0 / 0
11,15610/12/2014

حكم استفتاء علماء بلد غير بلدها في مسائل الطلاق

السؤال: 223288

أنا مصرية ، فهل يجوز الاستماع لشيوخ دولة أخرى في مسألة الطلاق ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الواجب على العامي ، أو طالب العلم الذي لم يتأهل للنظر : أن يرجع في أمر دينه ، والنوازل التي تواجهه إلى أهل العلم الثقات ، فيسألهم ، ويصدر عن كلامهم ، قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل /43، 44 .
قال القرطبي رحمه الله في “تفسيره” (2/212) : ” فرْض العامِّي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها ، لعدم أهليته ، فيما لا يعلمه من أمر دينه ، ويحتاج إليه : أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده ، فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه ، لقوله تعالى: ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) ، وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه ، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس” انتهى .
وقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله : ” وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم ، وأن أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل ؛ فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث ، وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم ، وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة ، فدل على أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله … ” انتهى من “تفسير السعدي” (441).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله” : واجتهاد العامة هو طلبهم العلم من العلماء ، بالسؤال والاستفتاء ، بحسب إمكانهم ” انتهى من “جامع الرسائل” (2/318) .
ويلزم العامي في استفتائه أهل العلم أن يقصد منهم من عُرِف بالعدالة والاجتهاد ، وتحرِّي الحق والصواب ، دون من عرف بالتهاون ، وتتبع الرخص ، واتباع الهوى ، فقد نص أهل العلم على عدم جواز استفتاء المتساهل في الفتوى .
قال النووي رحمه الله تعالى : ” يحرم التساهل في الفتوى ، ومن عُرِف به : حَرُم استفتاؤه فمن التساهل : أن لا يتثبت ويسرع بالفتوى قبل استيفاء حقها من النظر والفكر ؛ فإن تقدمت معرفته بالمسؤول عنه : فلا بأس بالمبادرة ، وعلى هذا يحمل ما نقل عن الماضين من مبادرة . ومن التساهل أن تحمله الأغراض الفاسدة على تتبع الحيل المحرمة أو المكروهة ، والتمسك بالشبه ، طلبا للترخيص لمن يروم نفعه ، أو التغليظ على من يريد ضره ” انتهى من ” آداب الفتوى والمفتي والمستفتي ” (1 / 38) .
وقال ابن حمدان الحنبلي رحمه الله : ” يحرم التساهل فِي الْفَتْوَى ، واستفتاء من عرف بذلك ، إِمَّا لتسارعه قبل تَمام النّظر والفكر ، أَو لظَنّه أَن الْإِسْرَاع براعة ” .
انتهى من ” صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ” (ص31).
فالواجب إذن استفتاء العالم العدل الثقة ، وسواء كان هذا العدل في بلد المستفتي ، أو غيرها من البلدان ، ما دام صورة السؤال واضحة مفهومة ، ولغة السائل بينة في مراده بالنسبة للمستفتي ، لا يتوقف فهم النازلة ، ولا فهم مراد السائل من سؤاله على كونه من أهل البلد ، أو عارفا بلغتهم .
فإن استفتاه : أخذ قوله وعمل به ، ولا يجوز له حينئذ أن يترك قوله ويذهب إلى غيره لمجرد التشهي ، واتباع الهوى ، وتتبع الرخص ؛ فإن هذا تلاعب بدين الله ، واتباع لشهوات النفس الأمارة .
وقد سبق أن بينا بالتفصيل من كلام أهل العلم ، ما يلزم العامي إذا عرضت له نازلة وقد احتاج أن يعلم حكم الله سبحانه فيها ، فليراجع ذلك في الفتوى رقم : (105721) ، والفتوى رقم : (148057) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android