تنزيل
0 / 0
20,39319/11/2014

ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما من أنه كان لا يرفع يديه في الصلاة إلا عند افتتاحها : لا يصح عنه .

السؤال: 222435

قرأت في كتاب شرح معاني الآثار للطحاوي أنّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يرفع يده في الصلاة مرة واحدة فقط في بدايتها ، وأن الرواة هم من رجال الصحيحين ، فما صحة هذا الأثر؟

ملخص الجواب

والحاصل : أن هذا الأثر لا يصح عن ابن عمر رضي الله عنهما ، لتفرد أبي بكر بن عياش به ، وهو ، وإن روى له البخاري في صحيحه واحتج به ، إلا أنه أخطأ في هذا الحديث ، وخالف من هم أتقن حفظا ، وأكثر عددا . أما قول القائل بأن رواته رواة الصحيحين : فغير صحيح ، لأن أبا بكر بن عياش روى له البخاري دون مسلم ، وقد تبين خطؤه كما تقدم ، فلا يظنن ظان أن إسناده على شرط البخاري ، فضلا عن الصحيحين ؛ لأن من شروط الحديث الصحيح ألا يكون شاذا أو معلا ، وقد تبين بما تقدم أن هذا الأثر معلول شاذ . وقد يكون الراوي ممن احتج به الشيخان أو أحدهما ، إلا أن ذلك لا يمنع من الحكم عليه في بعض مروياته بالخطأ ، إذا خالف الثقات ، أو خالف من هو أحفظ منه ، وفي رجال الصحيحين : جملة من ذلك ، لكن الشيخين كانا ينتقيان حديث هؤلاء . وقد رُوي من حديث ابن عمر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يده إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود . وهو حديث باطل موضوع ، انظر لتوضيح ذلك مع زيادات نافعة : "سلسلة الأحاديث الضعيفة " (943) . والله تعالى أعلم .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

روى ابن أبي شيبة في ” المصنف “(2452) ، والبيهقي في “المعرفة” (2/ 428) ، والطحاوي
في “شرح معاني الآثار” (1/225) من طريق أبي بَكْرِ بْن عَيَّاشٍ عَنْ حُصَيْنٍ ،
عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ” مَا رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَّا فِي
أَوَّلِ مَا يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ ” .

وهذا الأثر ظاهره الصحة ،
إلا أنه معلول بعلتين :
أولا : أنه خلاف الثابت عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا وموقوفا ؛ فقد روى البخاري
(739) عَنْ نَافِعٍ : ” أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ
كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا قَالَ:
سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَفَعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا قَامَ مِنَ
الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ “، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وروى البخاري (735) ، ومسلم (390) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ” أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ
مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ ، وَإِذَا
رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ ” .
انظر جواب السؤال رقم : (21439) .
ثانيا :
أنه مما تفرد به أبو بكر بن عياش ، وهو متكلم فيه ، وكان يخطئ ويخالف ، قال الإمام
أحمد : ثقة ربما غلط ، وقال عثمان الدارمي : ليس بذاك في الحديث ، وقال ابن حبان :
كان يحيى القطان وعلي بن المديني يسيئان الرأي فيه، وذلك أنه لما كبر ساء حفظه ،
فكان يهم إذا روى ، وقال العجلي: كان ثقة قديما ، صاحب سنة وعبادة ، وكان يخطئ بعض
الخطأ ، وقال ابن سعد : كان ثقة صدوقا عارفا بالحديث والعلم ، إلا أنه كثير الغلط.
وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالحافظ عندهم. وقال يعقوب بن شيبة: في حديثه اضطراب،
وقال الساجي: صدوق يهم ، وقال أبو نعيم: لم يكن في شيوخنا أحد أكثر غلطا منه ، وقال
البزار: لم يكن بالحافظ .
“تهذيب التهذيب” (12 /32-33) .

وقد خولف أبو بكر بن عياش في
هذا الحديث ، وحكم العلماء عليه بالغلط فيه ، منهم الإمام البخاري ، الذي روى له في
الصحيح واحتج به .
قال البيهقي رحمه الله عقب روايته لهذا الأثر :
” وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ – يعني هذا الحديث –
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ، مِمَّا
لَوْ عَلِمَهُ الْمُحْتَجُّ بِهِ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ عَلَى الثَّابِتِ عَنْ
غَيْرِهِ .
ثم روى عن البخاري قال : ” وَالَّذِي قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ
حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ ، قَدْ خُولِفَ فِيهِ عَنْ
مُجَاهِدٍ :
قَالَ وَكِيعٌ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ: رَأَيْتُ مُجَاهِدًا يَرْفَعُ
يَدَيْهِ .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الرَّبِيعِ: رَأَيْتُ مُجَاهِدًا
يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ.
وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ .
هَذَا أَحْفَظُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قَالَ: وَقَالَ صَدُقَةُ: إِنَّ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ لَمْ
يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا فِي أَوَّلِ التَّكْبِيرَةِ، كَانَ صَاحِبُهُ قَدْ
تَغَيَّرَ بِأَخَرَةٍ، يُرِيدُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ .

قَالَ الْبُخَارِيُّ:
وَالَّذِي رَوَاهُ الرَّبِيعُ وَلَيْثٌ أَوْلَى، مَعَ رِوَايَةِ طَاوُسٍ،
وَسَالِمٍ، وَنَافِعٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَمُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ،
وَغَيْرِهِمْ، قَالُوا: رَأَيْنَا ابْنَ عُمَرَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا كَبَّرَ،
وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ .
قال البيهقي : وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْقَدِيمِ كَانَ يَرْوِيهِ أَبُو بَكْرِ
بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُرْسَلًا.
مَوْقُوفًا، ثُمَّ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ حِينَ سَاءَ حِفْظُهُ، فَرَوَى مَا قَدْ
خُولِفَ فِيهِ ” انتهى .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه
الله :
” أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ : فَعَوَّلُوا عَلَى رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ : أَنه صلى خلف
ابن عُمَرَ ، فَلَمْ يَرَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ .
وَأُجِيبُوا : بِالطَّعْنِ فِي إِسْنَادِهِ ، لِأَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ
رَاوِيَهُ سَاءَ حِفْظُهُ بِآخِرِهِ ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ : فَقَدْ
أَثْبَتَ ذَلِكَ سَالِمٌ وَنَافِعٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ ، وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ
أولى من وَاحِد ، لَا سِيمَا وَهْمْ مُثْبِتُونَ وَهُوَ نَافٍ …
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ : مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْء رفع
الْيَدَيْنِ ، عَن مَالك : أَن ابن عُمَرَ كَانَ إِذَا رَأَى رَجُلًا لَا يَرْفَعُ
يَدَيْهِ إِذا ركع وَإِذا رفع : رَمَاه بالحصا ” انتهىمن “فتح الباري “(2/220) .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android