لا يحل لمسلم أن يتحاكم إلى القوانين الوضعية ولا أن يأخذ أكثر من حقه
السؤال: 221850
أنا رجل مسلم من الهند ، ولدي سؤال حول موضوع الزواج : لا يجوز الطلاق في الهند حسب أصول الشريعة الإسلامية ، ولكن إن كانت الزوجة متساهلة مع الزوج فقد تسمح له بأن يطلقها حسب الدين الإسلامي ، ويدفع لها النفقة لمدة عام ، وفقا للقرآن والسنة .
أما في حالة كانت الزوجة قاسية على الزوج ، ورفضت الطلاق حسب الدين الإسلامي ، وقامت بترك الزوج بدون سبب ، فإن القانون الهندي – الذي يعارض الدين الإسلامي – يتيح لها الحصول على نفقة من زوجها حتى تتزوج من غيره ، فهل تعتبر الزوجة آثمة عند أخذها لنقود الزوج ، مع العلم أنها تأخذ ثلث دخله الخاص وبالتالي لن يستطيع الزواج من أخرى حتى تتزوج هي من غيره ، ما الذي يجب فعله في هذه الحالة ، لا أريد أن أخسر نقودي فلست السبب في حدوث الطلاق ، فحسب القرآن سأدفع لها نفقة سنة كاملة ، ولكن القانون الهندي ينص على خلاف ذلك .
فهل تعتبر الزوجة آثمة في حالة إعطائي لها النقود حسب القانون الهندي ، وما هو الثواب الذي أحصل عليه في هذه الحالة في الإسلام ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
سبق الكلام عن الحقوق المالية التي تلزم المطلق ، وما قررته الشريعة الإسلامية في
هذا الشأن ، وذلك في الفتوى رقم : (221900)
، وبينا أن الطلاق إذا كان رجعيًا ، فيجب على الزوج أن ينفق على زوجته مدة العدة .
ولا يلزمه أن ينفق عليها عاما كاملاً .
ثانيا :
الواجب على المسلم أن يتحاكم إلى الكتاب والسنة في جميع أموره ، ولا يجوز له أن
يتحاكم إلى القوانين الوضعية ، إلا في حالة الضرورة .
جاء في ” فتاوى اللجنة
الدائمة – المجموعة الثانية ” (1/371) :
” الواجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية ، امتثالاً لأمر الله جل
وعلا في قوله تعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا
تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ) ، وقوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ، وقوله : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )، وقوله تعالى : ( وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، وقوله تعالى :
( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا ) .
ويحرم على المسلمين التحاكم إلى الأحكام العرفية ، والمبادئ القبلية ، والقوانين
الوضعية ؛ لأنها من التحاكم إلى الطاغوت الذي نهينا أن نتحاكم إليه ، وقد أمرنا
الله بالكفر به في قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ
أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ
يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا
بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ) ” انتهى .
وإذا تحاكم المسلم إلى
المحكمة ( سواء كانت تحكم بالشريعة الإسلامية أو بغيرها ) وحكم له القاضي بأكثر من
حقه ، فلا يجوز له أن يأخذ إلا ما هو حق له فقط دون الزيادة ، قال النبي صلى الله
عليه وسلم وهو أعدل الحكام : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ
إِلَيَّ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ
فَأَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ
شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ )
رواه البخاري (7169) ، ومسلم (1713) .
فإذا رفضت زوجتك أن تتحاكم
إلى الشريعة الإسلامية ، فأنت مضطر إلى التحاكم إلى القوانين الوضعية .
وفي هذه الحالة كل ما تأخذه زوجتك بدون وجه حق هو ظلم منها لك ، فإن لم تتب هي وترد
إليك حقك في الدنيا وإلا لم يبق إلا أن تأخذه منها في الآخرة ، والحساب هناك إنما
هو بالحسنات والسيئات ، قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ
لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ ، قَبْلَ
أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ
مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ
سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) رواه البخاري (2449) .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة