كيف يتصرف في مال قبضه بعقد ربوي فاسد ؟
السؤال: 226212
قمت بالمعاملة التالية : بعت لشخص مبلغا من الدولار مقابل مبلغ من الدينار عن طريق وسيط حيث اتفقنا على 136 دولار مقابل16000 دينار جزائري ، أرسلت إلى الوسيط مبلغ الدولار المتفق عليه ، عند استلام الوسيط المبلغ أخبر المشتري بأن يقوم بالدفع لي بالدينار ، أخبرت الوسيط بأن تتم المعاملة في نفس الوقت حتى لا نقع في ربا النسيئة ، فقال لي : أن لا أقوم بالتصرف بالمبلغ الذي سيرسله لي المشتري حتى يقوم هو بالدفع للمشتري ، لم أستفسر عن صحة الأمر ، وقمت بالمعاملة حيث قام المشتري بالاتصال بي هاتفيا فأخبرته أن يقوم بإرسال المبلغ إلى حسابي وبعد مدة زمنية ( بعد فراغي من العمل ) قمت بعمل كشف للحساب للتأكد من وصول المبلغ وأخبرت الوسيط أن المبلغ قد وصلني ، قام هو بدوره بإرسال المبلغ بالدولار إلى المشتري وكان التأخير حوالي ساعتين ، فما حكم المال الذي أملكه الآن ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
بيع العملات بعضها ببعض ، يسمى صرفاً في اصطلاح الفقهاء ، والصرف يشترط لصحته
التقابض في مجلس العقد بين البائع والمشتري .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” الصَّرْفُ : بَيْعُ الْأَثْمَانِ [أي : النقود] بَعْضِهَا بِبَعْضٍ . وَالْقَبْضُ
فِي الْمَجْلِسِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ :
أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ
الْمُتَصَارِفَيْنِ إذَا افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا ، أَنَّ الصَّرْفَ
فَاسِدٌ . وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: ( الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ ) ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ
السَّلَامُ : ( بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ ) ، (
وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ
بِالْوَرِقِ دَيْنًا ، وَنَهَى أَنْ يُبَاعَ غَائِبٌ مِنْهَا بِنَاجِزٍ ) كُلُّهَا
أَحَادِيثُ صِحَاحٌ ” انتهى من ” المغني ” (4/41) .
وينظر للفائدة في جواب
السؤال رقم : (72214) .
ثانياً :
الإيداع في الحساب البنكي ، يعتبر نوعاً من أنواع القبض الحكمي ، كما جاء بذلك قرار
مجمع الفقه الإسلامي رقم : (55/4/6) ، وفيه :
” ثانيًا : إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعًا وعرفًا .
1- القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية : إذا أُودِع
في حساب العميل مبلغٌ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية ” انتهى .
وبناء على هذا ، فالقبض تم
من جهتك فقط ، وتأخر بالنسبة للطرف الثاني ، وهذا يترتب عليه أن الصرف في هذه الحال
لا يصح ، ويفسد بذلك العقد .
ثالثاً :
المال المقبوض بعقد فاسد ، اختلف أهل العلم في إفادته للملك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
” فأما المقبوض بعقد فاسد كالربا والميسر ، ونحوهما ، فهل يفيد الملك ؟ على ثلاثة
أقوال للفقهاء :
أحدها : أنه يفيد الملك ، وهو مذهب أبي حنيفة .
والثاني : لا يفيده ، وهو مذهب الشافعي وأحمد في المعروف من مذهبه .
والثالث : أنه إن فات أفاد الملك ، وإن أمكن رده إلى مالكه ، ولم يتغير في وصف ولا
سعر لم يفد الملك ، وهو المحكي عن مذهب مالك ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (29/ 327
– 328) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم
: (184263) أنه إذا أمكن التراد بين
المتعاقدين بعقد فاسد ، بأن يرجع كل واحد من المتصارفين ما أخذه من الثاني ، فهذا
هو المطلوب والواجب ، وفي هذه الحال لا مانع من التصارف من جديد .
وأما إذا لم يمكن التراد (كما لو أنفق أحد المتصارفين ما أخذه من مبلغ) ، فلا يلزم
في هذه الحال إرجاع المبلغ المأخوذ .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة