0 / 0
88,03024/01/2015

يخشى من ضيق الرزق ونفاد مدخراته

السؤال: 224368

أعاني منذ فترة طويلة من القلق بشأن رزقي في هذه الدنيا مع علمي بأنّ الرزق بيد الله سبحانه وتعالى ، وأنّ الرزق مقدر لا يزيد أو ينقص مهما حدث ، ولكن تكمن المشكلة في أنه منذ أن أنهيت دراستي حيث كان ذلك قبل فترة طويلة من الزمن ، وأنا لا استطيع كسب ما يتناسب مع ما أبذله من جهد في العمل ، فمعظم ما أنفقه هو من ميراثي ومدخراتي ، مما جعل الوساوس تدخل إلى قلبي بأنني لا أعمل بما فيه الكفاية لأكسب ما يكفي من الرزق ، وهذا الأمر يجعلني أشعر بالخجل من عائلتي ، أنا لا أنكر نعم الله علي – الحمد لله – ، وأعلم أنه هو الرزاق ، ولكن إحساسي بعدم القدرة على كسب الرزق أتعبني نفسياً ، خصوصاً وأنني أعيل العديد من الأشخاص ، وإذا بقي الحال كما هو عليه ستنفد مدخراتي في يوم من الأيام ، وذلك يجعلني دائما أظن بأنني لا أعمل بما فيه الكفاية ، لذا أحتاج لنصيحتكم حتى أرتاح من القلق والتوتر الذي أعاني منه بسبب هذه المسألة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قد قدَّر الله تعالى الأرزاق لكل إنسان ، وسوف يصل إلى كل إنسان ما قُدِّر له ، بلا زيادة ولا نقص ، فلا يمكن للإنسان – مهما فعل – أن يأخذا أكثر مما كتب له ، كما لا يمكن أيضا أن ينقص عما كتب له ، حتى شبه الرسول صلى الله عليه وسلم الرزق بالأجل ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لو أنَّ ابنَ آدمَ هرب من رزقِه كما يهرُبُ من الموتِ ، لأدركه رزقُه كما يُدرِكُه الموتُ) .
صححه الألباني في ” السلسلة الصحيحة “(952) .
فعلى الإنسان أن يطمئن إلى أنه سيستوفي رزقه كاملا .
غير أن هذا الرزق قد قدَّره الله تعالى وقَّدر معه أسبابه ، كالعمل والاجتهاد والهدايا والميراث … وغير ذلك من أسباب الرزق ، فعلى المسلم أن يطلب الرزق بأسبابه المباحة طلبا معقولا ، فلا يبالغ في الطلب حتى تكون الدنيا أكبر همه ، ولا يقصر في الطلب حتى يكون عاجزا وعالة على الناس ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّهَا النَّاسُ ، اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ؛ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ) صححه الألباني في ” صحيح ابن ماجة “(2144) .
ومعنى (وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ) “أن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة ، بغير كد ولا حرص ، ولا تهافت على الحرام والشبهات ” انتهى من “فيض القدير” (2/471) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ، تَغْدُو خِمَاصًا ، وَتَرُوحُ بِطَانًا ) رواه الترمذي (2344) ، وابن ماجه (4164) ، وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي “.
فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يرزق الناس كما يرزق الطير ، غير أنه صلى الله عليه وسلم ذكر أن الطير تعمل وتسعى في طلب الرزق فقال : ( تَغْدُو… ) ؛ فكذلك الإنسان عليه أن يعمل ويطلب الرزق ، وسوف يأتيه ما قدَّره الله له ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2-3 .

فإذا بذل الإنسان وسعه وطاقته ، ولم يأته ما يكفيه من الرزق : فالواجب عليه هنا أن يسلم للقَدَر ، ويستمر في العمل ، فإنه لا يدري متى يفتح الله تعالى له خزائنه ؟

والله تعالى له الحكمة في توسعة الرزق على من يشاء ، أو تضييقه على من يشاء ؛ قال الله تعالى : (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) الرعد /26 .

وقد رزقك الله تعالى من الميراث ومن مدخراتك ما تنفقه على نفسك ، وهذا رزق طيب من الله ، قد وصل إليك .
وقد تنفد تلك المدخرات والميراث ، وقد لا تنفد ، وقد تزيد ، وقد تنقص ، لا أحد يعلم ذلك إلا الله ؛ لكن الذي نعلمه يقينا أن كل إنسان سيأتيه رزقه الذي قدَّره الله تعالى ، وأنه يجب عليه – شرعا – أن يبذل الأسباب الملائمة لنيل رزقه ، بحسب وسعه وطاقته ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
نسأل الله تعالى أن يوسع عليك رزقه وأن يوفقك لكل خير.
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android