يخاف أن ينهى عما يظنه منكرا فيتبين أن فيه خلافا سائغا
السؤال: 224073
,
أحيانا أجد أناسا يفعلون أشياء أعتقد أنها محرمة ، وأود نصحهم ولكني أقول في نفسي : ربما تكون المسألة فيها خلاف سائغ وأنا لا أعلم . فماذا أفعل في هذه الحالة . حيث إني أعتقد أن هذه الأشياء محرمة بناء على أخذي بقول عالم يقول بذلك ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا ينبغي أن تبادر إلى إنكار ما سمعت بتحريمه حتى تتحقق من عدم وجود الخلاف السائغ
والمعتبر فيه ، والمنكرات قسمان :
القسم الأول : المنكرات الظاهرة التي يعلمها عامة المسلمين ، كالتفريط في الصلاة ،
والكذب والظلم والغش والخيانة وأكل حقوق الناس ، فهذه المنكرات ينبغي لكل مسلم أن
ينكرها .
القسم الثاني : المنكرات التي فيها شيء من الخفاء في حكمها أو اختلف فيها العلماء
المجتهدون ، فهذه المنكرات لا يتكلم فيها إلا العلماء بحكمها وبأدلتها ومذاهب
العلماء فيها .
قال النووي رحمه الله :
” إنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه ، وذلك يختلف باختلاف الشيء
، فإن كان من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة ، كالصلاة ، والصيام ، والزنا ،
والخمر ، ونحوها ، فكل المسلمين علماء بها .
وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ، ومما يتعلق بالاجتهاد ، لم يكن للعوام مدخل
فيه ، ولا لهم إنكاره ، بل ذلك للعلماء .
ثم العلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه ، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه ” انتهى من ”
شرح مسلم ” (2/ 23)
وليس
من الحكمة أن يتعجل الإنسان في الإنكار لمجرد قول عالم سمعه أو قرأه ، فقد يكون في
المسألة خلاف بين العلماء ، وهناك أدلة أخرى لا يعلمها ، وقد يكون الصواب هو القول
الآخر الذي لا يعلمه الآن .
والله عز وجل يقول : (
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36.
وكثير من يتعجل في الإنكار إذا أكرمه الله بطلب العلم الشرعي والتوسع فيه ، تبين له
فيما بعد أنه كثيرا ما كان ينكر ما ليس بمنكر ، ولذلك ذكر العلماء أنه لا يأمر
بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه .
قال الإمام سفيان الثوري : “لا
يأمر بالمعروف ، ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه خصال ثلاث :
رفيق بما يأمر ، رفيق بما ينهى .
عدل بما يأمر ، عدل بما ينهى .
عالم بما يأمر ، عالم بما ينهى ” رواه أبوبكر الخلال في ” الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ” (ص24).
وهذا مما يدخل في قول الله عز وجل : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ
عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ
الْمُشْرِكِينَ ) يوسف/108.
قال ابن القيم رحمه الله :
” إذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها ، فهي لا تحصل إلا
بالعلم الذي يدعو به وإليه ، بل لا بد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى أقصى
حد يصل إليه السعي” انتهى من ” مفتاح دار السعادة ” (1/154) .
وإذا لم يلتزم المسلم بهذا وتكلم فيما لا يعلمه فإنه سيفسد وهو يظن أنه مصلح ، فقد
ينهي الناس عن المعروف أو يأمرهم بمنكر أو يتسبب في نزاعات وخصومات بين المسلمين ،
ولذلك قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : ” من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما
يصلح ” رواه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (7/ 175).
والحاصل : أنه ينبغي أن تقتصر في نصحك على ما تعلمه ، وما لا تعلم فيه إلا قول عالم
من العلماء فدعه حتى تتعلمه .
ولإفادة المزيد يرجى مراجعة الأرقام الآتية :
(8294) ،
(70491) ،
(177830)
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة