روى ابن ماجه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ما خلا النبيين والمرسلين ) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ فاطمة سيدة أهل الجنة ، فهل المقصود بالسيادة هنا أنه سيكون لهم الحكم والملك في الجنة ؟
معنى السيادة في قوله صلى الله عليه وسلم : (أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مَا خَلَا النَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِينَ)
السؤال: 223106
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
روى الترمذي (3666) ، وابن ماجة (95) عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الجَنَّةِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مَا خَلَا النَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِينَ) .
وروى البخاري (3623) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لفاطمة رضي الله عنها : ( أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ، أَوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ ؟ ) .
وروى الترمذي (3781) وحسنه ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ هَذَا مَلَكٌ لَمْ يَنْزِلِ الأَرْضَ قَطُّ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ وَيُبَشِّرَنِي بِأَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ ، وَأَنَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ)وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
قال ابن كثير رحمه الله :
” وأفضل الصحابة، بل أفضل الخلق بعد الأنبياء عليهم االسلام: أبو بكر الصديق ، ثم من بعده: عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب ” انتهى من “الباعث الحثيث” (ص 183) ، وينظر : “فتح المغيث” للسخاوي (4/ 113) ، “الصواعق المحرقة” للهيتمي (2/ 706) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وهما – يعني الحسن والحسين – رضي الله عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَهَذَا الصِّنْفُ أَكْمَلُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ ” انتهى من “منهاج السنة النبوية” (4/ 169) .
وقال القاري رحمه الله :
” الْكُهُولُ: جَمْعُ الْكَهْلِ، وَهُوَ – عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ – مَنْ جَاوَزَ الثَّلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ إِلَى إِحْدَى وَخَمْسِينَ، فَاعْتَبَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا حَالَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ كَهْلٌ ، وَقِيلَ: سَيِّدَا مَنْ مَاتَ كَهْلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا كَهْلٌ ، بَلْ مَنْ يَدْخُلُهَا ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ ، وَإِذْ كَانَا سَيِّدَيِ الْكُهُولِ ، فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَا سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِهَا ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (9/ 3913) .
ويؤيد ذلك ما رواه عبد الله بن أحمد في “زوائد الزهد” (602) عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: ” كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَقَالَ: ( يَا عَلِيُّ، هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَشَبَابِهَا بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ) .
وحسنه محققو المسند ، وكذا حسنه الألباني في “الصحيحة” (2/468) .
ثانيا :
المقصود بالسيادة في هذه الأحاديث : الأفضلية ، فهؤلاء السادة هم أفضل أهل الجنة ، ومقدموهم ، قال المناوي رحمه الله :
” السيد : أفضل القوم ؛ كما ورد : ( قوموا إلى سيدكم ) أي أفضلكم ” .
انتهى من “فيض القدير” (4/ 120) .
وجاء في ” لسان العرب ” (3/ 228) .
” والسَّيِّدُ يُطْلَقُ عَلَى الرَّبِّ وَالْمَالِكِ وَالشَّرِيفِ وَالْفَاضِلِ وَالْكَرِيمِ وَالْحَلِيمِ ومُحْتَمِل أَذى قَوْمِهِ وَالزَّوْجِ وَالرَّئِيسِ والمقدَّم ” انتهى .
وليس المقصود بالسيادة أنه سيكون لهم الحكم والملك في الجنة ، فيحكمون على غيرهم ويسوسونهم ، كما يحكم الأمير والقاضي في أهل الدنيا ، فالحكم والملك كله لله يوم القيامة ، ولكل واحد من أهل الجنة ملكه الخاص به ، يتنعم به ، وبما فيه من قصور وجنات وزوجات .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب