0 / 0
11,39123/06/2015

مريضة وتخاف الضرر من انحنائها لغسل رجليها

السؤال: 222832

تعرضت لخطر الولادة المبكرة وأنا حامل في الشهر السادس ، والحمد لله تلقيت العلاج ، وأمرني الطبيب بالبقاء في الفراش وعدم النهوض إلا لقضاء الحاجة ، وأنا الآن أصلي وآكل ، وأفعل كل شيء ، وأنا مستلقية في الفراش ، قرأت أنه يكفيني التيمم بدلا من النهوض للوضوء ، خاصة وأنني أتوضأ لكل صلاة ، بحكم الرطوبة ، ولكن وجدت أيضا أنه على من أمكنه الوضوء عن جزء : فعل ، وتيمم عن العضو الباقي . في بعض الأحيان : يتصادف نهوضي للحمام مع وقت الصلاة . فسؤالي هو : هل أتوضأ أو أغتسل إن قمت ، سواء عن الحدث الأصغر أو الأكبر ، وأتيمم عن رجلي ، لأنهما أصعب شيء بسبب الضغط على البطن والرحم ؟ أم أسأل أمي التي ترعاني حاليا ، أن تغسل قدمي ، مع أنه يشق علي حتى التفكير في ذلك ؟ أم أكتفي بغسل قدم بأخرى ، مع أن ذلك لن يغطي جميع المواضع ، خاصة بين الأصابع. وهل مرة واحدة عن كل قدم تجزئ ؟ وهل آثم إن ولدت قبل الأوان ، وتضرر جنيني ، بسبب إصراري على الوضوء أحيانا ، وعلى الغسل بدل التيمم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الأوامر التي أمر الله بها ، يفعل المسلم منها ما يستطيع ، وما لا يستطيعه فإنه يسقط عنه ، ولا يُطالَب به .
قال الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
” يأمر تعالى بتقواه ، التي هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه ، ويقيد ذلك بالاستطاعة والقدرة .
فهذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد ، أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه ، فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) ” .
انتهى من ” تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ” ( ص 868 ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) رواه البخاري ( 7288 ) ، ومسلم ( 1337 ) .
قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
” وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ( َإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأمر فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) دليل على أن من عجز عن فعل المأمور به كله ، وقدر على بعضه ، فإنه يأتي بما أمكنه منه ، وهذا مطرد في مسائل :
منها الطهارة ، فإذا قدر على بعضها ، وعجز عن الباقي : إما لعدم الماء ، أو لمرض في بعض أعضائه دون بعض ، فإنه يأتي من ذلك بما قدر عليه ، ويتيمم للباقي ، وسواء في ذلك الوضوء والغسل على المشهور ” انتهى من ” جامع العلوم والحكم ” ( 1 / 256 ) .

فإذا لم تستطيعي الانحناء لغسل قدميك بيديك ، فيكفي أن تفرغي الماء عليهما وتتأكدي من وصوله إلى جميع القدم ، ولعل هذا باستطاعتك فعله ، ولا يجب أن تكرري الغسل ثلاث مرات ، ولا يلزم أن تدلكيهما بيدك ، فالدلك ليس واجبا عند جمهور العلماء ، للفائدة راجعي الفتوى رقم : ( 93056) .
وكذا تخليل الأصابع ؛ فإذا دخل الماء بين الأصابع فإن هذا يكفي ، والتخليل في هذه الحالة سنة عند جمهور العلماء راجعي الفتوى رقم : (126379).
ويمكنك أن تضعي ماء في إناء ، ثم تغمسي قدمك في هذا الماء حتى يصل الماء إلى الكعبين ، فهذا يكفيك أيضا .

وإذا لم تستطيعي أن تفعلي ذلك بنفسك ، فلا حرج عليك من أن تطلبي المساعدة من والدتك أو غيرها .
وليس في هذا إساءة أدب ، لأنك إنما تطلبين هذا بسبب ظروفك المرضية التي تمرين بها .
ثم إن وضع الماء في الإناء : هو مثل المساعدة في الوضوء ، وهو ألطف من مباشرة غسل القدم ، إن كان يشق على نفسك أن تطلبي ذلك من الوالدة ، وهو يؤدي الغرض، إن شاء الله .

فإذا عجزت عن كل هذا ففي هذه الحالة يشرع لك التيمم عن قدميك .

ثانيا :
فعل الرخصة لمن هو في حاجة إليها : أمر مشروع ومحبوب إلى الله تعالى .
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ ) رواه أحمد ( 10 / 107 ) ، وصححه الألباني في ” إرواء الغليل ” ( 3 / 9 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” فعدول المؤمن عن الرهبانية والتشديد وتعذيب النفس الذي لا يحبه الله ، إلى ما يحبه الله من الرخصة : هو من الحسنات التي يثيبه الله عليها” انتهى من ” مجموع الفتاوى “( 10 / 462 ) .

ثالثا :
أما إلحاق الضرر بالنفس ، أو بالغير ، من غير إذن من الشارع : فهو محرم من غير شك .
قال الله تعالى : ( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة/ 195.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
” والإلقاء باليد إلى التهلكة يرجع إلى أمرين : ترك ما أُمر به العبد ، إذا كان تركه موجبا أو مقاربا لهلاك البدن أو الروح ، وفعل ما هو سبب موصل إلى تلف النفس أو الروح ، فيدخل تحت ذلك أمور كثيرة … ومن ذلك : تغرير الإنسان بنفسه في مقاتلة أو سفر مخوف ، أو محل مسبعة أو حيات ، أو يصعد شجرا أو بنيانا خطرا ، أو يدخل تحت شيء فيه خطر ونحو ذلك ، فهذا ونحوه ، ممن ألقى بيده إلى التهلكة ” .
انتهى من ” تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ” ( ص 90 ) .
وقال الله تعالى : ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) النساء /29 .
أي: لا يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل الإنسان نفسه .

وبناء على هذا ، فلا يجوز لك أن تفعلي شيئا يكون سببا في الإضرار بنفسك أو بالجنين ، فإذا نصحك الطبيب بعدم الحركة كثيرا أو بأن اغتسالك سوف يكون خطرا على الجنين : فإنك تكتفين بالتيمم حينئذ .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android