تقدم لي شاب للزواج وافقت عليه بملء إرادتي ، فأراد أبي الرفض بأي طريقة ، فطلب من الشاب مؤخرا من المهر غاليا ، فهل يحق لي الاعتراض على طلب أبي ؟
وافقت على الزواج وأراد والدها تنفير الشاب بالمبالغة في المؤخر
السؤال: 224378
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا: لا يجوز للولي – الأب أو غيره – أن يمنع موليته من الزواج من الكفء الذي رضيت به . قال ابن قدامة رحمه الله : ” … فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلاً لها . فأما إن طلبت التزويج بغير كُفئها : فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلاً لها ” انتهى من ” المغني ” (9/383) .
وإذا ثبت امتناع وليها من تزويجها من كفء رضيت به ، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من العصبة . فإن منعها أولياؤها كلهم بغير عذر شرعي : زوّجها السلطان مِنْ دونِهم .
وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم (197440).
ثانيا: تخفيف المهور وتيسيرها هو السنة ، وهو هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم (10525).
ثالثا: إذا اختلفت المرأة مع وليها في تحديد المهر ، فالذي يظهر من كلام أهل العلم عند كلامهم عن مسألة مشابهة أنهم يعتبرون المرجع هو مهر المثل ؛ فإن رضيت هي بمهر المثل ، وأراد هو الزيادة عليه : فلا يلتفت لقوله , وإن أراد هو مهر المثل ، وأرادت هي أقل منه : كان المعتبر قوله .
فقد جاء في المدونة (2 / 153): ” فإن كانت بكرا فقالت: قد رضيت ، وقال الولي: لا أرضى – والفرض أقل من صداق مثلها -؟ قال: الرضا إلى الولي ، وليس إليها؛ لأن أمرها ليس يجوز في نفسها. قال ابن القاسم: ولو كان الذي فرض الزوج لها هو صداق مثلها ، فقالت: قد رضيت وقال الولي: لا أرضى ، كان القول قولها ، ولم يكن للولي ههنا قول” انتهى .
وفي المقدمات الممهدات (1 / 475): “فإن فرض لها الزوج صداق مثلها فأكثر ، وأبى الوالد أن يرضى بذلك : حكم له عليه السلطان بذلك ، وكان هو صداقها الذي يجب لها نصفه بالطلاق ، وجميعه بالموت أو الدخول” انتهى.
والذي ينبغي على الولي أن ينظر في مصلحة المرأة ؛ فإن كان الزوج صاحب دين وخلق ، ففي زواجه بالمرأة مصلحة كبيرة لها ، وهي تحصيل الزوج الصالح ، وتحصيل الإعفاف ، فليس له أن يعترض على مثل ذلك ، أو يرده ؛ حتى وإن رضيت المرأة بأقل من مهر المثل ؛ لأن مصلحة تحصيل الزوج الصالح لا تعدلها مصلحة المال ، ولا المبالغة في المهور , خصوصا وأن هذا خلاف السنة كما سبق بيانه .
وفي ذلك يقول سحنون من علماء المالكية: “وقد قيل: إنها إذا رضيت بأقل من صداق مثلها : أنه جائز؛ ألا ترى أن وليها لا يزوجها إلا برضاها؟ فإذا رضيت بصداق ، وإن كان أقل من صداق مثلها: فعلى الولي أن يزوجها” انتهى من المدونة (2 / 153).
وفي القوانين الفقهية (1 / 136) : ” إذا رضيت المرأة بدون صداق مثلها ، لم يكن لأوليائها اعتراض عليها ؛ خلافا لأبي حنيفة” انتهى.
وعلى ذلك : فإن كان هذا الرجل الذي تقدم لك كفؤا في دينه وخلقه ، فلا يجوز لأبيك أن يعترض على تزويجك منه , ولا يجوز له أن يبالغ في رفع المهر بقصد تنفيره وإبعاده عنك , غاية ما يشرع له فعله على رأي بعض أهل العلم أن يطالبه بمهر المثل.
والنصيحة لك أن توسطي والدتك في ذلك ، أو يوسط هو بعض أهل الخير والحكمة ، ليقنعوه بإتمام ذلك .
فإن أبى والدك ، فالذي ننصح به الزوج أن يحتمل مثل ذلك ، ما دام قد رضي بك ، ورضيت به ما دام ذلك الذي طلب والدك زيادته : هو المؤخر ؛ ثم لك بعد ذلك أن تتنازلي له عن الزيادة ، أو تتنازلي له عن المؤخر كله ، أو ترضيه بما يمكنك من مالك ؛ متى ركنت إليه ، واطمأننت به ، وثبتت بينكما المودة والعشرة .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة