أنا سيدة في الثلاثينات من العمر، أشغل منصبا علميا مرموقًا، مطلقة منذ عامين ولديّ طفلان، وأعيش مع طفليّ منذ الطلاق وحدي ، في شقة خاصة بي ، بخلاف شقة الزوجية الأولى ، وشقة أهلي ، بدأت أشعر بوحدة شديدة وخاصة أن أخي مسافر للخارج ، ولا أكاد أراه إلا لمامًا.
والدي رجل كبير سبعيني ، وأمي ترعاه ، أتعرض لكثير من الفتن رغم حرصي الشديد على تجنب الاختلاط ، وتجنب الحرام ، ولكن الشعور بالوحدة يقتلني ، وأهلي يمانعون زواجي خشية على صغاري ، كما أن والد أولادي يلاحقني بالمضايقات ، وهو رجل أعمال كبير ومتشعب العلاقات ، ويهددني دوما ، تقدم لي زميل أحسبه على خير ، متدين وناجح في عمله ، وأحسست بتقارب كبير بيني وبينه ، روحي وقلبي وعقلي ، ولكن أخاف من والد أولادي ، كما أن أبي معترض عليه لتوجهاته الفكرية المختلفة مع توجهات أبي ، والمتفقة معي تمام ا.
وأيضا هذا الزميل متزوج ، وأهله يرفضون بشدة فكرة التعدد ، لدرجة تهديده أن يتبرؤوا منه إن فعل ذلك ، وزوجته أيضا رافضة ، وستنفصل ، إن علمت بهذا الأمر .
هل يمكن أن أتزوجه بعقد شرعي موثق على يد مأذون ، بكامل حقوقي التي يكفلها لي الشرع والقانون ، ولكن بدون ولي ، وبمعرفة عدد محدود وقليل من المقربين؟
تريد الزواج بدون ولي من شخص متزوج يرفض أهله وزوجه زواجه الثاني
السؤال: 225540
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
نسأل الله سبحانه أن يقيك شر الفتن , وأن يحفظك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء إنه سبحانه جواد كريم .
لا يجوز للمرأة المسلمة ، صغيرة كانت أو كبيرة أن تتزوج بدون ولي ، لأن الولي شرط من شروط صحة النكاح كما بيناه في الفتوى رقم : (7989).
وأيضا : لا يجوز للولي أن يمنع موليته من الزواج ممن تقدم لها إذا كان مرضيا في دينه وخلقه ، وقد رضيت به , فإن منعها سقطت ولايته عليها وانتقلت لمن بعده من الأولياء .
وعلى هذا ، فإذا منعك والدك من الزواج بدون سبب شرعي مقبول انتقلت الولاية إلى أحد من إخوانك ، فإن قبل أخوك الذي تتحدثين عنه أن يزوجك ، فبها ونعمت ، وإن كان موافقا ، غير أنه مسافر إلى الخارج ، فبإمكانه أن يوكل هو أحد الثقات ، ليزوجك بالنيابة عنه .
فإن رفض إخوانك ، انتقلت ولاية النكاح إلى أعمامك .
فإن امتنعوا جميعا من تزويجك ، ولم يمكنك الزواج إلا بأن تتولي العقد بنفسك ، فذلك جائز في هذه الحالة للضرورة .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ، في الولي إذا منع المرأة من الزواج من الكفء الذي رضيت به ، قال :
“فيزوجها أخوها، أو عمها ، أو ابن أخيها مثلاً؛ وذلك لأنه ليس له الحق في المنع ، فهو ولي يجب عليه أن يفعل ما هو الأصلح لموليته ، فإذا لم يفعل انتقل الحق إلى غيره
ولكن المشكلة أن الناس لا يجرؤون على هذه المسألة ، فتجد الأب يمتنع من تزويج ابنته …
فلو قلنا لأخيها أو لعمها: زوجها، قال: لا أقدر أن أتعدى الأب .
ففي هذه الحال : إذا أبى الأقرب ، نذهب إلى الأبعد منه ، فإذا أبى كلُّ العَصَبة، وقالوا: ما نقدر، نخشى أن تكون فتنة ، فيجب على القاضي أن يزوجها …
فالحاصل: أن مشكلتنا أنه لا أحد من الأقارب يجرؤ أن يزوجها، وأبوها أو أخوها موجود، وهذا غلط، ويعتبر ظلماً لهذه المسكينة .
وفي هذه الحال لو أن أباها أبى ، وكل العصبة، وكذلك القاضي صار جباناً، فحينئذٍ نقول بالقول الثاني، وهو مذهب أبي حنيفة -وهو مذهب قائم من مذاهب المسلمين- : تزوِّج نفسها، وينتهي الإشكال” انتهى من ” الشرح الممتع ” (12/86-7-87) .
ثانيا :
لا يشترط إشهار هذا الزواج بحيث يعلمه كل الناس , بل إن شهد عليه شاهدان ، وتم إعلانه بين المقربين : فقد حصل المقصود من إعلان النكاح . وانظري لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (132983) .
هذا من ناحية الحكم الشرعي.
أما من جهة الواقع والظروف التي ذكرتها في سؤالك فإنا لا ننصحك بالزواج من هذا الرجل؛ لأن هذا الزواج محفوف بالمشاكل الكثيرة التي ذكرتيها ، من أهلك من جهة ، ومن أهله من جهة أخرى ، وكذلك من والد أولادك .
فهل أنت ـ حقا ـ مستعدة لمواجهة كل هذه الجبهات التي ستفتح عليك وعلى زوجك ، من جراء هذا الزواج ، وهل تعتقدين أن ظروفكما سوف تسمح لكما بالاستمرار فيه ، من غير جهة مساندة أو تأييد واحدة ، لدى الطرفين ؟!
أما نحن ، فعلى شك من ذلك !!
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك وأن يرزقك زوجا صالحا .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة