تنزيل
0 / 0

تقوم إحدى الزوجات بالاستعانة بقوانين ظالمة للإضرار بالزوجة الأخرى ، فما الحكم؟

السؤال: 221961

أنا زوجة ثانية لرجل ديّن ، وأحبه كثيراً ، ومنذ أن تزوجنا كشرت زوجته الأولى عن أنيابها ، وطردته من البيت ، وهددته بالطلاق ، وطلبت منه أن يطلقني ، الأمر الذي يرفضه بشدة ، وذهبت بها الغيرة إلى أن استعانت بالحكومة الكافرة لحل الإشكال ، بل واتصلت بالشرطة .
لكنها ولحسن الحظ هدأت أخيراً لكن بشروطها هي ، فقد اشترطت أن يبيت عندها ثلاثة أيام ، ويوماً واحداً عندي ، متحججة بأنها أم أولاد ، وبالتالي لها من الحق في الزوج أكثر مني ، وما كان منه إلا أن طلب مني الموافقة على ذلك ، فوافقت مكرهة .
إنه يعمل ثمان ساعات في اليوم ، وثمان أخرى للنوم ، أي إنه لم يصف لي إلا ثمان ساعات كل ثلاثة أيام ، وفي بعض الأحيان تخفف الشرط فتجعل لها يومين ولي يوم واحد .
لقد هُضم حقي ، وظُلمت ظلماً صارخاً، لكن ما الحيلة..! كل هذا من أجل أن لا تطلقه .
فما نصيحتكم؟ إنه أمر مزعج للغاية ، ثم ما الذي يخشاه هذا الرجل إذا كان الطلاق قدره ، فلطالما امتُحن رجال بهذه المحنة وطلقتهم زوجاتهم فرضوا بما قسم لهم ، أيظن أنه بهضم حقوقي وظلمي سينعم بالسعادة مع زوجته الأولى .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا شك أن سعي إحدى الزوجات ، الأولى أو من عداها ، في طلاق الزوجة الأخرى : محرم ،
وسعي في الباطل ، وفيما يغضب الرحمن ، ويرضي الشيطان ، وهو من شح النفوس ، وأثرتها
، وقد قال الله عز وجل : ( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ ) الحشر/9 ؛ فدل ذلك على خسارة من انساق وراء شح نفسه ، وأتبعها
هواها .
وهو كذلك من سوء الظن بالله جل جلاله ، وضعف الإيمان بقدره ؛ فإن الرزق كله بيد
الله ، ومن ذلك : محبة الزوجة لزوجته ، وفراغه لها ، وإقباله عليها ؛ فكل ذلك رزق
من رزق الله ، وما عند الله لا ينال بمعصيته .
وقد روى البخاري (5152) ، ومسلم (1408) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لاَ يَحِلُّ
لِامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلاَقَ أُخْتِهَا ، لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا ، فَإِنَّمَا
لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا ) .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
” فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَسْأَلَ
الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا لِتَنْفَرِدَ بِهِ ، فَإِنَّمَا
لَهَا مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ عَلَيْهَا ، لَا يَنْقُصُهَا طَلَاقُ ضَرَّتِهَا
شَيْئًا مِمَّا جَرَى بِهِ الْقَدَرُ لَهَا وَلَا يَزِيدُهَا .
وَقَالَ الْأَخْفَشُ : كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ تُفْرِغَ صَحْفَةَ تِلْكَ مِنْ
خَيْرِ الزَّوْجِ ، وَتَأْخُذَهُ هِيَ وَحْدَهَا .
قَالَ أَبُو عُمَرَ : وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِ أَحَادِيثِ الْقَدَرِ
عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَنَالُهُ
إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ .
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ
لَنَا ) وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ هَدَاهُ اللَّهُ ، وَالْحَمْدُ
لِلَّهِ ” انتهى من ” التمهيد ” (18/165) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” فِيهِ التَّغْلِيظُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْأَلَ طَلَاقَ الْأُخْرَى ،
وَلِتَرْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهَا ” انتهى من ” فتح الباري” (9/127) .
ثانيا :
لا شك أيضا أن سعيها في الإضرار بزوجها ، واستعانتها بالشرطة الكافرة عليه محرم بين
التحريم ، لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تقدم عليه ، وهو من تلاعب
الشيطان بها .
ومثل ذلك سعيها في الإضرار بضرتها في القسمة ، وحمل الزوج على أن ينتقصها حقها ، أو
يميل إلى الزوجة الأولى ، إما خوفا من سعيها في الطلاق منه ، اعتمادا على قوانين
الكفر التي تعينها على ذلك ، أو ضغطا على الزوج لحال أولاده ، أو نحو ذلك من
الأسباب ، ونقاط الضعف التي تراها في زوجها ، وتستغلها لنيل ما لا يحل لها من الميل
إليها وتمييزها في القسم ، أو العمل على طلاق ضرتها .
وقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ ضَارَّ
أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ ) رواه الإمام أحمد
(15755) ، وأبو داود (3635) ، والترمذي (1940) ، وابن ماجة (2342) ، وحسنه الألباني
.
ولا يجوز للزوج أن يذعن إلى شحها ، ويلبي لها رغبتها ، وإنما عليه أن يسعى للعدل
بين زوجتيه بما استطاع ، مع أننا لا نرى له أن يصل الأمر إلى طلاقها ، بل عليه أن
يداريها ، ويستصلحها ، ويحرص على الإبقاء عليها ، مع رعاية لأولاده من أن يعيشوا
بلا أب ، خاصة في بلاد الكفر .
فإن تعذر عليه أن يعدل بين زوجتيه ، للظروف المذكورة ، أو لغيرها من الأسباب التي
قد تحول بينه وبين ذلك ، فإننا لا ننصحك أيضا أن تصلي بعلاقتك بزوجك إلى حد
المعادلة الصفرية : إما أنا وإما هي ، إما أن تعطيني حقي كاملا ، وإما أن تطلقني ،
إما كذا ، وإما كذا .
بل العاقل يسعى في تحصيل خير الخيرين ، ودفع شر الشرين ، وتحصيل ما يمكنه من
المصالح ، ودفع ما يمكنه من المفاسد ، بقدر المستطاع .
ولا شك أن بقاءك مع زوج يحبك ، وتحبينه ، ويأوي إليك ، وتأوين إليه ، ولو كان ذلك
مرة كل ثلاث ، أو كل أربع .. ، هو خير لك من السعي في الطلاق ، والعيش بلا زوج ،
خاصة في مثل بلادكم .
وأسوأ أحوالك أن تقدري أن زوجك له أربع نسوة ، وليس زوجتين فقط ؛ فماذا كنت ستفعلين
؟
هل كنت ستطلبين منه أن يطلق باقي نسائه ، ليتفرغ لك ، كما تفعل زوجته الأولى ؟ أو
ماذا كنت ستفعلين ؟
فاسمحي لزوجك ببعض ما فيه توسعة عليه ، وإقامة لعيشه ، وحل لمشكلته ، وما جعل الرفق
في شيء إلا زانه ، وما نزع من شيء إلا شانه ، وإذا أراد الله بأهل بيت خيرا : أدخل
عليهم الرفق ، وإذا أراد بهم شرا ، نزع منهم الرفق ، والإيمان ركنان ركينان : الصبر
، والسماحة ؛ فبالصبر يتحمل المرء ما يجده من ألم العيش والابتلاء ، ومشقة التكليف
، ومخالفة هوى النفس ، ودواعي الطباع .
وبالسماحة : تقوى نفسه على بذل ما عندها من الخير ، وإن خالف هواها ، وتسعى في
التزكية ، والصعود في منازل الإيمان .
يسر الله لك أمرك ، وأصلح لك زوجك ، وكفاك شر ما أهمك ، وجمع بينك وبين زوجك على
خير ما يحب الله ويرضى .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android