0 / 0

قوله تعالى : ( قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي ) ، هل فيه ما يدل على الضلال ؟

السؤال: 229123

أرجو الرد على الشبهة التالية حيث قرأتها على موقع متخصص في نشر الشبه عن الإسلام : جاء في سورة سبأ : ( قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) ، وهذا يعني احتمالية أنّ يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد ضل ، وهذا يعني احتمالية ضلال كل من تابعه على ما جاء به ، خصوصاً وأنّ الكثير يأخذونه أسوة لهم في كل أموره .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قوله تعالى : ( قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ) سبأ / 50 .
ليس في الآية ما يدل على احتمالية أن يكون عليه الصلاة والسلام قد وقع في الضلال ، حاشاه من ذلك عليه الصلاة والسلام ، وليس الإشكال في الآية ، فمعناها واضح لكل ذي فهم صحيح ، وذوق سليم ، وإنما بلية المشكك فيها من جهله بلغة العرب ، ومرض قلبه الذي يهول له الأمور ، ويخيل إليه أنه قد وقع على خلل وعيب ؛ وحاشا لله أن يكون في كتابه شيء من ذلك.

والآية : إنما سيقت على سبيل الإنصاف للخصم في المجادلة ، وفتح فرص التفكر السليم ، والتنزل معه في الحوار ؛ فالمعنى : أنه إذا افترضنا جدلا ، أنه قد وقع من النبي صلى الله عليه وسلم شيء من ضلال ، فإنما أثر هذا الضلال ، وعاقبته : على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وحاشاه من ذلك ، وحاشاه أن يضل في شيء من أمر دينه ، وقد ظهر للعالمين بيانه ، وسطعت لهم حجته ، وما قبضه ربه حتى أعلى مناره ، وجعله عاليا على ما سواه من الأديان .
قال الشيخ السعدي رحمه الله – مفسراً للآية – :
” وأنه إن ضل – وحاشاه من ذلك ، لكن على سبيل التنزل في المجادلة – فإنما يضل على نفسه ، أي : ضلاله قاصر على نفسه ، غير متعد إلى غيره … ” .
انتهى من ” تفسير السعدي ” (ص/683) .

وتعليق الشيء على شرط ، لا يلزم منه وقوع ذلك الشرط ، بل لا يلزم منه إمكان وقوع ذلك الشرط ، أو احتمال صحته . فقد جاء ذلك كثيرا في القرآن الكريم في الأمور المستحيلة ، فمن ذلك قوله تعالى : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) الأحقاف/8.
قال الشوكاني رحمه الله :
” أَيْ : قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ ، عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ ، كَمَا تَدَّعُونَ فَلَا تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تَرُدُّوا عَنِّي عِقَابَ اللَّهِ ، فَكَيْفَ أَفْتَرِي عَلَى اللَّهِ لِأَجْلِكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِ عِقَابِهِ ” .
انتهى من ” فتح القدير ” (5/18) .

ومنه – أيضاً – قوله تعالى : ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) الزخرف/81 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” يقول تعالى : ( قل ) يا محمد : ( إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) أي : لو فرض هذا : لعبدته على ذلك ، لأني عبد من عبيده ، مطيع لجميع ما يأمرني به ، ليس عندي استكبار ولا إباء عن عبادته ، فلو فرض كان هذا ، ولكن هذا ممتنع في حقه تعالى ، والشرط لا يلزم منه الوقوع ، ولا الجواز أيضا ” انتهى من ” تفسير ابن كثير ” (7/241) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في معرض كلامه على قوله تعالى : ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) – :
” التعليق بالشرط لا يدل على إمكان المشروط ، لأننا نفهم من آيات أخرى أنه لا يمكن أن يكون ، وهذا كقوله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ) ، وهو صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يَشك ، ولكن على فرض الأمر الذي لا يقع ، كقوله تعالى : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) ، فإنه لا يمكن أن يكون فيهما آلهة سوى الله عز وجل ، فتبين بهذا أن التعليق بالشرط لا يدل على إمكان المشروط ، بل قد يكون مستحيلاً غاية الاستحالة ” انتهى من ” تفسير سورة الكهف ” (ص14) .
وعليه ، فقوله تعالى : ( قُلْ إِن ضَلَلْتُ … الآية ) لا يدل على احتمال وقوع الضلال منه صلى الله عليه وسلم ، فإن هذا لا تدل عليه اللغة .

وننصحك أيها السائل ، أن لا تطالع ما يكتبه أعداء الإسلام عن الإسلام من شبه ، مادام ليس عندك شيء من العلم تدفع به تلك الشبه ، وللفائدة في هذا ينظر في جواب السؤال رقم :
(97726) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android