0 / 0

أمر الله للشمس أن ترجع من حيث جاءت ، عند قيام الساعة !!

السؤال: 220551

كنت أقرأ كتاب لابن كثير عن يوم القيامة , وذكر فيه حديثا من ” صحيح مسلم ” (159,205) أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذرٍّ حين غربت الشمس : ( أتدري أين تذهب ؟ ) ، قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : ( فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ، فتستأذن ، فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها ، يقال : ارجعي من حيث جئت ، فتطلع من مغربها )
أنا أدرك أنّ كل شيء في هذا الكون يسبح بحمد الله ، وسجود الشمس من ضمن ذلك ، ولكن كيف يمكن للشمس أن تعود ونحن نعلم أنّ الشمس لا تبقى ساكنة ، فهي دائمة الحركة ، ولا تعود إلى أي مكان ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
نصيحتنا لكل من يخوض في فهم الأحاديث النبوية الشريفة ، أو فهم الآيات القرآنية الكريمة ، أن لا ينطلق من دعاوى يظنها مسلمات وحقائق كونية ، وهو لا يملك عليها أدنى دليل علمي ، ولم يوثقها أحد من أهل الاختصاص بالأدلة والبراهين ، بل لا بد أن يحرص على الموضوعية ، فيأخذ الأمور في جملتها وسياقها الصحيح ، ويدع عن نفسه وقلبه وسواس التعارض والتناقض، فقد أصبح هذا الأمر هاجسا لدى كثير من الناس ، والسبب قلة العلم وضحالة البحث .
فقول السائل في آخر سؤاله هنا : ” ونحن نعلم أن الشمس لا تعود إلى أي مكان “، على فرض التسليم به فلا يتعارض مع الحديث ، ولكننا لا نسلم أصلا بصحته ، فالجزم بأن الشمس لا تعود إلى أي مكان لا يقوى عليه حتى أكابر علماء الفضاء – فيما اطلعنا -، أو على الأقل إطلاق مثل هذه الدعوى ليس بالأمر السهل ، ولا يكون بجرة قلم يريد السائل أن يجعلها مسلمة كي نخوض في الجواب عليها .
وقد أمرنا الله عز وجل بالتحري والتثبت في منهج البحث العلمي ، فليس من اللائق أن نعارض روايات السنة بدعاوى مظنونة .
ومزلق النفي مزلق خطير يقع فيه الكثيرون ، بل هو إحدى أكبر أسباب أخطاء البشر ، النفي المتسرع ، وعدم الاعتراف بضعف الإنسان وجهله بأسرار هذا الكون .
وآية ذلك : أن الشمس نفسها اكتشفت لها في العشرين سنة الأخيرة مجموعة من الحركات والمدارات لم تكن معروفة من قبل ، أذهلت العلماء والباحثين ، وتركت في العقول والقلوب تسليما مطلقا بواسع خلق الله وعظيم صنعه ، الأمر الذي يتعذر معه نفي شيء هو في عالم الغيب ، وليس في عالم الشهادة .
هذه مقدمة لا بد أن تستقر في ذهن السائل الكريم ، ثم نقول له أيضا :
ثانيا :
إذا لم يكن لدينا قاطع علمي على نفي معين ، وبتفاصيل محددة ، وقد جاء في الأخبار ما يفهم من ظاهره : إثبات ذلك أو نفيه ؛ لم يكن من المنطق العلمي في شيء : أن نهدر دلالة النصوص ، أو نستشكلها ، لأجل دليل لم يثبت ولم يتحرر .
يقول الإمام الخطابي رحمه الله :
” لا ينكر أن يكون لها استقرار تحت العرش ، من حيث لا ندركه ولا نشاهده ، وإنما هو خبر عن غيب ، فلا نكذب به ، ولا نكيفه ؛ لأن علمنا لا يحيط به ” .
انتهى من ” أعلام الحديث شرح صحيح البخاري ” (ص/1893) باختصار.
وإذا كان ذلك مبدءا منطقيا في الأمور التي تجري على السنن المعتاد في حياة الناس ؛ فكيف يكون الأمر ونحن نتحدث عن حالة من أعظم أحوال اختلال السنن الكوني المعتاد من الناس ، وانفراط النظام الذي يجري عليه الكون ؛ إيذانا بذلك الحدث الضخم ، وهو انتهاء أمر الكون والحياة فيه ، وانتقال الناس إلى مواقف القيامة عند رب العالمين ؟
فمثل هذا أمر لا يخضع لقوانين العقل ، ولا حسابات الفلك ، ولا نظر الناس وعقولهم ؛ إنما هي الإرادة التامة ، والقدرة المطلقة لخالق الكون ، رب العالمين .
ومثل هذا يقال عن أشراط الساعة الكبرى ، وأحوال القيامة ، وأهوالها ؛ فهذا كله خارج عن القياس العقلي البشري ، لأنه ليس من حركة الكون المعتادة للناس ، ولا من حركتهم في هذا الكون ، في شيء .
قال الإمام الحافظ أبو بكر ابن العربي ، رحمه الله :
” وأما طلوع الشمس من مغربها فهو قلب الهيئة وإبطال الدنيا ” انتهى من “عارضة الأحوذي” .
والخلاصة : أن المراد بـ ” رجوع الشمس ” من حيث جاءت : هو طلوعها من مغربها ، وهو من أمور الغيب الممكنة ، وقد جاء به الخبر ، وليس في قواطع العلوم ما ينفي ذلك ؛ ثم إن ذلك إنما يكون عند اختلال نظام العالم ، وعلامة على فناء الدنيا ، ومجيء القيامة .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android