0 / 0
31,03917/04/2015

كتاب السنة لعبد الله بن أحمد هل فيه أحاديث ضعيفة ؟

السؤال: 227069

هل جميع ما ورد في كتاب السنة لعبدالله بن أحمد بن حنبل صحيحة ، أم يوجد فيه أحاديث ضعيفة أو موضوعة ؟ فقد سمعت من أحد مشايخ الصوفية المدعو نوح ها ميم كيلير يدعي أنه راجع الكتاب مع الشيخ شعيب الأرناؤوط ، وأنّ الشيخ شعيب ذكر أن نصف ما في الكتاب من أحاديث هي ضعيفة أو موضوعة! فما صحة ذلك؟ وإن كان هذا الأمر صحيحاً ، فلماذا قام ابن الإمام أحمد بذكر هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة؟ وهل يعني ذلك أنّ الأئمة أمثال : الإمام أحمد ، وصاحب كتاب السنة ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، وغيرهم يوافقون على كل ما نسب إلى الله في ذلك الكتاب؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
كتاب ” السنة ” هو لعبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى .
وهذا الكتاب يتناول عددا من موضوعات العقيدة ؛ كبعض المسائل في باب أسماء الله تعالى وصفاته والرد على الجهمية ، وباب الإيمان والرد على المرجئة والخوارج ، وباب القدر والقدرية ، وفتنة الدجال ، وعذاب القبر ، وغيرها من المسائل .
وطريقته أنه يذكر في كل مسألة عددا من الأحاديث والآثار ويعتني بنقل أقوال والده .
ثانيا :
أحاديث وآثار كتاب ” السنة ” ليست كلها على درجة واحدة ففيها الصحيح والحسن والضعيف .
ووجود بعض الأحاديث الضعيفة في هذا الكتاب لا يؤثر على قيمة الكتاب ومحتوياته للآتي :
1- المؤلف رحمه الله تعالى يذكر في كل مسألة عددا من الأحاديث والآثار ، فضعف بعضها لا يؤثر على حكم المسألة – في الغالب – لأن الحكم يكون ثابتا بالأحاديث الصحيحة ، ويكون ذكر الحديث الضعيف تقويةً لهذا الحكم وليس إثباتا له .
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” وأهل الحديث لا يستدلون بحديث ضعيف في نقض أصل عظيم من أصول الشريعة ، بل إما في تأييده ؛ وإما في فرع من الفروع ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 4 / 25 ) .
كما أن بعض هذه الأحاديث والآثار الضعيفة هي مجرد طرق أخرى لأحاديث ثابتة صحيحة ؛ فلم تذكر استقلالا بل ذكرت على سبيل المتابعة .
2- تصحيح الأحاديث وتضعيفها في كثير من الأحيان هي عملية اجتهادية ، فقد يصحح إمام حديثا ويضعفه آخر ، فذكر المؤلف لحديث ضعيف : قد يكون ذكره اجتهادا ، فمثل هذا لا ينكر عليه ، ولا يكون سببا للطعن فيه .
3- قد يكون ذكر العالم للحديث الضعيف سببه : أنه لم يتبين له سبب ضعفه ، فقد يكون حصل له شيء من الوهم أو الخطأ أو حتى النسيان الذي لا يسلم منه بشر .
قال الحافظ ابن حجر في “النكت على ابن الصلاح” ( 1 / 447 ).
” فإن بعض من صنف الأبواب قد أخرج فيها الأحاديث الضعيفة بل والباطلة إما لذهول عن ضعفها وإما لقلة معرفة بالنقد ” انتهى .
وراجع للأهمية الفتوى رقم ( 105726 ) .
4- طريقة بعض العلماء في التأليف : أنهم يذكرون الأحاديث بأسانيدها ويتركون التحقق من صحتها على مسئولية القارئ ، ويرون أن ذكرهم للإسناد كافٍ .
فهاهو ” تفسير الطبري ” يعتبر عند أهل العلم من أجل التفاسير بالاتفاق رغم أنه يحتوي على عدد من الأحاديث الضعيفة لكنه لما ذكرها بأسانيدها رأى أنه قد برئت ذمته بذلك .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
“والاكتفاء بالحوالة على النظر في الإسناد طريقة معروفة لكثير من المحدثين وعليها يحمل ما صدر من كثير منهم من إيراد الأحاديث الساقطة معرضين عن بيانها صريحا ، وقد وقع هذا لجماعة من كبار الأئمة ، وكان ذكر الإسناد عندهم من جملة البيان ” انتهى من ” النكت على كتاب ابن الصلاح ” ( 1 / 128 ) .
وقال رحمه الله تعالى :
” أكثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مئتين وهلمّ جرا ، إذا ساقوا الحديث بإسناده ، اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته . والله أعلم ” انتهى من ” لسان الميزان ” ( 4 / 128 ) .
على أن المؤلف (عبد الله بن الإمام أحمد ) قد علق على بعض الأحاديث وبين ضعفها ، وتكلم على بعض الرواة وحكم بتوثيق بعضهم ، ونقل عن أبيه (الإمام أحمد) قوله في بعضهم .
انظر مقدمة الدكتور محمد بن سعيد القحطاني لتحقيق كتاب السنة (1/63-64) .
ثالثا :
سؤالك : (وهل يعني ذلك أنّ الأئمة أمثال : الإمام أحمد ، وصاحب كتاب السنة ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، وغيرهم يوافقون على كل ما نسب إلى الله في ذلك الكتاب ؟)
أما مصنف الكتاب فإنه يُنظر إلى الطريقة التي أورد بها الحديث ، فإن أورده محتجا به فهو دليل على أنه يعتقد ما دل عليه هذا الحديث .
أما أهل العلم الذين أتوا بعده ومنهم ابن تيمية وابن القيم وغيرهما رحمهم الله تعالى ، فهؤلاء يرون أن كتاب ” السنة ” مصدرٌ من مصادر الأحاديث النبوية والآثار السلفية في أبواب العقيدة ؛ لأن جامعها محدث حافظ متقن ضابط لما يرويه ، لكن هذا الكتاب كغيره من كتب السنة التي ذُكر فيها الصحيح والضعيف ، فلا يصح أن يستدل بشيء مما فيها إلا بعد التأكد من صحته .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
” وقد جمع طوائف من العلماء الأحاديث والآثار المروية في أبواب ” عقائد أهل السنة ” مثل : حماد بن سلمة ، وعبد الرحمن بن مهدي … ومثل مصنفات أبي بكر الأثرم ، وعبد الله بن أحمد ، وأبي بكر الخلال ، وأبي القاسم الطبراني ، وأبي الشيخ الأصبهاني ، وأبي بكر الآجري ، وأبي الحسن الدارقطني ، وأبي عبد الله بن منده ، وأبي القاسم اللالكائي ، وأبي عبد الله ابن بطة ، وأبي عمرو الطلمنكي ، وأبي نعيم الأصبهاني ، وأبي بكر البيهقي ، وأبي ذر الهروي . وإن كان يقع في بعض هذه المصنفات من الأحاديث الضعيفة ما يعرفه أهل المعرفة .
… فالواجب أن يفرق بين الحديث الصحيح ، والحديث : الكذب فإن السنة هي الحق ، دون الباطل ؛ وهي الأحاديث الصحيحة ، دون الموضوعة . فهذا ” أصل عظيم ” لأهل الإسلام عموما ، ولمن يدعي السنة خصوصا ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 3 / 379 – 380 ) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android