أنا زوجة ثانية ، متزوجة من سنتين ، تقدم لي شاب ذو أخلاق ودين فرضيت به رغم اعتراض أهلي في البداية ، وبعد علم زوجته صارت مشاكل ومصاعب ، لكن حبي لزوجي دفعني للتنازل عن كثير من الأمور ، وأنا أعلم بأنه يحبني ، وزوجته الأولى تقول : إذا أردت أن تواصل حياتك مع الثانية طلقني ، بمعنى إذا تريد أرجع لك طلق زوجتك الثانية ؛ لأني ﻻ أحتمل امرأة ثانية على ذمتك ، وبعد سنتين تقريبا من المحاوﻻت ﻻقناعها تغير زوجي كثيرا ، وأنا لدي بنت وحامل بالثاني ، جعلني في خوف أنه يريد تطليقي إرضاءً لزوجته ، وحتى ترجع له ،علما بأنني لست مقصرة بشئ معه ، بل تنازلت بكل ما أملك مقابل اﻻ يطلقني ،لأني ﻻ احتمل فراقه ، وتركه ضياع لي وضياع لأطفالي .
فبماذا تنصحون زوجي به ؟ وما الحكم الشرعي بتطليقه لي ارضاء لزوجته ؟ وهل زوجي يأثم بذلك ؟
تخشى أن يطلقها زوجها إرضاء لزوجته الأولى
السؤال: 224284
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا يحل للزوجة أن تسأل زوجها طلاق ضرتها ، أو توغر صدره عليها ، لتنفرد به دونها ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا [أي : لتنفرد هي بالزوج] فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا ) رواه البخاري ( 4857 ) ، ومسلم ( 1413 ) .
ثانيا :
إذا كانت الحال مستقيمة بين الزوجين فالطلاق في هذه الحالة مكروه كراهة شديدة ، بل ذهب بعض العلماء إلى تحريمه . قال شيخُ الإسلامِ ابنِ تيمية رحمه الله : ” الأصلُ في الطلاقِ الحظرُ[أي : المنع] ، وإنما أبيحَ منه قدرَ الحاجةِ ” انتهى من” مجموع الفتاوى” (33/81) .
وليس من الحاجة المبيحة للطلاق : أن يطلق الزوج إحدى زوجتيه إرضاء للأخرى .
قال الشيخ ابن جبرين رجمه الله :
” يباح الطلاق للحاجة ، ويكره بلا حاجة ، فإذا كانت الحالة مستقيمة بين الزوجين وكل منهما يسير سيراً مستقيماً مع الآخر ؛ فإن الطلاق يكون مكروهاً ولو كان حلالاً ، لأنه يفرق بين الزوجين ، ولأنه قد يفرق بين الأولاد وأحد أبويهم ، ولما فيه من إضاعتها ” .
انتهى من “شرح أخصر المختصرات” (66/ 4) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الطلاق يترتب عليه تشتت الأسرة ، وضياع المرأة وكسر قلبها ، لا سيما إذا كان معها أولاد ، أو كانت فقيرة أو ليس لها أحد في البلد ، فإنه يتأكد كراهة طلاقها ” .
انتهى من ” الشرح الممتع ” (13/10) .
ثالثا :
النصيحة التي تقدم إلى الزوج في هذا أنه لا ينبغي أن يهدم أسرة ليحافظ على أخرى .
وليس له أن يرضي زوجته الأولى بالإضرار بزوجته الثانية وأولاده منها ، فإن هذا الطلاق سوف تتضرر به المرأة وأولادها بلا شك .
نعم ، قد ينصح بعض الرجال بعدم الزواج بأخرى حفاظا على أسرته الأولى ، إن خشي من حصول مشاكل لا يستطيع حلها وتجاوزها .
لكن الأمر يختلف إذا تزوج فعلا بأخرى ورزق منها أولادا .
والواجب عليه في هذه الحالة أن يبذل كل ما يستطيع من أجل الصلح وحصول الاتفاق .
ولا مانع من أن تتنازلي عن بعض حقوقك عليه من أجل ألا يطلقك ، حفاظا على أسرتك وعلى أولادك .
ولا يدري أحد ما الذي سيحصل غدا إلا الله تعالى ، فقد يطلق الرجل إحدى زوجتيه إرضاء للأخرى ، فلا يهنأ مع الأخرى بعيش ، ولا تستقيم الحياة بينهما ، بعد أن بدأت المشاكل وتغيرت النفوس ، وصار ينظر إليها على أنها فرضت عليه أمرا كان لا يرضاه ، وأنها فرقت بينه وبين زوجته وأولاده …. إلخ . فيكون قد خسر الأسرتين جميعا .
وينبغي أن يتدخل أهل العقل والحكمة وينصحوا الزوجة الأولى بأن ما تطلبه مخالف للشرع ، وقد نهاها عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، ويخشى عليها أن لا تهنأ هي الأخرى في حياتها الزوجية ، عقوبة لها من الله تعالى بسبب اعتدائها على الزوجة الثانية والإضرار بها .
ولتضع نفسها مكان الزوجة الثانية ، ولتنظر ما الذي كانت ترجوه في هذه الحالة ؟ ولتعامل أختها به :
روى البخاري (13) ، ومسلم (45) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) .
وروى مسلم (1844) عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( .. فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ ) .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم وأن يوفقكم لكل خير .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب