تنزيل
0 / 0

شرح حديث : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ … )

السؤال: 222744

أرجو شرح هذا الحديث : ” أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة ” قال : يقول ربنا عز وجل للملائكة وهو أعلم : انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها ، فإن كانت تامة كتبت له تامة ، وإن كان انتقص منها شيئا ، قال : انظروا هل لعبدي من تطوع ، فإن كان له تطوع ، قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك ” رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم . وهل السنن الرواتب داخلة في جبر نقص صلوات الفريضة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى أبو داود (864) ، والترمذي (413) ، والنسائي (465) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ
عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ
فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ
عَزَّ وَجَلَّ : انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا
انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ؟ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ ) ،
وصححه الألباني في ” صحيح سنن الترمذي ” .

ولفظ أبي داود : ( إِنَّ
أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ
الصَّلَاةُ ) ، قَالَ : ( يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ
أَعْلَمُ : انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا ؟ فَإِنْ
كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً ، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا
، قَالَ : انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ
، قَالَ : أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ، ثُمَّ تُؤْخَذُ
الْأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ ) .

ومعنى الحديث : أن أول ما
يحاسب عليه العبد من حقوق الله تعالى : الصلاة ، وقد روى النسائي (3991) عن ابن
مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَوَّلُ مَا
يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ ، وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي
الدِّمَاءِ ) ، وصححه الألباني في ” صحيح سنن النسائي ” .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
” أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة الصلاة ، وهذا بالنسبة لحق الله
عز وجل ، فإن صلحت فقد أفلح ونجح وإلا فعلى العكس خاب وخسر والعياذ بالله . أما
بالنسبة لحقوق الآدميين : فأول ما يقضى بين الناس في الدماء ؛ لأنها أعظم الحقوق ”
انتهى من ” شرح رياض الصالحين ” (5/103) .

وقال المباركفوري رحمه الله
:
” قال العراقي : فَإِنْ قِيلَ فَأَيُّهُمَا يُقَدَّمُ : مُحَاسَبَةُ الْعِبَادِ
عَلَى حَقِّ اللَّهِ أَوْ مُحَاسَبَتُهُمْ عَلَى حُقُوقِهِمْ ؟ فَالْجَوَابُ :
أَنَّ هَذَا أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ ، وَظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ
الَّذِي يَقَعُ أَوَّلًا الْمُحَاسَبَةُ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ
حُقُوقِ الْعِبَادِ ” .
( فَإِنْ صَلُحَتْ ) قَالَ ابن الْمَلَكِ : صَلَاحُهَا بِأَدَائِهَا صَحِيحَةً –
يعني في قيامها وركوعها وسجودها وخشوعها وطمأنينتها ، ومن ذلك المحافظة على طهورها
، والمحافظة عليها في أوقاتها – .
( فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ ) الْفَلَاحُ الْفَوْزُ وَالظَّفَرُ ، وَالْإِنْجَاحُ
الحصول على المطلوب .
قال القارىء فِي ” مرقاة المفاتيح ” (3/889) :
(وَإِنْ فَسَدَتْ) بِأَنْ لَمْ تُؤَدَّ ، أَوْ أُدِّيَتْ غَيْرَ صَحِيحَةٍ ، أَوْ
غَيْرَ مَقْبُولَةٍ .
(فَقَدْ خَابَ) بِحِرْمَانِ الْمَثُوبَةِ (وَخَسِرَ) بِوُقُوعِ الْعُقُوبَةِ .
( فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ : يُحْتَمَلُ
أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا انْتَقَصَ مِنْ فُرُوضِهَا وَشُرُوطِهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ
يُرَادَ مَا تَرَكَ مِنَ الْفَرَائِضِ رَأْسًا فَلَمْ يُصَلِّهِ فَيُعَوِّضُ عَنْهُ
مِنَ التَّطَوُّعِ .
وقال ابن الْعَرَبِيِّ : يُحْتَمَلُ أَنْ يُكَمِّلُ لَهُ مَا نَقَصَ مِنْ فَرْضِ
الصَّلَاةِ وَأَعْدَادِهَا بِفَضْلِ التَّطَوُّعِ، وَيُحْتَمَلُ مَا نَقَصَهُ مِنَ
الْخُشُوعِ ، وَالْأَوَّلُ عِنْدِي أَظْهَرُ ؛ لِقَوْلِهِ : ( ثُمَّ الزَّكَاةُ
كَذَلِكَ وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ ) ، وَلَيْسَ فِي الزَّكَاةِ إِلَّا فَرْضٌ أَوْ
فَضْلٌ ، فَكَمَا يُكَمِّلُ فَرْضَ الزَّكَاةِ بِفَضْلِهَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ ،
وَفَضْلُ اللَّهِ أَوْسَعُ وَوَعْدُهُ أَنْفَذُ وَعَزْمُهُ أَعَمُّ ” انتهى مختصرا
من ” تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ” (2/383-384) .

وقال ابن رجب رحمه الله :
” اختلف الناس في معنى تكميل الفرائض من النوافل يوم القيامة :
فقالت طائفة : معنى ذلك أن من سها في صلاته عن شيء من فرائضها أو مندوباتها كمل ذلك
من نوافله يوم القيامة ، وأما من ترك شيئا من فرائضها أو سننها عمدا ، فإنه لا يكمل
له من النوافل ؛ لأن نية النفل لا تنوب عن نية الفرض .
وقالت طائفة : بل الحديث على ظاهره في ترك الفرائض والسنن عمدا وغير عمد .
وحمله آخرون على العامد وغيره ، وهو الأظهر – إن شاء الله تعالى ” انتهى من ” فتح
الباري ” لابن رجب (5/144) .

وقال علماء اللجنة الدائمة
للإفتاء :
” تطوع كل فريضة من صلاة وصيام وزكاة ونحوها يكمل بها ما نقص من الفريضة ” انتهى من
” فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى ” (7/235) .

فالحاصل أن النوافل تكمل
النقص في الفرائض ، وهذا النقص على نوعين : إما أن يكون نقص صفة ، بأن يكون قد صلى
ولكنه صلى صلاة ناقصة ، وإما أن يكون لم يصل بل ترك الصلاة رأسا ، فإن هذا النقص
بنوعيه يكمل من النافلة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
” من قَصَّرَ في قضاءِ الفوائتِ فليجتهدْ في الاستكثار من النوافل ، فإنه يُحاسَب
بها يومَ القيامة ” انتهى من ” جامع المسائل ” (4/109) .

ثانيا :
إذا كانت النوافل تكمل النقص الحاصل في الفرائض فالسنن الرواتب داخلة في هذا ،
فإنها أفضل نوافل الصلاة .

قال علماء اللجنة الدائمة
للإفتاء :
” السنن الرواتب يكمل بها ما نقص من الفريضة ” انتهى من ” فتاوى اللجنة – المجموعة
الثانية ” (5/418) .

ثم قال النبي صلى الله عليه
وسلم في الحديث : ( ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ ) أَيْ إِنِ
انْتَقَصَ فَرِيضَةً مِنْ سَائِرِ الْأَعْمَالِ تُكَمَّلُ مِنَ التَّطَوُّعِ ”
انتهى من ” تحفة الأحوذي” (2/384) .
فإن كان عليه نقص في صيامه ، وكان له صيام تطوع ، جبر التطوع نقص الفرض ، وهكذا في
الصدقة ، والحج .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android