تزوجت منذ تسع سنوات ، ورُزقت بثلاث بنات ؛ الكبرى في سن السابعة ، والصغرى في الثانية من عمرها ، ومنذ أن تزوجت وأنا أسكن مع عائلة زوجي الذي يأبى تزويدي بمسكن منفصل عنهم ، رغم أنه مقتدر، ولقد حاولت معه طيلة ستة أعوام مضت ، ولكنه يصر على رأيه ، وقد بدأ صبري بالنفاد ، ولا أظنني قادرة على التحمل أكثر من هذا.
وقد تواصلت مع والديّ هناك في الوطن ، فأشارا عليّ بسرعة العودة ، وهنا أتساءل عن مَن ستؤول إليه حضانة الأطفال في حال المخالعة ؟
وهل يمكنني الذهاب إلى وطني قبل الحصول على الخلع ؟ لأنه ما عاد بوسعي المكوث في هذا البيت بعيداً عن أقاربي وأهلي ، فما العمل ؟ أشيروا عليّ على ضوء الكتاب والسنة .
أرغب في الحصول على سكن مستقل وزوجي يرفض ، فماذا أفعل ؟
السؤال: 226717
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
من حقوق الزوجة على زوجها : أن يسكنها في سكن مستقل مناسب لها مع مراعاة قدرة الزوج المالية ، وليس من حق الزوج أن يرغم زوجته على السكن مع أهله ، سواء كانت والدته ، أو أخواته ؛ بل الواجب أن يكون مسكنها مستقلا بها عن غيرها .
ثانيا :
النصيحة لك : أن تتريثي في الذهاب إلى أهلك ، وتتحاوري مع زوجك بهدوء وسكينة ، وبيني له حاجتك وحاجة بناتك إلى بيت مستقل ، وأحسني التعامل معه ، وليكن حل هذه المشكلة في جو من التفاهم والحرص على مصلحة الأسرة ، بعيدا عن التوتر والنزاعات .
وكوني على ثقة أن إحسانك لن يضيع عند الله ، وستجنين منه ثمارا نافعة في الدنيا والآخرة بإذن الله .
ثالثا :
أما طلب الطلاق أو الخلع ، فليس حلاً مناسباً لك ، خاصة مع وجود أطفال بينكما ، فما ذنبهن أن يعشن بعيدين عن والدهن ، أو عن والدتهن ؟
ثم : كيف يكون حالهن ، إذا كانت الحضانة لك ، أو الحضانة له ؟!
تأملي ذلك مليا ، وفكري فيه طويلا ، بعقل وحكمة ، بعيدا عن عواطف الغضب ، والملل والضجر .
فالذي ننصحك به ، ونلح عليك فيه : هو البقاء مع زوجك ، والصبر على حاله معك ، إلى أن يجعل الله لك فرجا ومخرجا ، ولعل الله أن يشرح صدر زوجك ، لما فيه خيره ، وخير بيته .
وحاولي أن لا تشركي والديك في مشكلاتك مع زوجك ، لاسيما وهما بعيدان عنك ، فأظهري لهما أن موضوعك سيحل عن قريب بإذن الله ، وأن أوضاعك ستتحسن ، حتى لا يكونا قلقين عليك وعلى أوضاعك.
فالنصيحة أن تتحملي وتصبري وتستمري في محاولة إقناع زوجك بأهمية السكن المستقل ، واعلمي أن الإنسان قد يكره أمرا ما ولكن يكون هو الخير له ، حيث فيه كثرة الثواب وتكفير السيئات ومصالح أخرى قد لا يعلمها الإنسان في حينها .
وصدق الله العظيم إذ يقول : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) البقرة/216.
وفي حديث ابن عباس المشهور، قال : ” كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ( يَا غُلامُ، أَوْ يَا غُلَيِّمُ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ؟ ) فَقُلْتُ: بَلَى ، فَقَالَ: ” احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ، وَإِذَا سَأَلْتَ ، فَاسْأَلِ اللهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ ، فَاسْتَعِنْ بِاللهِ ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ ، لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ ، لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ” . رواه أحمد (2803) وغيره ، وصححه الألباني .
وأخيرا :
الدعاء سلاح المؤمن ، فأكثري من الدعاء بأن يهدي الله زوجك ويجمع بينكما في خير .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير وأن ييسر لك أمرك .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب