تنزيل
0 / 0

لم يصح حديث ( متى ألقى أحبابي ).

السؤال: 224048

من هم الغرباء الذين قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فيهم بأنهم أحب إليه من صحابته ، وأشار إليهم بأنهم أحباؤه ، وفي أي وقت يكون ظهورهم ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن أحبابه من المسلمين في قابل
الأيام ، أو أنه يحب أحدا أكثر من حبه لصحابته الكرام رضوان الله عليهم .
وما ثبت إنما هو وصف أتباعه بأنهم ” إخوانه ” عليه الصلاة والسلام ، وذلك في حديث
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : ” أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبُرَةَ ، فَقَالَ : ( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ
مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ
رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا .
قَالُوا : أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟
قَالَ : أَنْتُمْ أَصْحَابِي ، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ .

فَقَالُوا : كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ
اللهِ ؟
فَقَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ
ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟
قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ .
قَالَ : فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ ، وَأَنَا
فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا
يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ . فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ
قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : سُحْقًا ، سُحْقًا ) رواه مسلم (249) .
قال الإمام الباجي رحمه الله :
” ( أنتم أصحابي ) ليس نفيا لأخوتهم ، ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة ، فهؤلاء
إخوة صحابة ، والذين لم يأتوا إخوة ليسوا بصحابة ، كما قال الله تعالى ( إنما
المؤمنون إخوة )” .
انتهى نقلا عن ” شرح النووي على مسلم ” (3/138) .
وقال الزرقاني رحمه الله :
” دل بإثبات الأخوة لهؤلاء : على علو مرتبتهم ، وأنهم حازوا الآخرية ، كما حاز صلى
الله عليه وسلم وأصحابه فضيلة الأولية ، وهم الغرباء المشار إليهم بقوله : ( بدأ
الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء )، وهم القابضون على دينهم عند الفتن ،
المشار إليهم بقوله : ( القابض على دينه كالقابض على الجمر )، وهم المؤمنون بالغيب
” .
انتهى من ” شرح الزرقاني على الموطأ ” (1/149) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” ( أنتم أصحابي ) يعني : فأنتم أخص منهم ، وهم الصحابة إخوان للرسول صلى الله عليه
وسلم وأصحاب له . أما من جاءوا بعدهم من المؤمنين فهم إخوانه وليسوا أصحابه ” .
انتهى من ” شرح رياض الصالحين ” (5/ 17) .
والحاصل : أن هذا الحديث الشريف لا يعني تفضيل مَنْ بَعْدَ الصحابة عليهم ،
فالصحابة هم أيضا إخوانه عليه الصلاة والسلام ، جمعوا بين الحسنيين ، ولكنه صلى
الله عليه وسلم عدل عن تسميتهم بأنهم ” إخوانه “؛ لأن وصف الصحبة أعلى مقاما وأرفع
درجة . ولا شك أن كل من آمن به وتبعه عليه الصلاة والسلام على دينه وسنته : دخل في
مفهوم هذا الحديث الشريف ، في أي زمان أو مكان ، سواء في آخر الزمان أم في هذه
الأيام وما قبلها من العصور .
وأما لفظ ( أحبابي ) فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَتَى أَلْقَى أَحْبَابِي ؟) ،
فَقَالَ أَصْحَابُهُ : بِأَبِينَا أَنْتَ وَأُمِّنَا أَوَلَسْنَا أَحْبَابَكَ ؟ ،
فَقَالَ: ( أَنْتُمْ أَصْحَابِي ، أَحْبَابِي قَوْمٌ لَمْ يَرُونِي وَآمَنُوا بِي ،
وَأَنَا إِلَيْهِمْ بِالأَشْوَاقِ لأَكْثَرَ ) ” .
رواه أبو الشيخ الأصبهاني في ” ثواب الأعمال “، كما في ” كنز العمال ” (14/52)،
والقشيري في ” الرسالة ” (2/457) ، والديلمي في ” الفردوس ” (4/148) .
قال القشيري : أخبرنا علي بن أحمد الأهوازي ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد البصري ،
قال : حدثنا يحيي بن محمد الجياني ، قال : حدثنا عثمان بن عبد الله القرشي ، عن
نعيم بن سالم ، عن أنس بن مالك به مرفوعا .
وهذا حديث مكذوب لا يصح ، فيه علتان :
العلة الأولى : نعيم بن سالم ، والصواب أن اسمه يغنم بن سالم ، كما قال الحافظ ابن
حجر في ” لسان الميزان ” (6/315) .
ويغنم هذا قال فيه العقيلي : ” منكر الحديث ” انتهى من “الضعفاء الكبير” (4/466) ،
وقال أبو حاتم : ” مجهول ضعيف الحديث ” انتهى من ” الجرح والتعديل ” (9/314) ، وقال
ابن حبان : ” شيخ يضع الحديث على أنس بن مالك روى عنه بنسخة موضوعة ، لا يحل
الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه ، إلا على سبيل الاعتبار ” انتهى من ” المجروحين ”
(3/145) ، وقال ابن عدي : ” يروي عن أنس مناكير ” انتهى من”الكامل ” (9/178) .
العلة الثانية :
عثمان بن عبد الله الأموي ، القرشي ، الشامي ، قال فيه ابن عدي : ” حدث عن مالك ،
وحماد بن سلمة ، وابن لهيعة وغيرهم بالمناكير ، يكنى أبا عمرو ، وكان يسكن نصيبين
ودار البلاد وحدث في كل موضع بالمناكير عن الثقات … ولعثمان غير ما ذكرت من
الأحاديث أحاديث موضوعات” انتهى من ” الكامل ” (6/301-306) ، وقال فيه الذهبي : ”
متهم واه ” انتهى من” ديوان الضعفاء ” (270) .
والخلاصة أن الحديث بلفظ ( أحبابي ) منكر لا يصح ، ويغني عنه ما ذكرناه آنفا من
الحديث الصحيح في ” صحيح مسلم “.
وينظر جواب السؤال رقم : (89878) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android