هل يجوز لامرأة متزوجة أن تعمل لكي تنفق على أبويها اللذين لا يملكان أي نوع من أنواع الدخل؟ إنني في الحقيقة أعمل منذ سنوات ، وأقوم بالإنفاق على والديّ ، خصوصاً وأن والدي مريض بالقلب ، والعمود الفقري ، وغارق في الديون. وأخي الأصغر عاطل عن العمل ، ومعظم نفقات علاج أبوي تغطيها الشركة التي أعمل فيها ، إنني أرتدي الحجاب في العمل وأحرص على هذه الجزئية ، وقد تزوجت منذ بضعة أشهر، وزوجي يعلم جيداً أنني من أقوم بالنفقة على أبوي ، وقد انتقل مؤخراً إلى مدينة أخرى للعمل فيها ، وطلب مني اللحاق به ، وهذا يعني ترك عملي وبالتالي التخلي عن مسئوليتي تجاه والديّ .
وما زلت في العمل حتى الآن ، محاولة في الوقت ذاته البحث عن عمل في تلك المدينة ، لكن للأسف لم أحصل على شيء حتى اللحظة ، وزوجي يُلح بسرعة اللحاق به ، إنه أمر محير حقاً، ولا أدري كيف أوفّق بين حق والديّ وحق زوجي ، فما نصيحتكم ؟
تعمل لتنفق على والديها ، وزوجها يعمل في مدينة أخرى ، ويطلب منها اللحاق به ، فماذا تفعل ؟
السؤال: 223048
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
بر الوالدين والإحسان إليهما والنفقة عليهما من أفضل الطاعات والأعمال الصالحة ، وهو باب من أبواب الجنة لاسيما مع كبرهما ومرضهما ، بل الإنفاق عليهما في هذه الحالة ليس مجرد إحسان يفعله الولد ، بل هو أمر واجب عليه ، فيجب على الولد (الذكر أو الأنثى) إذا كان غنيا: أن ينفق على أبويه الفقيرين المحتاجين .
وقد سبق بيان ذلك بأدلته في الفتوى رقم : (111892) .
وقد ذكرت أن زوجك يعلم ظروف أسرتك ، وأنك أنت التي تقومين بالنفقة عليها .
وبناء على هذا ؛ فلا نرى أنه يحق له أن يأمرك بترك العمل الذي تزوجك وأنت تعملين فيه ، والسفر إليه ، لأن ذلك سيوقع ضررا بالغا بوالديك .
قال البهوتي في “الروض المربع” :
” (وله منعها من إجارة نفسها) لأَنه يفوت بها حقه، فلا تصح إجارتها نفسها إلا بإذنه ؛ وإن أَجرت نفسها قبل النكاح صحت ولزمت ” .
قال ابن قاسم في “حاشيته” :
” أي صحت الإجارة ، ولزم عقدها، ولم يملك الزوج فسخها، لأن منافعها ملكت بعقد سابق على نكاحه” انتهى من “الروض المربع ، مع حاشية ابن قاسم” (6/444) ، وينظر أيضا : ” مطالب أولي النهى” (5/272) .
والذي ننصح به زوجك أن يصبر ، ويكون عونا لك على برك بوالديك ، وإحسانك إليهما ، وننصحك أيضا بالبحث الجاد عن عمل في مدينة زوجك ، حتى يمكنك الانتقال إليه ومساعدة والديك بما يحتاجان إليه من مال .
وليضع زوجك نفسه مكان والديك ، ولينظر كيف يحب أن يكون تصرف زوج ابنته ؟ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نعامل الناس بمثل ما نحب أن يعاملونا به .
وينبغي أن تتلطفي مع زوجك ووالديك حتى تتمكني من القيام بحقهم جميعا ، وأن لا ترضي أحدا على حساب تضييع حق الطرف الآخر .
نسال الله تعالى أن يوفقك لكل خير وأن ييسر لك أمرك .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة