0 / 0
26,27614/04/2015

يعاني من وسواس شديد

السؤال: 219769

خلصت الكلية من سنتين ، ولم أجد عملا ، وهذا الموضوع أعتبني جدا ، أصبح يأتي لي تعب في قلبي ، ذهبت لدكتور قلب وعملت تحاليل وأشعة وإيكو ، قال : ليس عندك شيء ، وبقى التعب يذهب أحيانا ويرجع أحيانا مع تعب في القولون ، وأصبحت أفكر كثيرا في الموت ، وأصبحت أخاف أركب المواصلات حتى لا يحصل لي حادثة وأموت موتة شنيعة ، القولون أتعبني جداً ، ذهبت لدكتور قال : لا بد أن تعرض نفسك علي دكتور نفسي ، فعندك مشكلة نفسية ستزيد لو لم تتعالج ، وخوفني بكلامه ، وبقيت أفكر في المرض النفسي ، أحس أن رأسي ستنفجر من كثرة التفكير ، وكان لي عم مجذوب ، أو تقريبا كان عنده فصام ، لأنه لا يعيش مثلنا ، أصبحت أفكر أني سأكون مثله ، ذهبت لدكتور مخ وأعصاب ونفسية وحكيت له كل شيء ، قال : عندك وسواس قهري وكتب لي علاجا آخذه كل يوم .
وكنت سأجن ، كيف يكون عندي مرض نفسي ، وقرأت عن الوسواس ، وكلما أقرأ شيئاً أتخيل إنه يحصل لي ، كل الأعراض ، بقيت فترة سأجن ، ولكن لم آخذ الدواء ، وكنت أذهب للدكتور ، يقول لي : مريض الوسواس ينكر المرض ، ولا يأخذ العلاج ، ومتعب ، فأرجو أن تساعدوني على حل هذه المشكلة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نسأل الله تعالى أن يعافيك من كل بلاء .
أولا :
نوصيك بإصلاح ما بينك وبين الله تعالى ، ففتش في نفسك ، في ذنوبك ، في تقصيرك في حق الله تعالى ، وتب من جميع ذلك وأحسن القيام بعبادة الله تعالى ، والاستقامة على أمره ، فهذا هو الذي خلق الإنسان من أجله ، وهذا هو الذي يصلح أحوال الإنسان في الدنيا والآخرة.
فعليك بالصلاة في الجماعة وقراءة القرآن وكثرة ذكر الله تعالى والصيام والصدقة … إلخ .
ثانيا :
أكثر من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم ، وأكثر من ذكر الله تعالى ، فلا يزال لسانك رطبا بذكر الله ، فإن الإنسان لا يحفظ نفسه من الشيطان بمثل ذلك ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا ، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ . كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ) رواه الترمذي (2863) وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي” .
ثالثا :
وبعد ما سبق من الوصية بالاستعاذة بالله تعالى ، والإكثار من ذكره ؛ فإن علاج الوساوس يحتاج إلى الإعراض عن تلك الوساوس ، وعدم الاسترسال أو الاستجابة لها .
ولذلك لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن بعض تلك الوساوس التي تأتي للإنسان ، فقال : (فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ) رواه البخاري (3276) ، ومسلم (134) .
وقال ابن حجر الفقيه الشافعي في علاج الوسوسة ، في كتابه ” الفتاوى الفقهية الكبرى ” (1/149) ، وقد سئل : عن داء الوسوسة هل له دواء ؟
فأجاب : ” له دواء نافع ، وهو الإعراض عنها جملة كافية ، وإن كان في النفس من التردد ما كان – فإنه متى لم يلتفت لذلك ، لم يثبت ، بل يذهب بعد زمن قليل ، كما جرب ذلك الموفقون , وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها ، فإنها لا تزال تزداد به حتى تُخرجه إلى حيز المجانين ، بل وأقبح منهم , كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها ، وأصغوا إليها وإلى شيطانها …
وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته ، وهو أن من ابتلي بالوسوسة (فليستعذ بالله ولينته) . فتأمل هذا الدواء النافع الذي علّمه من لا ينطق عن الهوى لأمته .
واعلم أن من حُرمه فقد حُرم الخير كله ; لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا , واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ، ونكد العيش ، وظلمة النفس ، وضجرها إلى أن يُخرجه من الإسلام . وهو لا يشعر ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) فاطر / 6 ” انتهى .
فعيك أن تعرض عن تلك الوساوس ولا تفكر فيها ، وتمارس حياتك كأي إنسان طبيعي لا يعاني من شيء .
رابعا :
ننصحك بالذهاب إلى الطبيب وأخذ الدواء الذي يصفه لك ، فإن كثيرا من حالات الوسواس تحتاج ، مع العلاج السلوكي الذي نصحناك به آنفا ، إلى العلاج الطبي ـ العقاقير ـ ، والجمع بينهما من شأنه أن يعجل بالشفاء ، إن شاء الله . ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من بعض الأعراب : ” يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَا نَتَدَاوَى ؟ ” ، قَالَ : ( نَعَمْ ، يَا عِبَادَ اللَّهِ ، تَدَاوَوْا ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً ، إِلَّا دَاءً وَاحِدًا )، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا هُوَ ؟ ، ( قَالَ الْهَرَمُ) . رواه الترمذي (2038) وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
خامسا :
عليك أن ترضى بما قدره الله لك ، فلا تقلق من عدم حصولك على عمل إلى الآن ، فإن أرزاق الناس مقسومة ، وسوف يأتيك ما كتب لك ، بلا زيادة أو نقصان . والمطلوب من الإنسان أن يسعى ويعمل ، ويبحث عن عمل ، ثم بعد ذلك ، وقبل ذلك : ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وكل شيء عنده بمقدار ؛ وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لن تموت نفس حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي أمامة ، وصححه الألباني في ” صحيح الجامع ” برقم (2085).

ومعنى الحديث ظاهر : أن الأرزاق مكتوبة مقسومة ، وكل نفس سوف لن تموت حتى تأخذ رزقها المكتوب لها كاملا ، بلا أدنى نقص .
وكل ما هو مطلوب من الإنسان ألا يتكاسل عن العمل بحجة أن الأرزاق مقسومة ، بل يعمل ويجد ، مع الأخذ في سعيه بالتوسط ؛ فلا إفراط ولا تفريط ، لا انهماك في العمل ، ولا تكاسل عنه وتقصير فيه ؛ وإلى ذلك يشير قوله صلى الله عليه وسلم : (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) ؛ وخير الأمور أوساطها كما يقال .

سادسا :
ينبغي أن تتذكر دائما قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) رواه مسلم (2999) .
فالمؤمن يتقلب دائما في الخير ، وهو بين نعمة أو نقمة ، فالخير في النعمة أن يشكر الله عليها ، والخير في النقمة أن يصبر عليها .
فاستحضر هذا الحديث دائما وكن بين الشكر والصبر ، وإياك والجزع والتسخط على أقدار الله : (إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ رواه الترمذي (2396) . وحسنه الألباني في ” السلسة الصحيحة ” (146) .
وفقك الله لك خير ، ويسر لك أمرك .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android