0 / 0

عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار صدوق حسن الحديث ، يحتج به إلا إذا خالف من هو أوثق منه .

السؤال: 229843

ذكر العظيم آبادي في ” عون المعبود ” أن عبد الرحمن عبد الله بن دينار “متكلم فيه” مشيراً إلى ضعف روايته ، مع أن بن حجر قال عنه في” التقريب ” : أنه صدوق ، والبخاري روى عنه في صحيحه ، فماذا قصد المؤلف عندما وصفه بالضعف ؟ وهل لذلك تأثير على روايته ؟

ملخص الجواب

والحاصل : أن كون بعض العلماء تكلم في أحد الرواة لا يلزم منه أن يُحكم على هذا الرواي بالضعف على سبيل الإطلاق وترد جميع أحاديثه . وقد نقل الشيخ العظيم آبادي حديثا رواه أحمد من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ونقل تحسين الهيثمي له ولم يتعقبه بشيء . فقال : " أَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ حدثني أسيد بن أبي أسيد عن ابن أبي موسى عن أبيه أو عن ابن قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ … فذكر حديثا ، ثم قال : " وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ الْحَافِظُ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ " انتهى من "عون المعبود" (11/ 199) فقد يكون العظيم آبادي لا يضعف جميع أحاديث عبد الرحمن هذا ، بل ينظر في كل حديث على حدة . والله تعالى أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار العدوي ، روى له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ، واحتج به البخاري ، كما قال الحافظ في “الفتح” (4/417) .
وقد اختلف العلماء فيه ، فمنهم من ضعفه ، ومنهم من وثقه ، وتوسط فيه آخرون –كالشيخ الألباني- فحسنوا حديثه ولم يبلغوا به درجة الصحيح .

قال الدوري عن ابن معين : في حديثه عندي ضعف ، وقد حدث عنه يحيى القطان ، وحسبه أن يحدث عنه يحيى ، وقال أبو حاتم: فيه لين ، يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال ابن عدي: بعض ما يرويه منكر لا يتابع عليه ، وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء .
وقال السلمي عن الدارقطني : خالف فيه البخاريُّ الناسَ ، وليس بمتروك .
وقال الحاكم عن الدارقطني: إنما حدث بأحاديث يسيرة.
وقال أبو القاسم البغوي: هو صالح الحديث. وقال الحربي: غيره أوثق منه .
وقال ابن خلفون: سئل عنه علي بن المديني فقال : صدوق .
“تهذيب التهذيب” (6/ 206)
ولخص الحافظ ترجمته في “التقريب” (ص344) بقوله : ” صدوق يخطىء “
وقال عنه الألباني :
“تكلم فيه غير واحد من قبل حفظه ، وقد أورده الذهبي في ” الضعفاء ” وقال : ” ثقة ، قال ابن معين وغيره: في حديثه ضعف “، وقال في ” الميزان “: ” صالح الحديث، وقد وثق “. وقال الحافظ في ” التقريب “: ” صدوق يخطىء “.
قلت: فحسب مثله أن يحسن حديثه ، أما الصحة فلا ” .
انتهى من “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (3/ 15) .

ثانيا :
إذا روى البخاري – وكذلك مسلم – لبعض من تكلم فيهم ، فإنه ينتقي من حديثه ما يعلم أنه صحيح ، وخاصة إذا كانوا من شيوخه ، أو يورد أحاديثهم في الشواهد والمتابعات ، لا في أصول الباب .
قال الحافظ ابن حجر في “النكت” (1/288) :
” الذينَ انفردَ بهم البخاريُّ ممنْ تُكُلمُ فيهِ أكثرهُمْ مِنْ شيوخهِ الذينَ لَقِيهم ، وَعَرَفَ أحوالَهُم، وَاطلع عَلَى أحاديثهم فميّز جيدها مِنْ رديها ، ولا شكَ أنَّ المرءَ أشدّ معرفة بحديثِ شيوخهِ ، وبصحيحِ حَدِيثهم مِنْ ضعيفه ، ممن تقدم عَنْ عصرهم ” انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله عند كلامه عن الحارث بن عبيد :
” وَلَا عَيْبَ عَلَى مسلم فِي إِخْرَاجِ حَدِيثِهِ، لِأَنَّهُ يَنْتَقِي مِنْ أَحَادِيثِ هَذَا الضَّرْبِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَفِظَهُ، كَمَا يَطْرَحُ مِنْ أَحَادِيثِ الثِّقَةِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ غَلِطَ فِيهِ، فَغَلِطَ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَنِ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ إِخْرَاجَ جَمِيعِ حَدِيثِ الثِّقَةِ، وَمَنْ ضَعَّفَ جَمِيعَ حَدِيثِ سَيِّئِ الْحِفْظِ ” انتهى من “زاد المعاد” (1/364).
وقال الزيلعي رحمه الله :
” مُجَرَّدُ الْكَلَامِ فِي الرَّجُلِ لَا يُسْقِطُ حَدِيثَهُ، وَلَوْ اعْتَبَرْنَا ذَلِكَ لَذَهَبَ مُعْظَمُ السُّنَّةِ، إذْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ، بَلْ خُرِّجَ فِي الصَّحِيحِ لِخَلْقٍ مِمَّنْ تُكُلِّمَ فِيهِمْ، وَمِنْهُمْ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضبعي، والحارث بن عبد الْإِيَادِيُّ، وَأَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ الْحَبَشِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَلَكِنْ صَاحِبَا الصَّحِيحِ رحمهما الله إذَا أَخْرَجَا لِمَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ، فَإِنَّهُمْ يَنْتَقُونَ مِنْ حَدِيثِهِ مَا تُوبِعَ عَلَيْهِ ، وَظَهَرَتْ شَوَاهِدُهُ ، وَعُلِمَ أَنَّ لَهُ أَصْلًا ، وَلَا يَرْوُونَ مَا تَفَرَّدَ بِهِ، سِيَّمَا إذَا خَالَفَهُ الثِّقَاتُ ” انتهى من “نصب الراية” (1/ 341) .
وانظر للاستزادة في هذه المسألة جواب السؤال رقم : (127183) .

ثالثا :
قد يروي البخاري للراوي المتكلم فيه ، لأنه عنده ثقة ، لا يضره كلام من تكلم فيه.
قال الشيخ المعلمي اليماني رحمه الله :
” إن الشيخين يخرجان لمن فيهم كلام في مواضع معروفة :
أحدهما : أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذلك الكلام لا يضره في روايته البتة ، كما أخرج البخاري لعكرمة .
الثاني: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذلك الكلام إنما يقتضي أنه لا يصلح للاحتجاج به وحده ، ويريان أنه يصلح لأن يحتج به مقروناً، أو حيث تابعه غيره ، ونحو ذلك .
ثالثها : أن يريا أن الضعف الذي في الرجل خاص بروايته عن فلان من شيوخه ، أو برواية فلان عنه ، أو بما سمع منه من غير كتابه ، أو بما سمع منه بعد اختلاطه ، أو بما جاء عنه عنعنة وهو مدلس ، ولم يأت عنه من وجه آخر ما يدفع ريبة التدليس .
فيخرجان للرجل حيث يصلح ، ولا يخرجان له حيث لا يصلح ” انتهى من” التنكيل “(ص692) .

رابعا :
الشيخ أبو عبد الرحمن العظيم آبادي رحمه الله ، من المشايخ المشهورين ، ومن شراح الأحاديث الموثوقين.
وقد ذكر عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار في كتابه “عون المعبود” (8/44) عند الكلام على حديث : ( مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ ) فقال :
” وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْمَدِينِيُّ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي حَدِيثِهِ ضَعْفٌ ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ : لَا يُحْتَجُّ بِهِ ، وَذَكَرَ أَبُو أَحْمَدَ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ يَرْوِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ” انتهى .

وهذا أحد الأحاديث التي خولف فيها عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، فمن أهل العلم من صحح حديثه وأثبته ، وحكم له فيه بالحفظ ، ومنهم من أعله به .
فممن صححه : الإمام البخاري :
قال الترمذي : ” سَأَلْتُ مُحَمَّدًا – يعني البخاري – عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقُلْتُ لَهُ: أَتَرَى هَذَا الْحَدِيثَ مَحْفُوظًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ لَهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَدْرَكَ أَبَا وَاقِدٍ؟ فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَهُ , عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ قَدِيمٌ ” انتهى من “العلل الكبير” (ص 241) .
وقد صحح هذا الحديث الحافظ ابن كثير في “إرشاد الفقيه” (1/85) على شرط البخاري ، مما يدل على أنه يرى أن ابن دينار قد حفظه .
وممن أعله به : الدارقطني ، حيث قال في “العلل” (6/ 297) :
” يَرْوِيهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ :
فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ.
وَخَالَفَهُمَا الْمِسْوَرُ بْنُ الصَّلْتِ، فَرَوَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ: عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
والمرسل أشبه ” انتهى .
ومنهم : أبو زرعة الرازي ، فقال ابن أبي حاتم في “العلل” (4/ 353):
سألتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رواه عبد الرحمن بن عبد الله بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلَم، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِب ، عَنْ أَبِي واقدٍ اللَّيْثي … فذكر الحديث .
وَرَوَى مَعْن القَزَّاز ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلَم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم .
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ” جَمِيعًا وَهْمَين! والصَّحيحُ: حديثُ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلَم، عَنْ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مُرسَل ” .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android