تنزيل
0 / 0
17,79012/08/2014

يريد طلاق امرأة أجبره والداه على الزواج منها , لينتظر الزواج من امرأة متزوجة يحبها بعد أن تفارق زوجها

السؤال: 219682

تزوجت منذ بضعة أشهر ، وأعيش الآن في السعودية ، بينما زوجتي تعيش في باكستان ، ولم أدخل بها منذ أن تزوجتها ؛ لأن هذا الزواج فُرض عليّ من قبل أبوي فرضا ، وهي كذلك لا ترغب بي .
إنني أحب امرأة أخرى ، متزوجة ، كان بيني وبينها علاقة سابقة ، لم تصل الى الزنا – والعياذ بالله – ، ولست أشجعها على ترك زوجها ، بل هي من تريد تركه ؛ لأنها غير سعيدة معه ، وستتركه عاجلاً أم آجلا، لأسباب شخصية لا علاقة لي بها على الإطلاق ، ومع هذا قررنا إنهاء علاقتنا من أجل الله تبارك وتعالى ، وأن ننتظر إلى إن نتزوج ، وقد تبنا – ولله الحمد – ، ولا أخفيكم أني ما زلت أحبها حباً جماً ، وقد قطعت لها عهداً بأن أنتظرها إلى آخر يوم في حياتي ، فإن كتب الله لنا لقاء واجتماعاً في هذه الدنيا فبها ونعمة ، وإلا فالموعد الآخرة .
وأسئلتي الآن هي :
– هل يجوز شرعاً أن تنتظر امرأة متزوجة وأن تكرس نفسك من أجلها رغم أنك متزوج ؟
– هل يصح أن ادعو الله بأن يجمعني بها في هذه الدنيا على خير وبركة ؟
– أعلم جيداً أن لزوجتي الحالية حقوقا عليّ لا يصح التفريط بها لكن لكون هذا الزواج فرض علينا فرضاً ، فإني أرى أن من الخير لكلينا أن أطلقها ؛ حتى تتزوج برجل آخر تسعد معه ، وتعيش حياة هنيئة ، أمّا أنا فأعلم من نفسي أني غير قادر على الوفاء بحقوقها . فما رأيكم ؟ وهل هناك أسباب منطقية أخرى لمفارقتها من وجهة نظركم ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:
ما حدث من أبويك حين أجبراك على الزواج من امرأة لا تريدها أمر لا يجوز , إذ لا يحق
للوالدين ولا لأحدهما أن يجبر ولده على الزواج ممن لا يريد ، وليتأمل الوالد الذي
يريد أن يفعل ذلك في حاله ، هل كان يقبل أن يجبره أحد والديه على الزواج ممن لا
يريد ؟ بالطبع لا , فليس ذلك من مصلحة الولد في شيء ، فإن الزواج إذا لم يكن عن رضى
تام ، فإنه عرضة للفشل .
وإذا رفض الابن أو البنت تنفيذ رغبة الأب ، ورفض النكاح ممن يريده الأب ، فإنه لا
يكون عاقاً بذلك ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ” :وليس للأبوين إلزام
الولد بنكاح من لا يريد ، فإن امتنع لا يكون عاقاً ، كأكل ما لا يريد ” انتهى من
“الاختيارات” (ص 344) . .
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ما الحكم إذا أراد الأب أن يزوج
ابنه من امرأة غير صالحة ؟ وما الحكم إذا رفض أن يزوجه من امرأة صالحة ؟
فأجاب “لا يجوز أن يجبر الوالد ابنه على أن يتزوج امرأة لا يرضاها ، سواء كان لعيب
فيها : ديني أو خُلقي أو خلقي ، وما أكثر الذين ندموا حين أجبروا أولادهم أن
يتزوجوا بنساء لا يريدوهن ، لكن يقول : تزوجها لأنها ابنة أخي ، أو لأنها من قبيلتك
، وغير ذلك ، فلا يلزم الابن أن يقبل ، ولا يجوز للوالد أن يجبره عليها .
كذلك لو أراد الولد أن يتزوج بامرأة صالحة ، ولكن الأب منعه ، فلا يلزم الابن طاعته
، فإذا رضي الابن زوجة صالحة ، وقال أبوه : لا تتزوج بها ، فله أن يتزوج بها ولو
منعه أبوه ، لأن الابن لا يلزمه طاعة أبيه في شيء لا ضرر على أبيه فيه ، وللولد فيه
منفعة ، ولو قلنا : إنه يلزم الابن أن يطيع والده في كل شيء حتى ما فيه منفعة للولد
، ولا مضرة فيه على الأب : لحصل في هذا مفاسد ، ولكن في مثل هذه الحال : ينبغي
للابن أن يكون لبقاً مع أبيه ، وأن يداريه ما استطاع ، وأن يقنعه ما استطاع ” .
انتهى من ” فتاوى المرأة المسلمة ” (2/640، 641) ، ترتيب أشرف بن عبد المقصود .
ثانيا:
من حق زوجك عليك أن تعاشرها بالمعروف , وأن تحسن صحبتها ما دامت في عصمتك , وأن
تعطيها جميع حقوقها ، قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ من الآية 228 ، وقال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/ من الآية 19 .قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله –
: ” وهذا يشمل المعاشرة القولية ، والفعلية ، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته ببذل
النفقة ، والكسوة ، والمسكن ، اللائق بحاله ، ويصاحبها صحبة جميلة ، بكف الأذى ،
وبذل الإحسان ، وحسن المعاملة ، والخلق ، وأن لا يمطلها بحقها ، وهي كذلك عليها ما
عليه من العشرة ، وكل ذلك يتبع العرف ، في كل زمان ، ومكان ، وحال ، ما يليق به” .
انتهى من ” تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير الأحكام ” ( ص132 ) .

فإن لم تستطع إعطاءها حقوقها
من العشرة الحسنة : فسرحها بالمعروف ، وتخلص من عذابك بها ، وعذابها بك ؛ قال تعالى
: ( فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) البقرة/ من
الآية 231 .

ولكن تنبه قبل الإقدام على
الطلاق إلى أمر مهم نبه عليه القرآن الكريم , وهو أنك إن كنت تكره زوجتك لعدم
التوافق بينكما ، فقد يجعل الله سبحانه في إمساكها وعدم طلاقها خيراً عظيماً عميماً
، إذا تجاوزت الماضي بما فيه ، وجاهدت نفسك على إعطائها حقوقها ، وتقبلتها ،
وتقبلتك ؛ فقد تُرزق أنت بسبب تدينها ، وطاعتها ، ودعائها ، وقد تُرزق منها بذرية
صالحة طيبة ، تكون لك ذخراً في الدنيا ، والآخرة ، قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً
وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء/ من الآية 19 .
قال الإمام ابن كثير -رحمه الله : ” وقوله تعالى : ( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ
فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلُ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً ) ، أي :
فعَسَى أن يكون صبركم ، مع إمساككم لهن وكراهتهن : فيه خير كثير لكم ، في الدنيا
والآخرة ، كما قال ابن عباس في هذه الآية : هو أن يَعْطف عليها ، فيرزقَ منها ولداً
، ويكون في ذلك الولد خير كثير ، وفي الحديث الصحيح : ( لا يَفْرَك مؤمنٌ مؤمنةً ،
إن سَخِطَ منها خُلُقا رَضِيَ منها آخر ) انتهى من ” تفسير ابن كثير ” ( 2 / 243 )
.
ثالثا:
أما تعلقك بهذه المرأة المتزوجة فأمر لا بد من مجاهدته جهادا كبيرا , وقطع ما عسى
أن يترتب عليه من تعاملات ظاهرة , فلا تنشغل بها , ولا تتدخل في أمورها , ولا
تتواصل معها , ولا تنتظر منها قليلا أو كثيرا , خصوصا وأنه قد كان بينكما قبل
زواجها أمور فيها معصية لله سبحانه وتعد لحدوده , فلا تأمن أن يستدرجكما الشيطان
فتنتكسا في السوء مرة أخرى .
وأما انتظارها عسى أن تتاح لك فرصة للزواج منها دون أن تتدخل للإفساد بينها وبين
زوجها فأمر لا ننصحك به , فربما تستمر حياتها مع زوجها ولا تنفصل عنه بطلاق ونحوه ,
فتظل أنت تكابد مرارة الصبر وحرارة الترقب فيضيع منك العمر عبثا وتفوتك فرصة الزواج
وهذا أمر لا يُقْدم عليه عاقل إذ لا مصلحة فيه .
بل إن ما ذكرته من أنك قطعت لها عهدا أن تنتظرها ، مع أنها متزوجة : هو تخبيب واضح
، وإفساد لها على زوجها ، خاصة وبينهما من النفرة أو المشكلات ، كما ذكرت أنت ما
بينهما ، فكم من زوجة تصطبر على ما تلاقيه من زوجها ، وترى أو وجودها معه خير ، ولا
تفكر في أن تنفصل عنه ، لأنها لا ترى حلا آخر ، وترضى بقدرها ؛ حتى إذا ما بدا لها
أمل أو طمع ، أنها متى تركته وجدت غيره : سعت في التطلق منه ، لتتزوج بمن رغبته .

وينظر حكم زواج الرجل بامرأة تطلقت لأجله : جواب السؤال رقم : (84849)
.

وأما الدعاء بأن يرزقك الله
سبحانه الزواج منها ، وهي متزوجة : فلا يجوز ؛ لأن فيه اعتداء على حق زوجها ، كما
سبق بيانه في الفتوى رقم : (138396).

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android