لقد قمت بطرح السؤال رقم : (223373) في وقت سابق حول حكم الانحناء لكبار السن وقد تمت إحالتي إلى جواب يذكر جواز الركوع للكبار في الإسلام ، وقد كان سؤالي محدداً حول حكم الانحناء بسبب وجود بعض أهل العلم في منطقتنا ممن يقولون : إنّ الانحناء أي الجلوس على الركبتين أمام الشخص يختلف عن الركوع أو السجود ، فأرجو توضيح المسألة بشكل يزيل اللبس حتى استطيع إطلاع أهلي على فتواكم فضلاً عن أنّ هذا الأمر يهم الكثيرين .
هل الجلوس على الركبتين أمام شخص منهي عنه ؟
السؤال: 223781
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
لا يجوز الانحناء ولا الركوع ولا السجود لشخص ما ، مهما كان كبيرا أو عظيما ، وقد كره الرسول صلى الله عليه وسلم مجرد قيام الصحابة له إذا مر عليهم أو دخل عليهم ، مع أنه مجرد قيام ، ليس فيه انحناء ولا ركوع ولا سجود .
قال أنس بن مالك رضي الله عنه : ” لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا له لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ” رواه البخاري في كتابه ” الأدب المفرد ” (946) ، وأحمد (11895) ، والترمذي (2678) ، وصححه الألباني في ” سلسلة الأحاديث الصحيحة “(358) .
وتوعد الرسول صلى الله عليه وسلم من يحب أن يقوم الناس له بأنه بذلك قد استحق أن يدخل النار ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) رواه أبو داود (4552) ، وصححه الألباني في ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” (357) .
ثانيا :
أما الانحناء أمام شخص آخر فهو منهي عنه . فقد سأل بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ” يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ ؟ ، قَالَ : ( لَا )، قَالَ : أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ ؟ قَالَ : ( لَا )، قَالَ : أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ ؟ قَالَ : ( نَعَمْ) ” رواه الترمذي (2652) ، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (160).
والانحناء المنهي عنه هو أن يكون الشخص قائما ، فإذا مر به إنسان أو دخل عليه انحنى له .
أما إذا كانت الجماعة جالسة , وجلس بعضهم على ركبتيه فهذا لا بأس به ، وليس هو الانحناء الذي نهي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما دام الشخص الذي يجثو أمامه على ركبتيه : جالس هو الآخر ، وليس قائما ، والآخر جاث على ركبتيه ، ولا تظهر فيه صورة التعظيم ، أو المبالغة في شأن من يجلس إليه .
وقد وقع ذلك من بعض الصحابة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ففي صحيح البخاري (3611) في أثناء حديث ….. : (حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ… إلخ الحديث) .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الشُّهَدَاءُ وَالنَّبِيُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَجْلِسِهِمْ مِنْهُ ) فَجَثَا أَعْرَابِيٌّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، صِفْهُمْ لَنَا وجَلِّهِمْ لَنَا ، قَالَ : ( قَوْمٌ مِنْ أَقْنَاءِ النَّاسِ مِنْ نِزَاعِ الْقَبَائِلِ تَصَادَقُوا فِي اللَّهِ وَتَحَابَّوْا فِيهِ ، يَضَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَخَافُ النَّاسُ وَلَا يَخَافُونَ ، هُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي . وصححه الألباني في ” سلسلة الأحاديث الصحيحة ” (3464) .
ثالثا:
ليس بصحيح أن الفتوى في موقعنا تجيز الركوع لكبار السن .
ينظر جواب السؤال رقم : (164865) ، و (133487).
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة