0 / 0

علاقة محرمة سببها محادثة عبر الإنترنت

السؤال: 225996

تعرفت بشاب على الإنترنت ، وشاءت الظروف أن أنتقل للبلد الذي يعيش فيه ، وقابلته وازدادت العلاقة بيننا شيئا فشيئا ، حتى وقعنا في الكبائر والمحرمات ، وكنت أحاول أن أبتعد عن هذه الكبائر ، ولكنني كنت أضعف أمامه ، وهو كان يضعف أمامي ، فلم نتمكن من الإقلاع عن الذنب مهما حاولنا ، وفي نفس الوقت كنت قد كذبت عليه من قبل ، فلم يعد يحترمني ولا يقدر أي شيء مني إلا نادرا ، وتأخرت في دراستي ، وأبعدني عن عائلتي .
هو شاب جيد ، ولكن تأثيره السلبي علي كان كبيرا ، فأنا الآن بعيدة عن عائلتي عاقة لوالدي ، وقاطعت أختي من أجله ، وأيضا أنا لا أحس بتوازن ، فمظهري يوحي بالالتزام ، وفي نفس الوقت أنا أرتكب الكبائر ، أحيانا أحس أن علي أن أبتعد عنه لأسعد عائلتي ، ولأنني أعرف أن هذا القرار سوف يكسبني رضا والدي ، وهذا سوف يجعلني أكسب آخرتي ، مع أنني سوف أحرم من فرصة الزواج مرة أخرى ، ومتابعة حياتي الطبيعية بسبب ما كان بيننا ، ولكن أنا أحبه جدا ، وقد قدمت له سنة كاملة من حياتي ، كنت فيها طوع أمره ، حرمني فيها من المضر ، ولكن من المفيد أيضا ، لأنه يقول إنه كان يريد أن يغير صفاتي السلبية ، كالكذب مثلا ، أنا الآن على وشك اتخاذ قرار سوف يحدد لي دنياي وآخرتي ، ولا أعلم هل أصبر عليه لنتزوج ، لأنني أحبه ، أم أكسر قلبي لتفرح عائلتي ، وأتسبب له بأذى ، ولكنني سأكسب آخرتي على الأقل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
جاء الإسلام ليحفظ للمرأة كرامتها وعرضها ، وشرع لها من الأحكام ما يحافظ على ذلك ، إذ الأصل للمرأة أن تقر في بيتها ، ولا تخرج منه ، ولا تتحدث مع أجنبي عنها إلا لحاجة ؛ قال تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) الأحزاب/ ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان ) رواه الترمذي ، وصححه الألباني في ” إرواء الغليل ” (273) .

وقد حذرنا ديننا العظيم أشد تحذير من إقامة العلاقات بين الجنسين خارج نطاق الزواج ، وأصول الشرع ومقاصده : قد أوصدت الباب بشدة أمام مصيبة برامج التعارف التي ذاعت وانتشرت ، عبر الصحف والمجلات وشبكة الإنترنت ، وما ذلك إلا درءاً للفتنة ، ومنعاً لحوادث العشق والغرام التي تؤول بأصحابها غالباً إلى الفواحش الخطيرة ، وانتهاك حرمات الله -والعياذ بالله- ، أو تؤدي إلى زيجات فاشلة محفوفة بالشك وفقدان الثقة .
وأنت – يا أمة الله ، هداك الله – قد أخطأت ، بل أجرمت في حق ربك ، ودينك ، ونفسك ؛ أخطأت من أول أمرك حين تعرفت عليه عبر الإنترنت ، وهذا التعارف هو الخطوة الأولى من خطوات الشيطان التي أوقعتك في كبيرة من كبائر الذنوب ، حتى كان من أمركما ما كان ، نسأل الله العظيم أن يهديكما إلى صراطه المستقيم ، ويتوب عليكما توبة نصوحا .

ثانياً :
احذري ، يا أمة الله ، أن تزيدي الطين بلة ، وتزيدي إلى ما كان منك ، جريمة أخرى ، حين تصرين على استمرار العلاقة مع هذا الشاب بحجة الزواج منه ، فهذا خداع وتزيين من الشيطان ؛ فالشاب الذي ظل طوال هذه المدة يقيم علاقة محرمة مع فتاة أجنبية ، هو في الواقع شابٌّ يفتقد الوازع الديني والحياء والأدب ، ومثل هذا لا يصلح أن يكون زوجا ومسئولا عن أسرة إلا أن يتوب ويرجع إلى الله .
وهذا الشاب الذي يعلم منك أنك تكذبين ، وقد وقع بينكما ما وقع ، وكان منكما ما كان ؛ هل تتصورين أنه سيثق بيك يوما من الدهر ، أو سيختارك زوجة لنفسه ، وقرينة لحياته ؟

مثل هذه العلاقة ، يا أمة الله ، لا يمكن أن تنتهي بالزواج ، كما هو معلوم من تجارب الناس ، فقد نال هذا الشاب منك ما يريد ، ولا يزال – فأنت اللعبة التي يتسلى بها – فإذا جاء وقت الزواج ، فسيبحث عن فتاة أخرى لا تعرف عن ماضيه السيء شيئا ، ليبدأ معها حياته الجديدة ؛ أما أنت فلا تصلحين في نظره إلا للتسلية المؤقتة ، ولا تصلحين أن تكوني زوجة وأما ، هكذا سوف ينظر إليك . وقديما قال الناصحون :
أول من تهون الزَّانِيَة فِي عينه الَّذِي يَزْنِي بهَا !!

دعك من الكلام المعسول الذي قد يقوله لك ، فهذا شيء من لوازم التسلية والخداع ، وما نقوله لك هو الحقيقة التي يعرفها الجميع ، إلا الفتاة التي وقعت ضحية لهذا الخداع .
فالفتاة التي تتعرف على شاب عن طريق النت ، وتعطيه كل شيء ، وهو يتهمها بالكذب – كما تذكرين أنت – لن تكون مأمونة عنده أن تسعى لتكرار هذه العلاقة مع غيره .

ثالثا :
يا أمة الله ، لقد وقعت مع هذا الشاب فيما وقعت فيه ، ومن شؤم تلك المعصية (أو المعاصي) أنها أوقعتك في عقوق الوالدين ، ومقاطعة أختك وسوء العلاقة مع أهلك … وهذه كبائر لا تقل عما تفعلينه معه من محرمات ، بل هذه أعظم ، فإن العاق لوالديه لا يدخل الجنة ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم .

رغم كل ما في رسالتك من آلام ، إلا أنه سرنا ما فيها من تفكيرك في الآخرة ، وإرادتك إدخال السرور على أهلك ، فذلك يدل على بقية من الخير لا تزال معك .
نعلم أنك تعيشين صراعا داخليا ، فلست سعيدة في علاقتك مع هذا الشاب ، بل تعيشين معه مجموعة من الآلام والمعاناة : تلك المعصية التي تمارسينها معه ، عدم ثقته فيك ، مقاطعتك لأهلك بسببه كل ذلك جدير بأن يحرمك السعادة والاطمئنان .
ولذلك ليس أمامك خياران ، بل هو خيار واحد فقط ، إذا أردت أن تفوزي بالآخرة ، وبرضا والديك وبرهما ، وهو التوبة الصادقة مما وقعت فيه ، وذلك بقطع العلاقة نهائيا مع هذا الشاب .
والاعتذار لوالديك وطلب العفو منهما ، ولابد من مغادرة تلك المدينة التي تقيمين فيها فورا ، مهما كلفك ذلك ، ولابد لك من العودة إلى والديك ، وبداية حياة جديدة نظيفة ، والله تعالى يفرح بتوبة عبده التائب ويعينه عليها .

وأما ما ذكرت من خوفك من عدم الزواج في المستقبل ، فهذا من سوء الظن بما عند الله من خزائن الرزق والفضل ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق/2-3 .

فإذا تبت وقطعت علاقتك بهذا الشاب ، وحرصت على بر الوالدين ، وحسن العلاقة مع أختك ، فإننا نرجو من الله الكريم ، الرحمن الرحيم ، أن يجعل الله لك مخرجا من هذه الورطة ، ويرزقك بالزوج الصالح ، وبالحياة الطيبة من حيث لا تحتسبين .

ولنفترض أنه قد صدق ما تقولين ، ولنفترض أنك بقيت دهرك كله من غير زوج ، وهذا ما لا نرجوه ولا نظنه ، إن شاء الله ؛ لكن : أليس رضا الله ، وطلب ما عنده يستحق منك بذل الثمن في طلبه ؟
أليس رضا أسرتك ، أليس العيش المحترم ، كما يعيش الناس المحترمون ، مما يوجب منك أن تضحي له برغبة طارئة ، أو نزوة جامحة ؟!
هل يحتاج هذا منك قرارا ؟ وهل هناك موازنة أصلا ؟
هل هناك موازنة بين : الظلمات والنور ، والظل والحرور ؟
هل هناك موازنة بين طهارة العفة والتوبة ، ونجاسة المعصية والفواحش ؟

نرجو أن نكون قد ساعدناك على اتخاذ ذلك القرار ، وهو قرار لا خيار لك فيه ، في واقع الأمر.
نسأل الله تعالى أن يوفقك للتوبة وأن يتقبل منك .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android