تشاجرت مع زوجتي في الأسبوع الماضي فطلبت مني الطلاق ثلاثاً ، وألحَّت في طلبها إلى أن قلت : “اجمعي أغراضك ، وعودي إلى بيت أبيك بمجرد أن نرجع إلى بلادنا ـ فنحن الآن في الخارج وستعود إلى البلد الأربعاء القادم ـ ، وفي الواقع لم أكن أعلم أن العبارات الضمنية تحمل معنى الطلاق الصريح وإلا لما كررتها مرات ومرات ، لقد كنت أظن أن الطلاق لا يقع إلا بقول ” أنت طالق ” ، وأحب الإشارة إلى أنها حامل ، فهل وقع طلاق أم لا ؟ وهل يجب أن تتزوج رجلاً آخر حتى تحل لي من جديد ؟ أتمنى سرد الأدلة من الكتاب والسنة .
إذا قال لامرأته : اذهبي إلى بيت أبيك ، فهل يعد طلاقا ؟
السؤال: 225492
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
نوصيك بإحسان معاشرتك لأهلك ، وأن تتغاضى وتتغافل عن بعض ما تكرهه منها ، وعلى المرأة العاقلة أن تعامل زوجها كذلك ، فإن غياب المودة والرحمة بين الزوجين ، وترك التأسي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله ، وعدم أداء الحقوق ، وسيطرة الغضب ، سبب في انقلاب الحياة الأسرية إلى جحيم لا يطاق ، وإنما الحياة بالرفق ، وتناسي الأخطاء ، وتذكر الفضائل ، ومعرفة أن البيت والأسرة استقرار وسكن يخفف عبء الحياة .
قال صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) ، وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (3331 ) ، ومسلم ( 1468 ) .
وروى الإمام مسلم في صحيحه (1469) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ) .
قال النووي رحمه الله في معنى الحديث : ” ينبغي أن لا يبغضها ؛ لأنه إن وجد فيها خلقا يُكْره ، وجد فيها خلقا مرضيا ، بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينة ، أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك ” انتهى من ” شرح مسلم ” (10/58) .
ثانيا :
قولك لزوجتك : ” اجمعي أغراضك ، وعودي إلى بيت أبيك بمجرد أن نرجع إلى بلادنا ” ونحوها من الألفاظ غير المصرحة بالطلاق ، يسميها العلماء : ” كنايات الطلاق ” ، فالكناية : هي ما يحتمل الطلاق ويحتمل غيره .
وحكم هذا اللفظ : أنه يُرجع فيه إلى نية الزوج ، فإن قصد الطلاق : وقع طلاقه ، وإن لم يقصد : لم يقع .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
“الصحيح : أن الكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية ؛ لأن الإنسان قد يقول: اخرجي ، أو ما أشبه ذلك ، غضباً، وليس في نيته الطلاق إطلاقاً، فقط يريد أن تنصرف عن وجهه حتى ينطفئ غضبهما … فعلى كل حال الصحيح أنه لا يقع إلا بنية ” انتهى من “الشرح الممتع ” (13/76) .
وبناء على هذا ، فما دمت لم تقصد الطلاق : فلا يقع الطلاق بهذا اللفظ الذي ذكرته .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب