تنزيل
0 / 0

حكم سب الدين للجمادات !

السؤال: 224702

هل يجوز للمسلم أن يستعمل الألفاظ القبيحة المعنى في كلامه علي سبيل المزاح ، حيث إن لي بعض الإخوة ، حافظين لكتاب الله ويؤمون الناس في الصلاة ، وفي الفترة الأخيرة يستخدمون الألفاظ السيئة في حديثهم ، ويقولون إنهم يستغفرون كل يوم !
وماحكم سب الدين للجماد ؟ لأن أحدهم قد سب الدين يوما أمامي لهاتفه ، فقلت له : إن سب الدين كفر ، قال : الهاتف ليس له دين ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الفحش في القول والوقاحة في الكلام مما يبغضه الله تعالى ويمقت عليه ، قال تعالى :
( لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ )
النساء/ 148 .
وهو من صفات المنافقين والفاسقين ، ومن أسباب دخول النار يوم القيامة ، مع ما يعرف
به صاحبه في الدنيا من الوصف الذميم بين الناس .
انظر إجابة السؤال رقم : (148441) ،
والسؤال رقم : (198252) .

فالواجب على المسلم أن يحفظ
لسانه من فحش القول وسيء المنطق ، ولو كان مازحا ، فإن آفات اللسان من أعظم ما
يبتلى المرء به في دينه وخلقه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَهَلْ
يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا
حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ؟ ) رواه الترمذي (2616) ، وصححه الألباني في “صحيح
الترمذي” .
قال المناوي رحمه الله :
” فمن أطلق عَذَبَة لسانه مُرْخَى العِنان ، سلك به الشيطان في كل ميدان ، وساقه
إلى شفا جرف هار، إلى أن يضطره إلى البوار، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا
حصائد ألسنتهم ؟ ولا ينجي من شر اللسان إلا أن يلجم بلجام الشرع ” انتهى من “فيض
القدير” (2/ 79) .

وراجع إجابة السؤال رقم : (22170)
لمعرفة شروط وآداب المزاح الشرعي .

ويتأكد النهي عن هذه الأخلاق
الذميمة في حق من يجب أن يكونوا أهل قدوة للناس في حسن خلقهم وعفة لسانهم ، كأهل
القرآن الحافظين له ، وكأئمة المساجد الذين يصلون بالناس ، فهؤلاء وأمثالهم يجب أن
يكونوا من أبعد الناس عن فحش القول وقبيحه .
واعتياد هذه الأخلاق السيئة ، ثم الاعتذار عنها بالاستغفار منها مع التمادي فيها ،
من الغفلة وعدم العلم بالله والجهل بأسمائه وصفاته سبحانه ، ثم هو إصرار على فعل
الذنب من غير توبة صحيحة منه ، والإصرار على الصغيرة مهلكة ، فكيف إذا كان على فاحش
القول ، وعادة السوء في اللسان .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” نص العلماء على أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة , لما في ذلك من الدلالة على
أن صاحبها لم يقم في قلبه من تعظيم الله ما يوجب انكفافه عنها “. انتهى من “مجموع
فتاوى ورسائل العثيمين” (15/ 138) .

ثانيا :
سب الدين للجمادات من فاحش القول ، وبذيء اللفظ ، وهو من عادة السوء في السب والفحش
.
ويخشى على صاحبه أن يقع به إثم سب الدين ، لا سيما إذا عود لسانه ذلك الفحش ، فإنه
يوشك أن ينتقل به إلى سب دين الله صراحة ، جهارا ، كما عهد من حال من اعتاد مثل ذلك
.

وليُعلم أن كل شيء يسبح بحمد
ربه ، حتى الجمادات ، قال تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ
وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ
وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) الإسراء/ 44 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” وَهَذَا عَامٌّ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتِ وَالْجَمَادِ ، وَهَذَا
أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ .
وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ
بِحَمْدِهِ) قَالَ: ” الْأُسْطُوَانَةُ تُسَبِّحُ ، وَالشَّجَرَةُ تُسَبِّحُ ”
والْأُسْطُوَانَةُ: السَّارِيَةُ.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ صَرِيرَ الْبَابِ تَسْبِيحُهُ ، وَخَرِيرَ
الْمَاءِ تَسْبِيحُهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا
يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) .
وَقَالَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
الطَّعَامُ يُسَبِّحُ.
وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ آيَةُ السَّجْدَةِ أَوَّلَ سُورَةِ الْحَجِّ “.
انتهى من “تفسير ابن كثير” (5/ 79-80) .
وروى الدارمي (18) ، وابن حبان في “الثقات” (4/223) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ شَيْءٌ
إِلا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، إِلا عَاصِي الْجِنِّ وَالإِنْسِ ) وحسنه
الألباني في “الصحيحة” (1718) .
سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
رجل يكتب على ورقة ، وفي أثناء الكتابة أخطأ في بعض الكلمات ، فانزعج كثيراً من ذلك
ومن شدة غضبه سبَّ دين وسماء القلم والورقة ، فهل يعتبر سِباب دين القلم أو الورقة
أو الحجر أو الشجر أو الكرسي أو الكأس أو….إلخ من هذه الأشياء، هل يعتبر كفراً؟
فأجاب :
” لا شك أن هذا السب حرام ، ولو قيل إِن القلم والورقة لا يدينان بالدين الذي هو
العبادات ؛ لكن معلوم أن الدين واحد، وأن الله تعالى هو الذي سخر هذه الأقلام
والأدوات ، ويسر استعمالها، فيخاف أن السب يرجع إلى الله تعالى، فعليه التوبة
والاستغفار، وعدم العودة إلى مثل هذا ” انتهى .

http://www.ibn-jebreen.com/books/6-67-3976-3579-.html

وللفائدة راجع الفتاوى رقم :
( 4250) ، ورقم : (65551)
، ورقم : (149118) ، ورقم : (202699).

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android