0 / 0

حكم قول القائل : ” الله يعرف حدود قدرته ” .

السؤال: 224963

أنا مريض بالوسواس القهري , وكانت تأتيني وساوس كثيرة في الدين ، والحمد لله كنت أعرض عنها ، ولا أتكلم بها ، وأريد تفسير مسألة لم تغادر بالي ، لأنني قلتها عندما كنت أتحدث مع شخص، ولم أقدر أن أقولها الآن ؛ لأنني أحس بأن فيها شيئا ، وهي : الله يعرف حدود قدرته .

ملخص الجواب

والحاصل : أنه لا يصح أن يقال : " الله يعرف حدود قدرته " ؛ لأن قدرة الله لا حد لها ، اللهم إلا أن يكون مراده : أن الله يعرف حقيقة صفته ، وعظمتها على ما هي عليه ، فهذا معنى صحيح ، وإن كانت العبارة موهمة معنى باطلا . وانظر للفائدة جواب السؤال رقم : (10244)، (201651) . ولمعرفة علاج الوسواس القهري انظر جواب السؤال رقم : (90819) . والله تعالى أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
إن الله سبحانه وتعالى بكل شيء عليم ، وعلى كل شيء قدير ، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، له سبحانه مطلق القدرة ، وكمال الإرادة ، (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) البقرة / 117.
قال تعالى :
( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/ 20 ، وقال عز وجل : ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/ 106 .
قال القرطبي رحمه الله :
” فالله عز وجل قَادِرٌ مُقْتَدِرٌ قَدِيرٌ عَلَى كُلِّ مُمْكِنٍ يَقْبَلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ ” .
انتهى من “تفسير القرطبي” (1/ 224) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَالنَّاسُ فِي هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : ” طَائِفَةٌ ” تَقُولُ هَذَا عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُمْتَنِعُ لِذَاتِهِ ، مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ ، وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْمَقْدُورِ كَمَا قَالَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ حَزْمٍ. وَ” طَائِفَةٌ ” تَقُولُ: هَذَا عَامٌّ مَخْصُوصٌ يَخُصُّ مِنْهُ الْمُمْتَنِعَ لِذَاتِهِ ؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَقْدُورِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ هُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ النُّظَّارِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ لِذَاتِهِ لَيْسَ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ: (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ” انتهى ملخصا من “مجموع الفتاوى” (8/ 8-9) .
وليس لقدرة الله تعالى حد تقف عنده ، فله سبحانه القدرة المطلقة ، قال الراغب الأصفهاني رحمه الله :
” محال أن يوصف غير الله بالقدرة المطلقة معنى وإن أطلق عليه لفظا، بل حقّه أن يقال: قَادِرٌ على كذا، ومتى قيل: هو قادر، فعلى سبيل معنى التّقييد، ولهذا لا أحد غير الله يوصف بالقدرة من وجه ، إلّا ويصحّ أن يوصف بالعجز من وجه، والله تعالى هو الذي ينتفي عنه العجز من كلّ وجه. والقَدِيرُ:
هو الفاعل لما يشاء على قَدْرِ ما تقتضي الحكمة ، لا زائدا عليه ولا ناقصا عنه، ولذلك لا يصحّ أن يوصف به إلا الله تعالى، قال: (إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ” انتهى من “المفردات” (ص 657-658) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” إثبات القدرة المطلقة لله ، تتضمن أنه خالق كل شيء بقدرته ” .
انتهى من “شرح العقيدة الأصفهانية” (ص 14) .

ثانيا :
أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية ، لا مجال فيها لرأي ولا اجتهاد ، وقد وصف الله نفسه بالعلم ، فنصفه بالعلم ، ولا حرج أن نخبر عنه بالدراية ، أو بالمعرفة كما في السؤال ، لكن لا يوصف الله تعالى بأنه : داري ، أو عارف ؛ فإن باب الإخبار أوسع ، والأمر فيه أسهل من باب الوصف والتسمية .

وقد روى أحمد (21438) عَنْ أَبِي ذَرٍّ : ” أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ، فَقَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ؟ ) ، قَالَ: لَا ، قَالَ: “( لَكِنَّ اللهَ يَدْرِي، وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا ) ، وحسنه محققو المسند .
وروى ابن أبي شيبة (19356) عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عَوْفٍ الْأَحْمَسِيِّ ، قَالَ: ” كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنِ النَّاسِ فَقَالَ: أُصِيبَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ آخَرُونَ لَا أَعْرِفُهُمْ فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنَّ اللَّهَ يَعْرِفُهُمْ ” .
وصححه الألباني في “الصحيحة” (6/ 788) .
قال الشيخ صالح آل الشيخ :
” ودراية الله جل وعلا بـ ( فيم ينتطح الكبشان أو العنزان ) يعني : علمه سبحانه وتعالى بذلك .
ومعلوم أن باب الإخبار أوسع من باب الوصف ، فإن لفظ أو صفة ( الدراية ) لا يوصف الله جل وعلا بها، لكن يطلق على الله جل وعلا من جهة الإخبار أنه سبحانه وتعالى يدري بهذا الشيء ، لأنها من فروع العلم .
فهناك صفات لها جنس ، فالعلم جنس تحته صفات ، فجنس ما هو ثابت ، يجوز إطلاقه على الله جل وعلا من جهة الخبر ” .
انتهى من “كتب صالح آل الشيخ” (36 /7) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android