أنا بنت مريضة ، منذ ولدت لا أستطيع الحركة ، ومرضى ليس له علاج عند الأطباء حتى الآن ، وللأسف يزداد سوءا يوما بعد يوم ، ولا تتوقف الحالة إلى حد معين ، وسمعت حديث يبتلى المرء على قدر دينه ، فإن كان في دينة صلابة شدد عليه في البلاء ، وأشد الناس بلاء الأنبياء فالأمثل فالأمثل ، فعندما تفكرت في هذا الحديث دار في بالى أمثلة لأناس أقل بلاء مني ، ولكن أنا على ثقة بأنهم أفضل عند الله مني مائة ألف مرة ، مثلا الإمام أحمد بن حنبل ، فهو لم يبتل إلا بمحنة خلق القرآن فقط التي سجن فيها وعذب بالجلد والسجن ، حوالي أربع سنوات ، ولكن أجد أن بلائي أكبر من بلائه ( والله أعلم طبعا ) ، فأنا لا أتحرك خالص ، وبعد ، وليكن عام ، ربما لا أستطيع الجلوس حتى ، وهذا منذ ولدت وأنا أعاني مع المرض وآلامه ، ولا أخرج من البيت مطلقا بالسبع سنين ، فأنا كالسجينة ، ولست سجينة أربع جدران ، بل سجينة كرسي متحرك ، ولا أعتمد على نفسي في شيء إلا القليل ، ولم أتزوج كالإمام ، ولا أخرج كالإمام ، ولم أنجب كالإمام ، فأرجو توضيح الأمر لي ، فالأمر التبس علي في الحديث وحالي ، وأنا أستفسر عن هذا الأمر حتى أزيل الشك من قلبي ، ويزداد يقينى ، فأعينوني بارك الله فيكم .
يبتلى المرء على قدر دينه ، والبلاء أنواع ، بعضه أشد من بعض .
السؤال: 224161
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
نسأل الله أن يعافيك ، ويصلح لك أمر دينك ، وأن يرزقك الصبر والرضا بما شاء وقدر بحكمته وعلمه سبحانه .
روى الترمذي (2398) وصححه ، وابن ماجة (4023) عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ” قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟ ، قَالَ: ( الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .
والبلاء في الحديث عام ، يشمل كل أنواع البلاء ، فيشمل الابتلاء بالسراء والضراء، ويشمل الابتلاء بالحروب والفتن والاضطرابات ، ويشمل الابتلاء بتولي المسؤوليات ، كما يشمل الابتلاء بكثرة الفرق والبدع والضلالات ، وكثرة الشهوات والفجور، وانتشار الفساد في الأرض، ونحو ذلك .
وليس البلاء مقصورا على المرض أو الفقر أو نحو ذلك ، قال تعالى : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ ) الأنبياء/ 35 ، قال الطبري رحمه الله :
” يقول تعالى ذكره : ونختبركم أيها الناس بالشر وهو الشدة نبتليكم بها، وبالخير وهو الرخاء والسعة العافية فنفتنكم به ” انتهى من “تفسير الطبري” (18/ 439) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
” أَيْ: نَخْتَبِرُكُمْ بِالْمَصَائِبِ تَارَةً ، وَبِالنِّعَمِ أُخْرَى، لِنَنْظُرَ مَنْ يَشْكُرُ وَمَنْ يَكْفُرُ، وَمَنْ يَصْبِرُ وَمَنْ يَقْنَطُ ، كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَة َ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (وَنَبْلُوكُمْ) ، يَقُولُ: نَبْتَلِيكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ، بِالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ ، وَالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، وَالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ ” .
انتهى من ” تفسير ابن كثير” (5/ 342) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه لهذا الحديث :
” (أشد الناس بلاءً الأنبياء) لأن الله سبحانه وتعالى ابتلاهم بالنبوة ، وابتلاهم بالدعوة إلى الله ، وابتلاهم بقوم ينكرون ويصفونهم بصفات القدح والذم ، ولكن هذا الابتلاء هو في الواقع ؛ لأن كل ما أصابهم من جرائها فهو رفعة في درجاتهم .
(ثم الأمثل فالأمثل) يعني: الأصلح فالأصلح ، كلما كان الإنسان أصلح ، وكلما كان أقوى دعوة إلى الله ، وكلما كان أشد تمسكاً في دين الله ، كان له أعداء أكثر، قال الله تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ) الفرقان/31 ، وعداوة المجرمين للأنبياء ليس لأشخاصهم بل لما جاءوا به من الحق ، وعلى هذا فيكون كل من تسمك بما جاءوا به من الحق ناله من العداوة من المجرمين مثلما ينال الأنبياء أو أقل بحسب الحال ، والله عز وجل حكيم يبتلي بالنعم ويبتلي بالنقم ، فابتلاؤه بالنعم ليبلونا أنشكر أم نكفر، وبالنقم ليبلونا أنكفر أم نصبر، هذا هو معنى الحديث ” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح ” (94/ 13) بترقيم الشاملة .
فالبلاء الذي وقع بك أيتها الأخت المسلمة – عافاك الله منه – إنما هو نوع بلاء واحد ، وهو بلاء المرض ، وهو من الابتلاءات الدنيوية ، أما البلاء الذي نزل بالإمام أحمد رحمه الله فليس بلاء واحدا ، وليس بلاء في دنياه فحسب ، وإنما هو بلاء متعدد ، في الدين والدنيا ، فابتلي بالحبس والضرب والإهانة وتسليط أهل البدعة عليه واتهامه بالكفر وتهديده بالقتل ، كما ابتلي في دينه بمحاولة إرغامه على أن يتكلم بكلام أهل الضلال ، ولو أنه تكلم به لضل به خلق كثير ، ولانتصر أهل البدعة على أهل السنة ، ولكان عارا لا تمحوه الأيام .
كما ابتلي رحمه الله بالدنيا ، لما أتته وهي راغمة ، بعد أن رفع أمير المؤمنين المتوكل رحمه الله المحنة عن الناس ، وانتصر لأهل السنة ، ورفع قدر الإمام أحمد ، وقربه واجتباه وحباه ، وكان يرسل إليه بالأموال وأنواع الطعام ، فكان الإمام أحمد رحمه الله لا يقرب شيئا من ذلك ، ويفرقه على الفقراء من أهل الحديث وغيرهم ، وشدد على أولاده في قبول شيء منه ، وعنف بعضهم لما قبل بعض ذلك ، وهجره ، وسد بابه دونه .
قَالَ قُتَيْبَةُ بن سعيد : ” مَاتَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَاتَ الْوَرَعُ ، وَمَاتَ الشَّافِعِيُّ وَمَاتَتِ السُّنَنُ ، وَيَمُوتُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَتَظْهَرُ الْبِدَعُ ” وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ قُتَيْبَةُ: ” إِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَامَ فِي الْأُمَّةِ مَقَامَ النُّبُوَّةِ ” قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: ” يَعْنِي فِي صَبْرِهِ عَلَى مَا أَصَابَهُ مِنَ الْأَذَى فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ” .
وقَالَ أَبُو عُمَرَ ابْنُ النَّحَّاسِ وَذَكَرَ الإمام أَحْمَدَ يَوْمًا فَقَالَ:
” رَحِمَهُ اللَّهُ ، فِي الدِّينِ مَا كَانَ أَبْصَرَهُ ، وَعَنِ الدُّنْيَا مَا كَانَ أَصْبَرَهُ ، وَفِي الزُّهْدِ مَا كَانَ أَخْبَرَهُ ، وَبِالصَّالِحِينَ مَا كَانَ أَلْحَقَهُ ، وَبِالْمَاضِينَ مَا كَانَ أَشْبَهَهُ ، عَرَضَتْ لَهُ الدُّنْيَا فَأَبَاهَا ، وَالْبِدَعُ فَنَفَاهَا ” .
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: ” قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ بَعْدَمَا امْتُحِنَ أَحْمَدُ ، وَقَبْلَ أَنْ يُمْتَحَنَ : يَا مَيْمُونِيُّ ، مَا قَامَ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَامَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ . فَعَجِبْتُ مِنْ هَذَا عَجَبًا شَدِيدًا، وَذَهَبْتُ إِلَى أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ ، فَحَكَيْتُ لَهُ مَقَالَةَ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، فَقَالَ: صَدَقَ، إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَجَدَ يَوْمَ الرِّدَّةِ أَنْصَارًا وَأَعْوَانًا، وَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْصَارٌ وَلَا أَعْوَانٌ ” .
وَقَالَ هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ : ” مَنَّ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَرْبَعَةٍ : بِالشَّافِعِيِّ، فَهِمَ الْأَحَادِيثَ وَفَسَّرَهَا، وَبَيَّنَ الْمُجْمَلَ مِنَ الْمُفَسَّرِ، وَالْخَاصِّ مِنَ الْعَامِّ، وَالنَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ ، وَبِأَبِي عُبَيْدٍ عَرَفَ الْغَرِيبَ وَفَسَّرَهُ ، وَبِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ نَفَى الْكَذِبَ عَنِ الْأَحَادِيثِ ، وَبِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَبَتَ فِي الْمِحْنَةِ ، لَوْلَا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ لَهَلَكَ النَّاسُ “
انتهى من “البداية والنهاية” (14/ 407-409) .
وفوق ذلك كله ، وأهم من ذلك كله ، بالنسبة لك أنت خاصة : أن تعلمي ، يا أمة الله ، أن على العبد أن يحسن الظن بربه ، والتوكل عليه ، وينظر في حاله مع ربه ، وما يرجوه عنده من الأجر والمثوبة ، والكفارة ، ثم لا عليه بحال فلان أو فلان ، صغير أو كبير ؛ فإن خفايا الأحوال ، وما في قلوب العباد ، لا يعلمه إلا رب العالمين .
فمن يدري ؛ رب صغير القدر ، ضعيف الحال ، مسكين ، منكسر بين يدي أرحم الراحمين : له من الحال عند رب العالمين ، ما يغبطه عليه الأئمة العالمون !!
ألم تعلمي ، يا أمة الله : ( أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ ، وَلَا شُهَدَاءَ ، يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ ، وَقُرْبِهِمْ أَوْ قُرْبَتِهِمْ – شَكَّ ابْنُ صَاعِدٍ – مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ ) ؟!
وإننا لنرجو من الله : أن يرزقك البصيرة في دينه ، وحسن الظن به تبارك وتعالى ، وحسن الرجاء فيه ، والتعلق برحمته وفضله ومنه .
وإننا لنرجو لك يا أمة الله ، بما أنت فيه من الصبر والرضا والاحتساب ، أن تكوني بمقام جليل ، ومحل كريم عند أرحم الراحمين ، ونرجو الله أن يعظم لك الأجر ، ويحط عنك الوزر ، ويرفع عنك البلاء ، وقد قال سبحانه : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )الزمر/ 10، قال الأوزاعي : ” ليس يوزن لهم ولا يكال ، إنما يغرف لهم غرفا ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (7 /89) .
فهذا بلاء من يصبر عليه يوف أجره يوم القيامة .
وتذكري ، يا أمة الله ، يوم التغابن ، يوم يتمنى أهل العافية ، لو كان وقع عليهم من البلاء ما وقع ، ثم كفرت عنهم خطاياهم ، ورفعت لهم درجاتهم :
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ – رضي الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: ( يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ ، لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ ” . رواه الترمذي (2402) وحسنه الألباني .
واجعلي أسوتك بأهل الصبر على البلاء ، والرضا بالقضاء ، وحسن الظن بالله ، أرحم الراحمين :
كَانَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتُسْقِيَ بَطْنُهُ ، فَبَقِيَ مُلْقًى عَلَى ظَهْرِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً، [ كانت ثلاثين سنة ] ، لَا يَقُومُ وَلَا يَقْعُدُ . وَقَدْ نُقِبَ لَهُ فِي سَرِيرِهِ مَوْضِعٌ لِحَاجَتِهِ !!
فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشِّخِّيرُ ، فَجَعَلَ يَبْكِي لِمَا رَأَى مِنْ حَالِهِ ، فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ: لِمَ تَبْكِي؟ ، فَقَالَ: لِأَنِّي أَرَاكَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ الْفَظِيعَةِ ، فَقَالَ: لَا تَبْكِ ، فَإِنَّ أَحَبَّهُ إِلَيَّ أَحَبُّهُ إِلَيْهِ ، وَقَالَ: أُخْبِرُكَ بِشَيْءٍ ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ ، وَاكْتُمْ عَلَيَّ حَتَّى أَمُوتَ ، إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَزُورُنِي فَآنَسُ بِهَا ، وَتُسَلِّمُ عَلَيَّ فَأَسْمَعُ تَسْلِيمَهَا.
وَلَمَّا قَدِمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى مَكَّةَ – وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ – جَعَلَ النَّاسُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ لِيَدْعُوَ لَهُمْ ، فَجَعَلَ يَدْعُو لَهُمْ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ: فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا غُلَامٌ ، فَتَعَرَّفْتُ إِلَيْهِ ، فَعَرَفَنِي ، فَقُلْتُ: يَا عَمُّ ، أَنْتَ تَدْعُو لِلنَّاسِ فَيُشْفَوْنَ ، فَلَوْ دَعَوْتَ لِنَفْسِكَ لَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ، فَتَبَسَّمَ. ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَصَرِي .
“مدارج السالكين” (2/317) .
لما وَقَعَ الطَّاعُوْنُ بِالشَّامِ، فَخَطَبَ النَّاسَ عَمْرُو بنُ العَاصِ، فَقَالَ:
هَذَا الطَّاعُوْنُ رِجْزٌ، فَفِرُّوا مِنْهُ فِي الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ شُرَحْبِيْلَ بنَ حَسَنَةَ ، فَغَضِبَ، وَجَاءَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ، وَنَعْلاَهُ فِي يَدِهِ ، فَقَالَ:
صَحِبْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَكِنَّهُ رَحْمَةُ رَبِّكُم ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُم ، وَوَفَاةُ الصَّالِحِيْنَ قَبْلَكُم.
فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذاً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ نَصِيْبَ آلِ مُعَاذٍ الأَوْفَرَ.
فَمَاتَتْ ابْنَتَاهُ ، فَدَفَنَهُمَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ ، وَطُعِنَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ – يَعْنِي لاِبْنِهِ لَمَّا سَأَلَهُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ – قَالَ: (الحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِيْنَ )آلُ عِمْرَانَ/ 60.
قَالَ: ( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِيْنَ ) الصَّافَّاتُ/ 102 .
قَالَ: وَطُعِنَ مُعَاذٌ فِي كَفِّهِ ، فَجَعَلَ يُقَلِّبُهَا، وَيَقُوْلُ:
هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ.
فَإِذَا سُرِّيَ عَنْهُ ، قَالَ: رَبِّ! غُمَّ غَمَّكَ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ ” .
“سير أعلام النبلاء” (1/458) .
وينظر للفائدة والاستزادة جواب السؤال رقم : (35914) ، (112905) ، (135711) .
يسر الله لك أمرك ، وفرج كربك ، وكشف همك وغمك ، وأبدلك مكانه فرحا وسرورا ، وغبطة وحبورا ، وكتب لك الأجر مضاعفا، ورضي عنك ، وأرضاك.
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة