أنا شاب في الخامسة والعشرين من العمر ، تعرّفت على فتاة في الحادية والعشرين منذ ثلاث سنوات وننوي الزواج في أقرب وقت ، وقد تواصلت مع عائلتها فوافقوا ، وطلبوا مني إحضار والدي ووالدتي ، ووعدني أبي بالمجيء لكنه تخلف في اللحظات الأخيرة ؛ بحجة أن والدتي غير موافقة على هذا النكاح ، ولئن علمت بذلك فسوف تنتحر! وحجتها في ذلك أن هذه الفتاة من ثقافة أخرى وتتحدث لغة أخرى ، وقالت : إن إخوتها- أي أخوالي- أقاموا علاقات مثل هذه في السابق وكانت علاقات فاشلة لم ترتقِ إلى مستوى الزواج الحقيقي ، فحريّ بها إذاً أن تمنع ابنها من الخوض في مشروع كهذا ، وقد حاولت إقناعها بالعدول عن رأيها ، لكنها أصرت ، وقالت : إنها ستهجرني ، وطلبت مني عدم حضور جنازتها إن ماتت ، وقالت : بأنها ستحول حياتي إلى جحيم إن تزوجت تلك الفتاة ، وأنها ستدعو عليّ ، .. الخ ، فأرجو منكم التفضل بالإجابة عن الأسئلة التالية :
– لماذا تخلى عني والدي في اللحظات الأخيرة بعد أن استمر بتشجيعي ثلاث سنوات بأكملها ؟
– ما المشكلة في الزواج بفتاة مسلمة من عائلة طيبة حرصت كل الحرص على إشراك أبوي في هذا النكاح ؟
– لماذا يتعين عليَّ أنا والفتاة أن نعاني كل هذه المعاناة بسبب عائلتي ؟ وماذا أفعل إن كانت أمي تنوي الدعاء عليَّ والوقوف في طريقي ؟ وهل لهذا تأثير علينا أنا والفتاة ؟
وهل يمكننا الهرب والزواج في إحدى المحاكم دون علم كلا الأسرتين ؟
إننا نريد أن نتزوج زواجاً إسلامياً صحيحاً ، وليس في هذه الفتاة من عيب يذكر ، فهي مسلمة تحافظ على الصلاة والصيام .. الخ ، فأين الإشكال تحديداً ؟
يريد الزواج من فتاة ووالدته ترفض هذا الزواج .
السؤال: 224185
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
أما بالنسبة لهذه الفتاة ، فالأمر واضح ومحسوم : لا يحل لها أن تزوج نفسها ، ولا يحل لها أن يتولى نكاحها سوى وليها الشرعي ، فإذا كان والدها حيا ، فالواجب أن يتولى هو نكاحها ، وإن لم يكن حيا ، تولاها أخوها ، أو أقرب عصبتها إليها ؛ وأما أن تزوج نفسها من غير وليها الشرعي : فهو نكاح باطل ، لا يحل الإقدام عليه .
ثانيا :
أما بالنسبة لك : فنعم ، الرجل ولي نفسه ، ولا يشترط لصحة النكاح أن يوافق أهله وأسرته ؛ لكن : متى كان أهل البيوت المحترمة يتزوجون هكذا ؟! ومتى كان أولياء البنت : يقبلون شخصا ليزوجوه ابنتهم من غير حضور أهله ، ومن غير رضاهم بذلك ؟
إن العاقل : لا يبني قصرا ، ويهدم مصرا ، ولا يقدم على زواج يدخله في دوامة من المشكلات ، وقطيعة الأرحام ، وغضب الوالدين .
فالنصيحة لك : ألا تقدم على زواج من غير قبول أسرتك ، وموافقتهم ، وحضورهم ؛ فإن تبعات ذلك الاجتماعية والنفسية : لا قبل لك بها .
فإذا تمكنت من إقناع أهلك ، والصبر عليهم حتى يوافقوا ويقبلوا بزواجك : فافعل .
وإن عجزت عن ذلك ، فاصرف نظرك عن هذه الفتاة ، والنساء سواها كثير ، ومن ترك شيئا لله ، أبدله الله خيرا منه .
وإن كانت نفسك قد تعلقت بها ، وعز عليك تركها : فاشرح ظروفك لأسرتها ، فإن قبلوا أن يزوجوك ، وأنت بهذه الحال ، من غير أهلك ؛ فزواجك في هذه الحال ، بموافقة أهلها ، وتوليهم عقد النكاح : صحيح ، لا شيء فيه . مع أننا لا ننصحك به ، إلا إذا خفت على نفسك العنت .
يسر الله لك ، وأغناك من فضله .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب