غالباً ” انتهى من ” مقدمة تقريب التهذيب “.
وكذلك حال كتاب ” الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة ” للإمام الذهبي ، فهو مختصر جدا ، لا يفيد الباحث في معرفة الشيوخ والتلاميذ وأقوال النقاد والسماع والاتصال والانقطاع ونحو ذلك ، وحذف منه تراجم الرواة في غير الكتب الستة تحديدا ، ولكن فيه إضافة نافعة ، وهي أيضا ذكر خلاصة حكم الإمام الذهبي على الراوي بكلمات معدودة .
قال الذهبي في مقدمته : ” اقتصرت فيه على ذكر من له رواية في الكتب الستة دون باقي تلك التواليف التي في ” التهذيب “، ودون من ذُكِرَ للتمييز أو كُرِّر للتنبيه ”
وهكذا كل كتاب مما سبق فيه بعض الميزات التي لا توجد في غيره ، وفيه نواقص نسبية ، بمعنى أن هذه النواقص قد لا تكون مهمة لبعض الباحثين ، وقد تكون ضرورية لآخرين ، بحسب الباحث ونوع البحث الذي يجريه . لكن في المجمل العام ، طالب العلم الجاد لا يستغني عن شيء منها .
أما الكتب الأخرى ، فكتاب ” ميزان الاعتدال ” للحافظ الذهبي جمع فيه كل من ضعفه أحد النقاد من الرواة ، سواء من رواة الكتب الستة أو غيرهم ، وسواء كان التضعيف بحق أم بغير حق ، ولم يستثن سوى الصحابة وأئمة المذاهب المتبوعة .
يقول رحمه الله :
” احتوى كتابي هذا على ذكر الكذابين الوضاعين المتعمدين قاتلهم الله ، وعلى الكاذبين في أنهم سمعوا ولم يكونوا سمعوا ، ثم على المتهمين بالوضع أو بالتزوير ، ثم على الكذابين في لهجتهم لا في الحديث النبوي ، ثم على المتروكين الهلكى الذين كثر خطؤهم وترك حديثهم ولم يعتمد على روايتهم ، ثم على الحفاظ الذين في دينهم رقة ، وفي عدالتهم وهن ، ثم على المحدثين الضعفاء من قبل حفظهم ، فلهم غلط وأوهام ، ولم يترك حديثهم ، بل يقبل ما رووه في الشواهد والاعتبار بهم لا في الأصول والحلال والحرام ، ثم على المحدثين الصادقين أو الشيوخ المستورين الذين فيهم لين ، ولم يبلغوا رتبة الأثبات المتقنين ، ثم على خلق كثير من المجهولين ممن ينص أبو حاتم الرازي على أنه مجهول ، أو يقول غيره : لا يعرف ، أو فيه جهالة ، أو يجهل ، أو نحو ذلك من العبارات التي تدل على عدم شهرة الشيخ بالصدق ، إذ المجهول غير محتج به ، ثم على الثقات الأثبات الذين فيهم بدعة ، أو الثقات الذين تكلم فيهم من لا يلتفت إلى كلامه في ذلك الثقة ، لكونه تعنت فيه ، وخالف الجمهور من أولي النقد والتحرير ، فإنا لا ندعى العصمة من السهو والخطأ في الاجتهاد في غير الأنبياء ” .
انتهى من ” ميزان الاعتدال ” (1/3).
ثم جاء الحافظ ابن حجر واختصر من ” ميزان الاعتدال ” كل التراجم الموجودة في ” تهذيب التهذيب “، وأضاف عليه من وصف بالضعف وفات الذهبي ذكره ، وسمى كتابه ” لسان الميزان “، فمن اقتنى ” تهذيب التهذيب ” و ” لسان الميزان ” أغناه إن شاء الله عن ” ميزان الاعتدال “.
يقول ابن حجر رحمه الله :
” من أجمع ما وقفت عليه في ذلك كتاب ” الميزان ” الذي ألفه الحافظ أبو عبد الله الذهبي ، رأيت أن أحذف منه أسماء من أخرج له الأئمة الستة في كتبهم أو بعضهم ، فلما ظهر لي ذلك استخرت الله تعالى ، وكتبت منه ما ليس في تهذيب الكمال…وقد جمعت أسماءهم – أعني من ذكر منهم في الميزان – وسردتها في فصل آخر الكتاب ، ثم إني زدت في الكتاب جملة كثيرة… وما زدته في أثناء ترجمة ختمت كلامه بقول انتهى وما بعدها فهو كلامي ، وسميته لسان الميزان ” انتهى من ” لسان الميزان ” (1/192) .
وأما كتاب ” الكامل في ضعفاء الرجال ” لابن عدي ، فيغني عنه ما سبق من الكتب ، فقد استوعب ما فيه كل من ابن حجر والذهبي رحمهما الله ، ومع ذلك فمن أراد التدقيق لم يكتف بالكتب التي تنقل عنه ، بل يرجع إلى المصدر مباشرة ، كي يقف على الترجمة المطولة ، ويدقق في دقة النقل عنه أصلا ، فكثيرا ما تقع الأوهام في نقل آراء ابن عدي ، وكثيرا ما تتضح في تراجم ابن عدي أحوال الرواة بشكل أفضل ، لما تميز به من جمع مناكير الراوي وما أخذ عليه في ترجمته . وهذا المنهج لا بد أن يستفاد منه في أي عمل موسوعي قادم .
يبقى أخيرا الحديث حول كتاب ” سير أعلام النبلاء ” للإمام الذهبي ، فهو من الموسوعات المهمة للباحث ، لما فيه من جمع عريض ، وتراجم شاملة ، ليست لرواة الحديث فحسب ، بل لكل من عرفه الذهبي من المشاهير عنده ، من الأمراء والعلماء والمصنفين وغيرهم من كل من كان له ذكر في التاريخ الإسلامي ، بل فيه تراجم لغير المسلمين أيضا . فهو كتاب مهم ، ومرجع أساس للباحث في التراث .
يقول الدكتور بشار عواد معروف :
” استعمل الذهبي لفظ ” الأعلام ” ليدل على المشهورين جدا بعرفه هو ، لا بعرف غيره ، ذلك أن مفهوم ” العَلَم ” يختلف عند مؤلف وآخر استنادا إلى عمق ثقافته ، ونظرته إلى البراعة في علم من العلوم ، أو فن من الفنون ، أو عمل من الأعمال ، أو أي شيء آخر . لذلك وجدنا أن سعة ثقافة الذهبي ، وعظيم اطلاعه ، وكثرة معاناته ودربته بهذا الفن ، قد أدت إلى توسيع هذا المفهوم ، بحيث صرنا نجد تراجم في ” السير ” مما لا نجده في كتب تناولت المشهورين ، مثل ” المنتظم ” لابن الجوزي ، و ” الكامل ” لابن الأثير ، و ” البداية ” لابن كثير ، و ” عقد الجمان ” لبدر الدين العيني ، وغيرها .
لم يقتصر الذهبي في ” السير ” على نوع معين من ” الأعلام “، بل تنوعت تراجمه فشملت كثيرا من فئات الناس ، من الخلفاء ، والملوك ، والأمراء والسلاطين ، والوزراء ، والنقباء ، والقضاة ، والقراء ، والمحدثين ، والفقهاء ، والأدباء ، واللغويين ، والنحاة ، والشعراء ، وأرباب الملل والنحل والمتكلمين والفلاسفة ، ومجموعة من المعنيين بالعلوم الصرفة ” .
انتهى من ” سير أعلام النبلاء ” (طبعة الرسالة، المقدمة/ 110) .
نرجو أن نكون قد بينا في هذه العجالة تعريفا موجزا بهذه الكتب ، والفوارق بينها ، وما تميز كل منها عن الآخر .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android