0 / 0

خذلت والدها فلم تنجح في دراستها ووقعت في الزنا

السؤال: 221551

لم يقف والديّ أبداً في طريق دراستي ، ولطالما دفعاني إلى الأمام باستمرار ، وأرسلاني إلى جامعات مختلفة ، لكني للأسف لم أستطع إنهاء الدراسة ، وهو أمر مزعج للغاية . وأثناء الدراسة تعرفت على أحد الزملاء ، وادّعى أنه يحبني ، وأوقعني في مصيدة الزنا ، وكان يضربني ويغشني ويكذب عليّ ، فقطعت علاقتي به ، رغم أنه اعتذر وتظاهر بالتوبة ، وتبت أنا كذلك ، وعوّدت نفسي على فعل الخير ، وقطعت اتصالاتي بكل شخص من غير المحارم . والآن مشكلتي مع والدي ، لقد غضب مني كثيراً ، وشعر بأني خذلته حيث لم أكمل دراستي ، ولم أقم بما يُفترض عليّ القيام به ، وهو محق في هذا ، فعندما يرى أن شباب المجتمع من حوله يسعون للزواج بالفتيات اللواتي يحصلن على عمل حكومي ، يزداد غضبه ؛ لأني لم أكمل دراستي للحصول على عمل حكومي .

وكلما حاولت إقناعه أننا لسنا ملزمين بما يمليه علينا المجتمع غضب ، وخاصمني أياماً وأسابيع ، فلا أدري ما العمل ، وهل سأتمكن من الزواج برجل عفيف ، أم لا بد من الزواج بذلك الشاب؟ لا أريد الزواج منه لأنني لم أعد أثق به ، ولا أعتقد أن بإمكاني قضاء بقية حياتي معه .

وهل لوالدي الحق في أن يغضب مني هكذا ؟ أرجو منكم النصح .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نرجو الله تعالى أن يوفقك للتوبة مما وقعت فيه من معصية ، فالزنا إثمه عظيم ، وجزاؤه خطير في الدنيا والآخرة إن لم يسارع العبد إلى التوبة منه ، فقد قال الله تعالى : ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) الإسراء/32 ، ويقول عز وجل : ( وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا . وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) الفرقان/68 – 71.
ومن عذاب الزنا ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، قَالَ : فَاطَّلَعْنَا فِيهِ ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا ) ثم أخبر أنهم ( الزناة والزواني ) كما في ” صحيح البخاري ” (7047) .
قال الإمام أحمد : ” ليس بعد قتل النفس أعظم من الزنا ” كما في ” غذاء الألباب ” (2/435).
ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
” ووصف الله الزنا وقبحه بأنه ( كَانَ فَاحِشَةً ) أي : إثما يستفحش في الشرع والعقل والفِطَر ؛ لتضمنه التجرئ على الحرمة في حق الله ، وحق المرأة ، وحق أهلها ، أو زوجها ، وإفساد الفراش ، واختلاط الأنساب ، وغير ذلك من المفاسد . وقوله : ( وَسَاءَ سَبِيلا ) أي : بئس السبيل سبيل من تجرأ على هذا الذنب العظيم ” انتهى من ” تيسير الكريم الرحمن ” (1/457) .
ويقول ابن القيم رحمه الله :
” الزنا يجمع خلال الشر كلها : من قلة الدين ، وذهاب الورع ، وفساد المروءة ، وقلة الغيرة ، فلا تجد زانيا معه ورع ، ولا وفاء بعهد ، ولا صدق في حديث ، ولا محافظة على صديق ، ولا غيرة تامة على أهله .
فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرم وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته .
ومن موجباته غضب الرب بإفساد حرمه وعياله ” انتهى باختصار من ” روضة المحبين” (360).
والحق نقول لك :
إنك أذنبت أولا في حق الله ، وثانيا في حق والدك الذي رعاك وشجعك ولم يقصر في تحفيزك بكل ما يمكن ، في الوقت الذي لم تتحملي فيه المسؤولية ، ولم تحققي أدنى متطلبات النجاح ، بل وقعت في الإثم والعار ، وخنت الأمانة ، وضيعت ما أمرك الله بحفظه من عرضك وشرفك .

ونحن لا نقول هذا لنغلق عليك باب التوبة ، أو نقطك من رحمة الله ؛ وإنما لتعلمي أن عظم الإثم يقتضي صادق التوبة ، وخالص الإنابة إلى الله سبحانه ، وخلع ثياب الكسل والاتكال ، ولبس ثياب الجد والنشاط والعمل الصالح .
وأول ذلك مضاعفة أعمال البر بالوالد الذي خذلتيه في شأن الدراسة ، فالمطلوب منك تعويضه بإثبات النجاح في طاعة الله أولا ، وفي الحياة الدنيا ، بالأخلاق الفاضلة ، وحسن المعاملة ، ومزيد العناية الخاصة به ، بتلبية كل ما يحبه ، واجتناب كل ما يبغضه ، وإكرامه بكل ما تحبه نفسه وتهواه من المباحات ، كي يكون ذلك مكفرا عن غضبه السابق عليك .

أما الزواج من ذلك الزاني فلا يجب عليك ، ولا حتى عليه ؛ بل الواجب الحذر منه ، والتباعد عنه ؛ لما ذكرت من تغريره وخداعه وانعدام ثقتك به .
والحكم الشرعي واضح في أن الزواج مباح لمن وقع في الزنا ثم تاب إلى الله تعالى ، فلا حرج عليك في الزواج من أي متقدم لخطبتك ، إذا صدقت توبتك ، ورأيت في الخاطب من الدين والأخلاق ما ترضين به زوجا وأبا لأولادك .
وللمزيد يرجى النظر في الفتوى رقم : (84038) ، (199600) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android