0 / 0
18,39920/01/2015

هل ينعقد النكاح بهذه الصيغة؟

السؤال: 224613

قمت منذ أيام بالعقد الشرعي وأريد التأكد من صحته علما قد كان كالآتي :
1- قبل العقد قمت بإخبار عائلة زوجتي وكانوا موافقين ( الأب , الأم , الأخ ) .
2- قدمت المهر وقد كان ذهبا .
3- العديد من الشهود كانوا حاضرين .
4- غير أنه قد تكلم أبي عوضاً عني وقد قال حرفيا مخاطبا – أبو زوجتي – : ” أتينا خاطبين وطالبين يد ابنتكم فلانة لابني فلان ” ، وأجاب الأب : بنعم ، فهل يعتبر العقد صحيحا أم باطلاً ?

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نعم ، العقد صحيح ، إذا كانت هذه الطريقة هي المتعارف عليها في بلدكم عند عقد الزواج ، والناس يعتبرون قولكم : ” أتينا خاطبين .. ” إنشاء لعقد النكاح ، وليس مجرد خطبة ، يتم بعدها عقد النكاح .
وأما إذا كان المتعارف عليه : أن هذه الصيغة هي مجرد خطبة ، وليست إنشاء لعقد النكاح ، فلابد من تجديد العقد ، مع ذكر صيغة التزويج ، أو ما يدل عليه في الإيجاب والقبول ، كأن يقول ولي الزوجة : زوجتك ابنتي .. ، وتقول أنت : نعم ، أنا قبلت .
أو تقول أنت له : زوجني ابنتك ، ويقول هو : قبلت ، أو زوجتك ، أو نحو ذلك .

ومما يعينكم على معرفة ما حصل منكم : هل هو مجرد خطبة ، أو هي عقد زواج : النظر في حالكم عند حصول ذلك ؛ فإذا كنت قد تقدمت لخطبة الفتاة قبل ذلك ، وقبلوا بك خاطبا ، على ما يجري من عادة الناس ، وتواعدتم أن يكون هذا الاجتماع لأجل التزويج ، فهذه قرائن كافية للحكم بأن ما حصل من الكلام بينكم كان عقد تزويج ، وليس مجرد خطبة .

وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اختلاف الفقهاء في العقود : هل يشترط في صحتها صيغة أو لفظ معين ، أو تصح بالفعل الدال عليها ، على ثلاثة أقوال ؛ قال :
” وَأَمَّا الْعُقُودُ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالنِّكَاحِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَنَذْكُرُ فِيهَا قَوَاعِدَ جَامِعَةً عَظِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِيهَا أَيْسَرُ مِنْهُ فِي الْعِبَادَاتِ ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: صِفَةُ الْعُقُودِ. فَالْفُقَهَاءُ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا : أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ : أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِالصِّيَغِ وَالْعِبَارَاتِ الَّتِي قَدْ يَخُصُّهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِاسْمِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ : الْبَيْعُ ، وَالْإِجَارَةُ ، وَالْهِبَةُ ، وَالنِّكَاحُ ، وَالْوَقْفُ ، وَالْعِتْقُ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ . وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أحمد ….
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهَا تَصِحُّ بِالْأَفْعَالِ فِيمَا كَثُرَ عَقْدُهُ بِالْأَفْعَالِ ، كَالْمَبِيعَاتِ الْمُحَقَّرَاتِ ، وَكَالْوَقْفِ فِي مِثْلِ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا وَأَذِنَ لِلنَّاسِ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ …
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّ الْعُقُودَ تَنْعَقِدُ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَى مَقْصُودِهَا ، مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَبِكُلِّ مَا عَدَّهُ النَّاسُ بَيْعًا أَوْ إِجَارَةً . فَإِنِ اخْتَلَفَ اصْطِلَاحُ النَّاسِ فِي الْأَلْفَاظِ وَالْأَفْعَالِ انْعَقَدَ الْعَقْدُ عِنْدَ كُلِّ قَوْمٍ بِمَا يَفْهَمُونَهُ بَيْنَهُمْ مِنَ الصِّيَغِ وَالْأَفْعَالِ.
وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مُسْتَقِرٌّ ، لَا فِي شَرْعٍ وَلَا فِي لُغَةٍ ، بَلْ يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ اصْطِلَاحِ النَّاسِ ، كَمَا تَتَنَوَّعُ لُغَاتُهُمْ ، فَإِنَّ أَلْفَاظَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَيْسَتْ هِيَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي فِي لُغَةِ الْفُرْسِ أَوِ الرُّومِ أَوِ التُّرْكِ أَوِ الْبَرْبَرِ أَوِ الْحَبَشَةِ ، بَلْ قَدْ تَخْتَلِفُ أَلْفَاظُ اللُّغَةِ الْوَاحِدَةِ.
وَلَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ الْتِزَامُ نَوْعٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الِاصْطِلَاحَاتِ فِي الْمُعَامَلَاتِ . وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمُ التَّعَاقُدُ بِغَيْرِ مَا يَتَعَاقَدُ بِهِ غَيْرُهُمْ إِذَا كَانَ مَا تَعَاقَدُوا بِهِ دَالًّا عَلَى مَقْصُودِهِمْ . وَإِنْ كَانَ قَدْ يُسْتَحَبُّ بَعْضُ الصِّفَاتِ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى أُصُولِ مالك وَظَاهِرِ مَذْهَبِ أحمد …
ثم قال : ” وَمَعْلُومٌ أَنَّ دَلَالَاتِ الْأَحْوَالِ فِي النِّكَاحِ مَعْرُوفَةٌ: مِنَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِذَلِكَ وَالتَّحَدُّثِ بِمَا اجْتَمَعُوا لَهُ، فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ” مَلَّكْتُهَا لَكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ” عَلِمَ الْحَاضِرُونَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِنْكَاحُ، وَقَدْ شَاعَ هَذَا اللَّفْظُ فِي عُرْفِ النَّاسِ حَتَّى سَمَّوْا عَقْدَهُ إِمْلَاكًا وَمِلَاكًا .. ”
ثم قال : ” وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ الْجَامِعَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْ أَنَّ الْعُقُودَ تَصِحُّ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَى مَقْصُودِهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ، هِيَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهَا أُصُولُ الشَّرِيعَةِ، وَهِيَ الَّتِي تَعْرِفُهَا الْقُلُوبُ .. ” انتهى .
” القواعد النورانية ” (ص/161) وما بعدها .

وأما مجرد تصرف والدك في العقد نيابة عنك ، فلا يبطل عقدك ؛ فإن حضورك معه ، وموافقتك على ما قال : تجعل العقد صحيحا ، لا إشكال فيه ، إن شاء الله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android