0 / 0

هل المرأة التي تبرعت بشعرها للجهاد في سبيل الله من الصحابيات ، وما قصتها ؟

السؤال: 221725

سؤالي بخصوص الصحابية التي أرادت أن تتبرع بشعرها في إحدى معارك الجهاد ؛ لأنها كانت فقيرة . فهل هذه الحادثة صحيحة ؟ وإذا كانت كذلك فأرجو ذكر الواقعة كاملة مع ذكر اسم الصحابية ?

ملخص الجواب

والخلاصة أن الحكاية الأولى يمكن قبولها ، ولكن لا يعني ذلك تصحيح فعل تلك المرأة ، حيث لا يجوز لها التبرع بشعرها باسم الجهاد في سبيل الله . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لم نقف في السير والتراجم على قصة صحابية تبرعت بخصال شعرها للجهاد في سبيل الله ، فهذا الأمر منكر في الشريعة الإسلامية ولا يحل ، فشعر المرأة جزء من آدمي مكرم ، لا يستعمل قيد فرس باسم الجهاد ، وهو لا يغني شيئا في القتال ، وقد سبق في موقعنا بيان حكم التبرع به في الفتوى رقم : (101430)
كما أنه في حال قصِّه يأخذ الحكم نفسه في حال اتصاله عند فقهاء الحنفية والشافعية ، فلا يحل للرجل الأجنبي النظر إليه ، ولا لمسه ، كما جاء في ” مغني المحتاج ” (4/217) من كتب الشافعية : ” كل ما حرم نظره متصلا حرم نظره منفصلا “. وجاء في ” الدر المختار مع رد المحتار ” (6/371): ” كل عضو لا يجوز النظر إليه قبل الانفصال ، لا يجوز بعده ” ، وانظر ” الموسوعة الفقهية ” (7/40) .
وبعض الفقهاء الذين قالوا إن الشعر المنفصل ، ليس له حكم المتصل ، من حيث النظر واللمس ، ونحو ذلك ؛ صرح بعدم جواز استعماله ، لكرامة الآدمي .
قال البهوتي رحمه الله :
” (وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ شَعْرِ الْآدَمِيِّ) مَعَ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ (لِحُرْمَتِهِ) أَيْ احْتِرَامِهِ ” انتهى من ” كشاف القناع ” (1/57) ، وينظر: ” الشرح الكبير” (1/78) .
فلذلك نقول : إنه ليس هذا الشأن من عمل الصحابيات الفقيهات ، ولا نعلم لمثل هذا الكلام أصلا في الرواية عنهن .
وغاية ما هنالك ، فيما وقفنا عليه : قصتان ذُكرتا في بعض كتب السير والتاريخ ، لم تنسب لإحدى الصحابيات ، وإنما الأولى امرأة من أهل الرقة في الشام ، في عهد هارون الرشيد .
والثانية من الشام أيضا ، وقصتها مع أبي قدامة الشامي قائد الجهاد ضد الروم إذ ذاك .
وغالب الظن أن القصة الأولى أقرب إلى القبول من الثانية ؛ لأنها رويت بالإسناد الإخباري المقبول ، أما الثانية فمرسلة لا إسناد لها .
ونحن هنا لا نجزم الحكم بقبول أو رد الحكاية الأولى ، فأمرها وارد قد يقع مثله في التاريخ ، ونرجو لتلك المرأة الرقية أن تنال الأجر والثواب على حسن نيتها وخالص ما في قلبها من رغبة الجهاد ، لكن ذلك لا يعني جواز فعلها وصحته من الجهة الشرعية ، فالغالب أن هذه المتبرعة بذؤابتيها لا تعلم الحكم الشرعي ، ولو كانت تعلمه لالتزمت به .
أما الحكاية الأولى :
فيقول أبو الفرج المعافى بن زكريا (ت390هـ) رحمه الله:
” حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، قال : حدثنا أبو عكرمة الضبي ، قال : حدثنا العتبي ، عن أبيه قال :
سبا الروم نساء مسلمات ، فبلغ الخبر الرقة وبها الرشيد ، ومنصور بن عمار هناك ، فقص منصور يحض على الغزو ، فإذا خرقة مصرورة مختومة قد طرحت إلى منصور ، وإذا كتاب مضموم إلى الصرة فقرأه فإذا فيه :
إني امرأة من بيوتات العرب ، بلغني ما فعل الروم بالمسلمات ، وبلغني تحضيضك على الغزو ، فعمدت إلى أكرم شيء في بدني علي ، وهما ذؤابتاي ، فجززتهما وصررتهما في هذه الصرة المختومة ، فأنشدك بالله العظيم لما جعلتهما قيد فرس غاز في سبيل الله ، فعَلَّ الله ينظر إلي نظرة على تلك الحال فيرحمني .
فبلغ ذلك الرشيد فبكى ، ونادى النفير ” .
انتهى من ” الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي ” (ص: 634) .
وهذا إسناد يقبل مثله في التاريخ والأخبار ، وإن لم نقف على ترجمة والد العتبي .
فالحسين بن القاسم (ت327هـ) شيخ المعافى ترجمته في ” تاريخ بغداد ” (8/647) قال فيها الخطيب : ما علمت من حاله إلا خيرا .
وأبو عكرمة الضبي ترجمته في ” معجم الأدباء ” (4/ 1479) لياقوت الحموي ، جاء فيها : ” عامر بن عمران بن زياد أبو عكرمة ، الراوية الضبي السُّرَّمَرِّي ، كان نحويا لغويا أخباريا ، حدث عن العُتْبِيّ ، وأخذ عن ابن الأعرابي ، وإسحاق بن إبراهيم الموصلي . وعنه القاسم بن محمد بن بشار الأنباري . وكان أعلم الناس بأشعار العرب وأرواهم لها ، وكان في أخلاقه شراسة . وصنف كتاب الخيل . وكتاب الإبل والغنم . مات سنة خمسين ومائتين ” انتهى.
والعتبي ، قال عنه الذهبي : ” العلامة ، الأخباري ، الشاعر ، المُجَوِّد ، أبو عبد الرحمن ، محمد ، بن عبيد الله ، بن عمرو ، بن معاوية ، بن عمرو ، بن عتبة ، بن أبي سفيان ، بن حرب الأموي ، ثم العتبي ، البصري . روى عن : ابن عيينة، وأبي مخنف ، ووالده . وعنه : أبو حاتم السجستاني ، وإسحاق بن محمد النخعي . وكان يشرب . وله تصانيف أدبيات ، وشهرة . مات: سنة ثمان وعشرين ومائتين ” انتهى من ” سير أعلام النبلاء ” (11/96)
وقد علق المؤلف القاضي أبو الفرج – وقد كان من أعلم الناس في زمانه بأنواع العلوم -:
” قد أتت هذه المرأة بما دل على خلوص دينها ، وصحة يقينها ، وغضبها لربها ، وغيرتها على أهل ملتها ، وامتعاضها عندما بلغها من انتهاك أعداء الله محارمه التي حرمها ، واستخفافهم بحدود الإسلام التي عظمها . وقصدت بما أتته من جزها ذؤابتيها التقرب إلى خالقها ، ورجاء مغفرته لها . والله يحقق برأفته وسعة رحمته رجاءها ، ويغفر لنا ولها .
ولم تقصد بما فعلته الأمر الذي حرم عليها فنؤثمها ، فقد جاء عن النبي صلى الله علي وسلم أنه لعن الغارفة وهي التي تجز ناصيتها عند المصيبة .
وإلى الله نرغب في أن يجعلنا ممن يغضب له ، ويحامي عن دينه ، ويوالي ويعادي فيه بتوفيقه ” انتهى .
وأورد العلامة ابن الجوزي رحمه الله أيضا مثل هذه الحكاية عن بعض المصطفيات من عابدات الرقة ، وفي آخرها قوله :
” وأمر هارون أن ينادى بالنفير ، فغزا بنفسه ، فأنكى فيهم ، وفتح الله عليهم .
قلت [ يعني ابن الجوزي ]: هذه امرأة حسن قصدها ، وغلطت في فعلها ؛ لأنها جهلت أن ما فعلت منهي عنه ، فلينظر إلى قصدها ” انتهى من ” صفة الصفوة ” (2/363) .
أما القصة الثانية : فهي قريبة المعنى من تلك القصة ، ذكرها الإمام ابن الجوزي رحمه الله ، عن : عابدة أخرى من أهل الشام .
ينظر : ” صفة الصفوة ” (2/363-364) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android