تنزيل
0 / 0

الملائكة أجسام نورانية ، لا تقاس طبائعهم وأحوالهم بطبائع وأحوال البشر .

السؤال: 222703

إذا كان للملائكة أحجام فلماذا تتنزل في يوم كان مقداره ألف سنة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
يقول الله عز وجل : ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ
يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ )
السجدة/ 5 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” أَيْ يَتَنَزَّلُ أَمْرُهُ مِنْ أَعْلَى السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَى تُخُومِ
الْأَرْضِ السَّابِعَةِ ، وَتُرْفَعُ الْأَعْمَالُ إِلَى دِيوَانِهَا فَوْقَ
سَمَاءِ الدُّنْيَا وَمَسَافَةُ مَا بَيَّنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ مَسِيرَةُ
خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ وَسُمْكُ السَّمَاءِ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ : النُّزُولُ مِنَ الْمَلَكِ فِي مَسِيرَةِ
خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَصُعُودُهُ فِي مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَلَكِنَّهُ
يَقْطَعُهَا فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (6 /359) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (179186)
.

ثانيا :
روى مسلم (2996) عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ ، وَخُلِقَ الْجَانُّ
مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ ) .

فالملائكة أجسام نورانية ،
وليست – كما يزعم بعض الجهال – أرواحا بلا أجسام ، ولا هي أيضا : أنفس خيرة فارقت
أجسادها ، أو قوى علوية ، أو معان سامية ، أو هي هذه الكواكب ، وغير ذلك من الأقوال
الباطلة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الملائكة أجسام ، وليست أرواحا، بلا أجسام ، ولكن الله عز وجل حجبهم عنا، جعلهم
عالما غيبيا، كما أن الجن أجسام ولكن الله عز وجل حجبهم فجعلهم عالما غيبيا.
وقد تظهر الملائكة في صورة إنسان ، كما جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
مرة بصورة دحية الكلبي، ومرة بصورة رجل غريب لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه
الصحابة ، وعليه ثياب بيض ، شعره أسود ، وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وسأله
عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها ” .
انتهى باختصار من ” شرح رياض الصالحين ” (4/ 392-393) .
وقال الشيخ أيضا :
” الملائكة أجسام بلا شك ، كما قال الله عزّ وجل : ( جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً
أُولِي أَجْنِحَةٍ) فاطر/1 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أطت السماء )
والأطيط: صرير الرحل ، أي إذا كان على البعير حمل ثقيل ، تسمع له صريراً من ثقل
الحمل ، ويدل لهذا حديث جبريل عليه السلام : أن له ستمائة جناح قد سد الأفق ،
والأدلة على هذا كثيرة .
وأما من قال: إنهم أرواح لا أجسام لهم ، فقوله منكر وضلال، وأشد منه نكارةً من قال:
إن الملائكة كناية عن قوى الخير التي في نفس الإنسان ، والشياطين كناية عن قوى
الشر، فهذا من أبطل الأقوال ” .
انتهى مختصرا من ” شرح الأربعين النووية ” (ص 61-62) ، وينظر : ” مجموع فتاوى
ورسائل العثيمين ” (5/ 118-119) .
وقال الشيخ عمر الأشقر رحمه الله :
” ولما كانت الملائكة أجساماً نورانيَّة لطيفة ؛ فإن العباد لا يستطيعون رؤيتهم ،
خاصة أن الله لم يُعطِ أبصارنا القدرة على هذه الرؤية ، ولم يرَ الملائكةَ في
صُوَرهم الحقيقية من هذه الأمَّة إلا الرسول صلى الله عليه وسلَّم ؛ فإنه رأى جبريل
مرتين في صورته التي خلَقه الله عليها ، وقد دلَّت النصوص على أن البشر يستطيعون
رؤية الملائكة إذا تمثَّلت الملائكة في صورة البشر ” انتهى من “عالَم الملائكة
الأبرار” (ص 11) .

والخلاصة :
أن الملائكة عليهم السلام خلقوا من نور ، فهم أجسام نورانية ، ليست على طبيعة البشر
، يقومون على طاعة الله عز وجل وعبادته ، ولا تقاس أفعالهم وطبائعهم وأحوالهم
بأفعال وطبائع وأحوال البشر ، فهم يتنزلون بالأمر من أمر ربهم ويعرجون إليه في لحظة
، وذلك في حساب بني آدم : كألف سنة مما يعدون .
وهذا من علم الغيب الذي يجب علينا أن نؤمن به ونسلم فيه لله رب العالمين .
ثم ، لا ندري ما وجه التعارض بين أن تكون الملائكة : أجساما ، وأحجاما ، أو : حتى
لا تكون كذلك ، وبين أن تتنزل في يوم كان مقداره ألف سنة ، فلا كونها أجساما يمنع
ذلك التنزل ، ولا عدم كونها كذلك يمنعه ، أو يوجبه أيضا .
والذي ينبغي على العبد أن يبحث عما ينفعه في دينه ، ويسأل عنه .
وينظر للفائدة : كتاب : ” عالم الملائكة الأبرار ” ، للشيخ عمر سليمان الأشقر ،
رحمه الله ، ففيه أشياء كثيرة نافعة في هذا الباب .

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android