0 / 0

حديث باطل من افتراءات الرافضة في الطعن في معاوية رضي الله عنه وابنه يزيد

السؤال: 230027

هناك أحاديث كثيرة يستدل بها الشيعة لسب معاوية ، ومن ضمن هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية ذات يوم : ( انصرف عني، إني اشتم منك رائحة بأن ابنك يقتل الحسين) ، فما قولكم في هذا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن كتبة الوحي ، وممن له قدم صدق في دين الله ، وكان من رجالات قريش المعدودين ، حلما وعقلا ودينا وشجاعة .
ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذمه ، أو تنقصه ، أو نحو ذلك ، وكل ما روي في ذلك فمن وضع الكذابين المفترين من الرافضة وغيرهم .
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب أصحابه ، وتنقصهم أعظم النهي ، فقال صلى الله عليه وسلم: (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رواه الطبراني من حديث ابن عباس ، وحسنه الألباني في ” سلسلة الأحاديث الصحيحة “(2340).

وهذا الحديث الوارد في السؤال حديث باطل مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا وجود له في كتب السنة ، وإنما يذكره الروافض الذين وصفهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله : “فإنك لا تجد في طوائف أهل القبلة أعظم جهلا من الرافضة . . فهم أكذب الناس بلا ريب . . . وهم أعظم الطوائف نفاقا ” انتهى من “منهاج السنة” (2/87) .

وإنما الذي ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن أمته تقتل الحسين رضي الله عنه ، دون أن يعين قاتله ، روى الحاكم (4818) عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنها عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أُمَّتِي سَتَقْتُلُ ابْنِي هَذَا – يعني الحسين – وَأَتَانِي بِتُرْبَةٍ مِنْ تُرْبَتِهِ حَمْرَاءَ ) وصححه الألباني في “صحيح الجامع” (61).
وينظر : “مختصر تلخيص الذهبي” لابن الملقن (4/1683) وحاشية المحقق .

ثانيا :
لم يثبت أن يزيد بن معاوية قتل الحسين رضي الله عنه ، ولا أمر بقتله ، ولا فرح بذلك ، إنما قتله الجيش الذي أرسله لمنعه من الذهاب إلى العراق .
قال ابن الصلاح رحمه الله :
” لم يَصح عندنَا أَنه – يعني يزيد – أَمر بقتْله رَضِي الله عَنهُ ، وَالْمَحْفُوظ أَن الْآمِر بقتاله المفضي إِلَى قَتله كرمه الله ، إِنَّمَا هُوَ عبيد الله بن زِيَاد ، وَالِي الْعرَاق إِذْ ذَاك ” .
انتهى من “فتاوى ابن الصلاح” (1/ 216) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وُلدَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عفان – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – وَلَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا كَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ؛ وَلَا كَانَ مِنْ الْمَشْهُورِينَ بِالدِّينِ وَالصَّلَاحِ ، وَكَانَ مِنْ شُبَّانِ الْمُسْلِمِينَ ؛ وَلَا كَانَ كَافِرًا وَلَا زِنْدِيقًا ؛ وَتَوَلَّى بَعْدَ أَبِيهِ عَلَى كَرَاهَةٍ مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ ، وَرِضًا مِنْ بَعْضِهِمْ ، وَكَانَ فِيهِ شَجَاعَةٌ وَكَرَمٌ ، وَلَمْ يَكُنْ مُظْهِرًا لِلْفَوَاحِشِ كَمَا يَحْكِي عَنْهُ خُصُومُهُ .
وَجَرَتْ فِي إمَارَتِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ ، أَحَدُهَا : مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ، وَلَا أَظْهَرَ الْفَرَحَ بِقَتْلِهِ ؛ وَلَا نَكَّتَ بِالْقَضِيبِ عَلَى ثَنَايَاهُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – وَلَا حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – إلَى الشَّامِ ، لَكِنْ أَمَرَ بِمَنْعِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِدَفْعِهِ عَنْ الْأَمْرِ ، وَلَوْ كَانَ بِقِتَالِهِ ، فَزَادَ النُّوَّابُ عَلَى أَمْرِهِ ، وَحَضَّ الشمرُ بن ذي الْجَوشَن عَلَى قَتْلِهِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ؛ فَاعْتَدَى عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ، فَطَلَبَ مِنْهُمْ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَجِيءَ إلَى يَزِيدَ، أَوْ يَذْهَبَ إلَى الثَّغْرِ مُرَابِطًا، أَوْ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ ، فَمَنَعُوهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ، وَأَمَرَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بِقِتَالِهِ ، فَقَتَلُوهُ مَظْلُومًا ، لَهُ وَلِطَائِفَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
وَلَمَّا قَدِمَ أَهْلُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، أَكْرَمَهُمْ وَسَيَّرَهُمْ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَعَنَ ابْنَ زِيَادٍ عَلَى قَتْلِهِ ، وَقَالَ : كُنْت أَرْضَى مِنْ طَاعَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ، لَكِنَّهُ مَعَ هَذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ إنْكَارُ قَتْلِهِ ، وَالِانْتِصَارُ لَهُ ، وَالْأَخْذُ بِثَأْرِهِ: كَانَ هُوَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، فَصَارَ أَهْلُ الْحَقِّ يَلُومُونَهُ عَلَى تَرْكِهِ لِلْوَاجِبِ ، مُضَافًا إلَى أُمُورٍ أُخْرَى ، وَأَمَّا خُصُومُهُ: فَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْفِرْيَةِ أَشْيَاءَ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (3/ 410) .

ولو قدّر أن يزيد قتل الحسين رضي الله عنه ، فهو الذي يتحمل إثمه دون أبيه ، قال الله تعالى : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الأنعام/164، وروى أبو داود (4495) ، والنسائي (4832) عَنْ أَبِي رِمْثَةَ رضي الله عنه قَالَ : ” انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي : ( ابْنُكَ هَذَا ؟ ) ، قَالَ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ، فقَالَ : ( أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ ) وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) . صححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
قال القاري رحمه الله :
” (لَا يَجْنِي عَلَيْكَ) أي : لَا تُؤَاخَذُ بِذَنْبِهِ ( وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ ) أَيْ: لَا يُؤَاخَذُ بِذَنْبِكَ ” .
انتهى من “مرقاة المفاتيح” (6/ 2272) .

وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
” وَأَمَّا قَوْلُهُ – يعني الرافضي – : ” وَقَتَلَ ابْنُهُ يَزِيدُ مَوْلَانَا الْحُسَيْنَ وَنَهَبَ نِسَاءَهُ “.
فَيُقَالُ : إِنَّ يَزِيدَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ النَّقْلِ ، وَلَكِنْ كَتَبَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ وِلَايَةِ الْعِرَاقِ .
وَالْحُسَيْنُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – كَانَ يَظُنُّ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَنْصُرُونَهُ وَيَفُونَ لَهُ بِمَا كَتَبُوا إِلَيْهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَ عَمِّهِ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ، فَلَمَّا قَتَلُوا مُسْلِمًا ، وَغَدَرُوا بِهِ وَبَايَعُوا ابْنَ زِيَادٍ ، أَرَادَ الرُّجُوعَ ، فَأَدْرَكَتْهُ السَّرِيَّةُ الظَّالِمَةُ ، فَطَلَبَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى يَزِيدَ ، أَوْ يَذْهَبَ إِلَى الثَّغْرِ ، أَوْ يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ ، فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ ، فَامْتَنَعَ، فَقَاتَلُوهُ ، حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا مَظْلُومًا – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ أَظْهَرَ التَّوَجُّعَ عَلَى ذَلِكَ ، وَظَهَرَ الْبُكَاءَ فِي دَارِهِ، وَلَمْ يَسْبِ لَهُ حَرِيمًا أَصْلًا ، بَلْ أَكْرَمَ أَهْلَ بَيْتِهِ ، وَأَجَازَهُمْ حَتَّى رَدَّهُمْ إِلَى بَلَدِهِمْ .
وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ يَزِيدَ قَتَلَ الْحُسَيْنَ لَمْ يَكُنْ ذَنْبُ ابْنِهِ ذَنْبًا لَهُ ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ، وَقَدِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصَّى يَزِيدَ بِرِعَايَةِ حَقِّ الْحُسَيْنِ ، وَتَعْظِيمِ قَدْرِهِ ” انتهى من “منهاج السنة” (4/ 472) .
وانظر للفائدة إجابة السؤال رقم : (223183) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android