ما هو حكم عقد الزواج لمن جدده وبعد فترة من الزمن سمع أحد الشهود وهو يقذف الممثلات بالزنا والكفر ولا يجزم بأنه كان يفعل ذلك فترة العقد أو قبله ؟ وهل يكون الإشهار حاصلا بحكم أنه جدده أي أنه شائع بين الناس أنهما زوجان ؟
عَقَدَ النكاحَ ثم شك في عدالة أحد الشاهدين
السؤال: 229582
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يُخشى أن يكون السائل ممن أصابهم الشيطان بشيء من وسوسته ، فجعله يشك في صحة نكاحه حتى ينغص عليه عيشه ، فإن السائل ذكر أنه جدد عقد النكاح ، ثم صار بعد ذلك يشك في هذا التجديد .
فالنصيحة للسائل أن يكثر من ذكر الله تعالى والاستعاذة به من الشيطان الرجيم ، وأن لا يلتفت إلى هذه الوساوس ولا يسترسل معها .
ثانيا :
أما صحة النكاح ، فهو صحيح ، ولا إشكال فيه ، وذلك للتالي :
1- يشترط عند جمهور العلماء لصحة النكاح : شهادة شاهدين عدلين من المسلمين .
وذهب بعض أهل العلم – وهو قول قوي – إلى أن الشهادة ليست شرطا ، بل يكفي إعلان النكاح ، فحيث اشتهر النكاح وأعلن ، صحَّ ـ وهو قول الزهري والإمام مالك . واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” لا ريب في أن النكاح مع الإعلان يصح ، وإن لم يشهد شاهدان ” انتهى من “الاختيارات الفقهية” (ص 177) .
والمقصود بإشهار النكاح : إعلانه ، وجعله ظاهراً بين الناس ، ويحصل بأي شيء متعارف كإطعام الطعام عليه ، أو إحضار جمع من الناس زيادة على الشاهدين، أو بالضرب فيه بالدف حتى يشتهر ويعرف .
انظر : “الموسوعة الفقهية” (5/ 48) .
ينظر السؤال رقم : (124678) ، والسؤال رقم : (112112) .
على قول جمهور العلماء الذين يشترطون لصحة النكاح أن يشهد على العقد شاهدان عدلان ، فإنهم لم يشترطوا أن يكون الشاهد عدلا في نفس الأمر ، وإنما اكتفوا بأن يكون ظاهره العدالة ، فإن تبين بعد العقد أنه كان فاسقا لم يؤثر ذلك على عقد النكاح. قال ابن قدامة رحمه الله : ” أَمَّا الْفَاسِقَانِ: فَفِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِشَهَادَتِهِمَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَنْعَقِدُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ وَالثَّانِيَةُ: يَنْعَقِدُ بِشَهَادَتِهِمَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ . وَعَلَى كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ لَا يُعْتَبَرُ حَقِيقَةُ الْعَدَالَةِ ، بَلْ يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ مَسْتُورِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ فِي الْقُرَى وَالْبَادِيَةِ ، وَبَيْنَ عَامَّةِ النَّاسِ ، مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الْعَدَالَةِ ، فَاعْتِبَارُ ذَلِكَ يَشُقُّ فَاكْتُفِيَ بِظَاهِرِ الْحَالِ، وَكَوْنِ الشَّاهِدِ مَسْتُورًا لَمْ يَظْهَرْ فِسْقُهُ ” انتهى من “المغني” (7/ 9) .
ثم قال رحمه الله :
” فإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ كَانَ فَاسِقًا، لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ ظَاهِرَ الْفِسْقِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: نَتَبَيَّنُ أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فَاسِدًا؛ لِعَدَمِ الشَّرْطِ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ” انتهى من “المغني” (7/ 10) ، وينظر : “الحاوي الكبير” ، للماوردي (9/ 64) .
فتبين بذلك أن النكاح صحيح سواء قيل باشتراط وجود شاهدين أو قيل بأنه يكفي الإعلان .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة