0 / 0
147,69629/08/2014

شرح قوله صلى الله عليه وسلم في صفة المنافق : ( وإذا وعد أخلف ) .

السؤال: 220555

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : _( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ )
ما هو تعريف الوعد شرع ا؟ وهل هو مرتبط بالقسم /الحلف ؟
مثال: إذا قال شخص لآخر بأنه سيفعل له ( أو معه) أمراً ولم يفعل، فهل هذا إخلاف بالوعد وآية من النفاق ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ) رواه البخاري (33) ، ومسلم (59) .
الوعد : هو التعهد بفعل الخير في المستقبل ، كأن يقول الرجل لصاحبه : ” أعدك بهدية ” أو ” أعدك بالذهاب معك إلى الدرس ” ونحو ذلك .
قال موسى عليه السلام لقومه : ( يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي ) طه/ 86 .
قال مجاهد : ” موعدي : عهدي “. انتهى من ” تفسير الطبري ” (18/351) .
قال في ” عون المعبود ” (12/ 289):
” ( وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ) أَيْ إِذَا وَعَدَ بِالْخَيْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ : لَمْ يَفِ بِذَلِكَ ” انتهى .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” الْمُرَادُ بِالْوَعْدِ فِي الْحَدِيثِ : الْوَعْدُ بِالْخَيْرِ ، وَأَمَّا الشَّرُّ فَيُسْتَحَبُّ إِخْلَافُهُ ، وَقَدْ يَجِبُ ، مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَرْكِ إِنْفَاذِهِ مَفْسَدَةٌ ” انتهى من ” فتح الباري ” (1/ 90) .
وانظر جواب السؤال رقم : (160964) .

وإخلاف الوعد : عدم الوفاء به عن عمد ، من غير عذر معتبر .
فإذا لم يف به لعذر ، مثل قيام مانع يمنعه من الوفاء ، أو عجزه عنه ، أو نحو ذلك : فليس بمخلف وعده .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” خُلْفَ الْوَعْدِ لَا يَقْدَحُ ، إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَزْمُ عَلَيْهِ مُقَارِنًا لِلْوَعْدِ ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَازِمًا ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ ، أَوْ بَدَا لَهُ رَأْيٌ : فَهَذَا لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ صُورَةُ النِّفَاقِ ، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ ” انتهى من ” فتح الباري ” (1/ 90) ، وينظر : ” كشف المشكل ” لابن الجوزي (3/ 409) .
وقال ابن رجب رحمه الله :
” ( إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ) وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَعِدَ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ لَا يَفِيَ بِوَعْدِهِ ، وَهَذَا أَشَّرُ الْخُلْفِ ، وَلَوْ قَالَ: أَفْعَلُ كَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ، كَانَ كَذِبًا وَخُلْفًا ، قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ .
الثَّانِي : أَنْ يَعِدَ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ ، فَيُخْلِفُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَهُ فِي الْخُلْفِ ” انتهى من ” جامع العلوم والحكم ” (2/ 482-483) .

ثانيا :
لا يرتبط الوعد بالقسم ، فقد يعد الرجل وعدا ، ولا يقسم عليه ، فإذا وعد وعدا وأقسم عليه صار وعدا مؤكدا واجب الوفاء .
قال ابن القيم رحمه الله :
” وإخلاف الوعد مما فطر الله العباد على ذمه واستقباحه ، وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو عند الله قبيح ” انتهى من ” إغاثة اللهفان ” (2/ 47) .

واختلف العلماء في ” الوفاء بالوعد ” : هل هو واجب مطلقا ، ويحرم خلفه ، أو مستحب ، ويكره خلفه .
قال النووي رحمه الله :
” أجمعَ العلماءُ على أن مَن وعد إنساناً شيئاً ليس بمنهيّ عنه فينبغي أن يفي بوعده ، وهل ذلك واجبٌ ، أو مستحبّ ؟ فيه خلاف بينهم ، ذهب الشافعيُّ وأبو حنيفة والجمهورُ إلى أنه مستحبّ ، فلو تركه فاته الفضل ، وارتكب المكروه كراهة تنزيه شديدة، ولكن لا يأثم .
وذهبَ جماعةٌ إلى أنه واجب ، قال الإِمامُ أبو بكر بن العربي المالكي : أجلُّ مَن ذهبَ إلى هذا المذهب عمرُ بن عبد العزيز ، قال : وذهبتِ المالكية مذهباً ثالثاً : أنه إن ارتبط الوعدُ بسبب كقوله : تزوّج ولك كذا، أو احلف أنك لا تشتمني ولك كذا، أو نحو ذلك ، وجب الوفاء ، وإن كان وعداً مُطلقاً، لم يجب.
واستدلّ مَن لم يوجبه بأنه في معنى الهبة ، والهبة لا تلزم إلا بالقبض عند الجمهور، وعند المالكية : تلزم قبل القبض ” انتهى ، من ” الأذكار” (ص 317) .
وينظر : “جامع العلوم والحكم” (2/ 485-486)
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (145700) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android