0 / 0
52,12926/11/2014

لماذا لم يرو البخاري عن أبي حنيفة والشافعي ولم يخرج لهما في صحيحه ؟

السؤال: 221368

لماذا لم يرو الإمام البخاري عن الإمام الشافعي وأبي حنيفة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لم يرو الإمام البخاري مباشرة عن كل من الإمامين أبي حنيفة والشافعي رحمهم الله جميعا لسبب واضح لا اختلاف عليه ، وهو أن البخاري لم يدرك أيا منهما:
فقد ولد البخاري سنة (194هـ)، أي بعد وفاة الإمام أبي حنيفة بأربع وأربعين سنة ، فقد توفي أبو حنيفة رحمه الله سنة (150هـ).
ولم يدرك البخاريُّ الشافعيَّ أيضا ، أو بعبارة أدق كان صغيرا جدا ، فقد توفي الشافعي سنة (204هـ) وعمر البخاري عشر سنوات فقط ، فمن المؤكد أنه لم يحدث عنه .
إذن فأبو حنيفة والشافعي أعلى طبقة من الإمام البخاري ، لذلك لا يمكن الحديث عن سبب آخر في ضوء هذه الحقائق التاريخية التي يمكن التثبت منها في كتب التراجم .
ثانيا :
لم يخرج البخاري شيئا من أحاديث أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله ، أي أنه لم يحدث بحديث ورد من طريقهما عن بعض تلاميذهما ، وذلك لسببين :
السبب الأول :
أن البخاري رحمه الله كان يتشدد في الأسانيد كثيرا ، فكان يرى اشتغال الإمام أبي حنيفة في الفقه أكثر منه في الحديث ، الأمر الذي نزل به عن مرتبة الحفظ والإتقان المطلوبة في ” الجامع الصحيح ” الذي رسم البخاري خطته للتصنيف ، لذلك لما ترجم لأبي حنيفة رحمه الله في ” التاريخ الكبير ” (8/81) قال فيه : ” سكتوا عنه ، وعن رأيه ، وعن حديثه ” انتهى ، وهي من كلمات البخاري البالغة في الأدب مع الأئمة الكبار ، حيث يدل القارئ على ضعف حديث الراوي بقوله : سكتوا عنه . أو : سكتوا عن حديثه .
السبب الثاني :
أما الإمام الشافعي رحمه الله فسبب عدم إخراج البخاري أي حديث من طريقه ليس هو عدم قناعته بحفظ الشافعي وثقته ، فقد ترجم له في ” التاريخ الكبير ” (1/42) ولم يقدح في حفظه بأي مطعن . وإنما لأن البخاري كان يبحث عن الشيوخ الأكبر سنا والأعلى طبقة من الشافعي ، كي يعلو إسناده ويقترب من النبي صلى الله عليه وسلم بأقل عدد ممكن من الرواة ، فكان إذا أراد أن يحدث من طريق الشافعي سيضطر للأخذ عن أحد تلاميذ الشافعي ، عن الشافعي نفسه رحمه الله ، في حين أنه تيسر للبخاري أن يأخذ عمن هم في طبقة الشافعي نفسه مباشرة ، فقد أدرك بعضهم ، وسمع ممن رووا عن شيوخ الشافعي مباشرة ، فلا حاجة للنزول في الإسناد ما دام العلو متيسرا .
يقول الخطيب البغدادي رحمه الله :
” الذي نقول في ترك [ البخاري ] الاحتجاج بحديث الشافعي ، إنما تَرَكه لا لمعنى يوجب ضعفه ، لكن غِنى عنه بما هو أعلى منه ، وذلك أن أقدم شيوخ الشافعي الثقات الذين روى عنهم : مالك بن أنس ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وداود بن عبد الرحمن العطار ، وسفيان بن عيينة .
والبخاري لم يدرك الشافعي ، وروى عن من كان أكبر منه سنا ، وأقدم منه سماعا ، مثل : مكي بن إبراهيم البلخي ، وعبيد الله بن موسى العبسي ، وأبي عاصم الشيباني ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وخلق يطول ذكرهم .
وهؤلاء الذين سميتهم رووا عن بعض التابعين .
وحدثه أيضا عن شيوخ الشافعي جماعة ، كعبد الله بن مسلمة القعنبي ، وعبد الله بن يوسف التنيسي ، وإسماعيل بن أبي أويس ، وعبد العزيز الأويسي ، ويحيى بن قزعة ، وأبي نعيم الفضل بن دكين ، وخالد بن مخلد ، وأحمد بن يونس ، وقتيبة بن سعيد – وهؤلاء كلهم رووا عن مالك ، ومنهم من روى عن الدراوردي – وكسعيد بن أبي مريم المصري ، وأبي غسان النهدي ، وعبد الله بن الزبير الحميدي ، وعلي بن المديني – وهؤلاء رووا عن سفيان بن عيينة ، وفيهم من يحدث عن داود بن عبد الرحمن العطار -.
وغير من ذكرت أيضا ممن أدرك شيوخ الشافعي قد كتب عنه البخاري .
فلم ير أن يروي عنه حديثا ، عن رجل ، عن الشافعي ، عن مالك ، وقد حدثه به غير واحد عن مالك كما رواه الشافعي ، مع كون الذي حدثه به أكبر من الشافعي سنا ، وأقدم سماعا ” .
انتهى من ” الاحتجاج بالشافعي ” (ص38-39) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android