0 / 0
3,45621/04/2015

حدث لزوجته وللجنين مضاعفات أثناء الولادة فاشتكى الطبيبة للشرطة فأعطته مالا مقابل التنازل عن الشكوى

السؤال: 226058

كانت زوجتي في حالة وضع فحدث لها بعد المضاعفات نتج عنه تهتك في الرحم ونزيف شديد جدا هذا بالنسبة للأم باختصار ، أما بالنسبة للطفل فحدث له نقص أكسجين في المخ مما نتج عنه دمور في خلايا الأعصاب لدي الطفل ، كل ذلك وقامت الدكتورة بطلب إسعاف وأرسلنا الي مستشفي أخري عام ، ولم تأت معنا ، قمت بعمل محضر في قسم الشرطة بالحادثة ، فلما علمت قامت بعرض مبلغا من المال عليَّ مقابل التنازل عن المحضر ، وأنا لظروف الطفل المرضية واحتياجه الشديد إلي المال قمت بالمواقفة نظير مبلغ 40000 أربعون ألف جنيه مصري .
فهل يكون علي إثم في ذلك المال ؟ مع العلم أنها قالت لي : لو احتجت أي فلوس أخري للطفل فلتخبرني هل هذا حلال أم حرام ؟

ملخص الجواب

والحاصل : أن المال الذي اتفقتما عليه ، مقابل التنازل عن الشكوى ، والتحقيق في الأمر : هو مال حلال لك ، ما دمت تعتقد أن لكم حقا ، وأن الطبيبة فرطت ، أو أخطأت في عملها . هذا ، مع أننا لا نرى لك أن تطلب منها مالا آخر ، سوى ما اتفقتما عليه ، فإن بادرت هي من تلقاء نفسها ، فأعطتك شيئا ، عن طيب نفس ، فلا حرج عليك في قبوله . والله أعلم.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
إن كانت الطبيبة التي باشرت الولادة لم يحدث منها تفريط في العمل ، ولا إهمال في الاحتياط اللازم لنجاح العملية ، بل قامت بعملها كما ينبغي ، ولكن حدث ما حدث من هذه المضاعفات بمحض قدر الله سبحانه وتعالى : فحينئذ لا يلزمها شيء ، ولا يجوز لك أن تهددها بهذا المحضر لتأخذ منها هذا المال .

أما إن كان قد حدث منها تفريط أو تعدٍّ أثناء إجراء عملية الولادة ، فإنها تكون ضامنة لكل ما يحدث من تلف أو إصابة ، بسبب تفريطها ، سواء أكان التلف في الأم أو الجنين .
وقد سبق بيان ذلك بأدلته وأقوال العلماء في الفتوى رقم : (114047) ، و :(186025) .

وإذا ثبت أن الطبيب ضامن – في واقعة معينة – فالمال المأخوذ منه في هذه الحالة حلال ، لأنه مأخوذ بحق .
هذا من حيث تأصيل متى يضمن الطبيب ، ومتى لا يضمن ، من الناحية الشرعية ؟
أما تطبيق هذا على واقعة معينة ، كالواقعة التي وردت في السؤال ، فذلك يحتاج إلى السماع من الطرفين ، مع تقرير طبي محايد ، ثم بعد ذلك يكون الحكم : هل تضمن هذه الطبيبة أم لا ؟

ثانيا :
اتفاقك مع هذه الطبيبة على أخذ مبلغ معين مقابل التنازل عن الدعوى : هذا يسميه العلماء “الصلح على الإنكار” ، وذلك أن يدعي شخص على آخر حقا ، ثم يتفقان على التنازل عن هذه الدعوى مقابل مبلغ يدفعه المدعَى عليه للمدعي .
وذلك جائز ، وفيه مصلحة لهما ، فالمدعي يوفر على نفسه الوقت والجهد ، وقد لا يمكنه إقامة البينة على دعواه ، والمدعى عليه يوفر أيضا وقته وجهده ، ويخلص نفسه من الحضور إلى المحكمة ….. إلخ . وقد نص العلماء على جواز ذلك .
قال ابن القيم رحمه الله : “الصلح على الإنكار: “افتداء لنفسه من الدعوى واليمين، وتكليف إقامة البينة ، وليس هذا مخالفًا لقواعد الشرع، بل حكمة الشرع، وأصوله، وقواعده ، ومصالح المكلفين : تقتضي ذلك” انتهى من ” إعلام الموقعين ” (3/358) .
وقال ابن قاسم في “حاشيته على الروض المربع” (5/142) :
“ولأن المدعي مُلْجَأ إلى التأخير ، بتأخير حقه ؛ فصح له الصلح ، حيث إنه يأخذه عوضًا عن حقه الذي يعتقد ثبوته .
والمدعى عليه : يعتقد أن لا حق عليه ، وإنما يدفع ما يدفعه افتداء ، [يعني حتى لا يأتي إلى القاضي ويحلف على براءته … ونحو ذلك] ، والشرع لا يمنع من ذلك ” انتهى .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (9/240) :
“إذا قال شخص لآخر: أنا أطالبك بمائة ألف ريال ، فسكت ، فلم يقر ولم ينكر، أو أنكر ، وقال : ليس في ذمتي لك شيء ، ثم صالح بمال عوضا عن مائة ألف ، فهو صحيح ؛ لأن الأصل الحل، ولقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) ؛ فإن مفهومه : كل شرط في كتاب الله فهو حق، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً) ، وهذا لا يحل حراماً ، ولا يحرم حلالاً فيجوز.
وكذلك : إذا جاء إليَّ شخص وقال: إن في ذمتك لي مائة درهم، فقلت: ليس لك عليَّ شيء، فإنكاري هذا قد يكون عن علم ، أو عن نسيان ، وقد يكون عن جهل، أي: إني لا أدري هل الذي يطلبني فلان أو فلان ، فهذا جهل .
فالمهم : أنه ادعى عليّ ، وأنكرتُ ، إما عن علم أو جهل أو نسيان ، مع ذلك قلت: ما دمت تدعي عليَّ بهذا ، وأنا لا أقر به ، فلنجعل بيننا صلحاً، فأعطيك عن مائة الدرهم خمسين درهماً فيجوز ، وينفذ الصلح ، ويلزم كل من الطرفين بما تم عليه الاتفاق ” انتهى بتصرف .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android