0 / 0

من حفظ القرآن وخالف حكمه كان أسوأ حالا ممن لا يحفظه ويخالف حكمه .

السؤال: 230646

ماذا لو ارتكب مسلمان نفس الذنب ، الأول حافظ للقرآن والآخر غير حافظ له ، فهل تقع عليهما نفس العقوبة يوم القيامة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

حافظ القرآن ، العالم به : إذا خالف القرآن كان إثمه أعظم من إثم المخالف غير الحافظ العالم ، فإن ذنب العالم أشد من ذنب الجاهل ، وعقوبته أولى ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ ؛ فَإِذَا عَلِمَ الْإِنْسَانُ الْحَقَّ وَأَبْغَضَهُ ، وَعَادَاهُ : كَانَ مُسْتَحِقًّا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ : مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (7/ 586) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
” فَهَذَا جَهله كَانَ خيرا لَهُ ، وأخف لعذابه من علمه ، فَمَا زَاده الْعلم إِلَّا وبالا وَعَذَابًا، وَهَذَا لَا مطمع فِي صَلَاحه ، فَإِن التائه عَن الطَّرِيق يُرْجَى لَهُ الْعود إليها ، إِذا أبصرها، فَإِذا عرفهَا وحاد عَنْهَا عمدا ؛ فَمَتَى ترجى هدايته ؟ قَالَ تَعَالَى: ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) آل عمران/ 86 ” انتهى من”مفتاح دار السعادة” (1/ 115) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم : (196054) أن القرآن كما يشفع لأصحابه يوم القيامة ، فهو أيضا يشهد على مخالفيه بهجره وتضييع فرائضه وتعدي حدوده .
وقد ضرب الله مثل السوء للذين يعلمون ولا يعملون ، فقال تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ) الجمعة/5 .
قال السعدي رحمه الله :
” ذكر الله أن الذين حمّلهم التوراة من اليهود وكذا النصارى ، وأمرهم أن يتعلموها، ويعملوا بما فيها ، فلم يحملوها ولم يقوموا بما حملوا به ، أنهم لا فضيلة لهم ، وأن مثلهم كمثل الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفارًا من كتب العلم ، فهل يستفيد ذلك الحمار من تلك الكتب التي فوق ظهره ؟ وهل يلحق به فضيلة بسبب ذلك ؟ أم حظه منها حملها فقط ؟ فهذا مثل علماء اليهود الذين لم يعملوا بما في التوراة ، الذي مِن أَجَلِّه وأعظمه : الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، والبشارة به ، والإيمان بما جاء به من القرآن ، فهل استفاد مَنْ هذا وصفُه من التوراة ، إلا الخيبة والخسران ، وإقامة الحجة عليه؟ فهذا المثل مطابق لأحوالهم ” انتهى من “تفسير السعدي” (ص 862) .

فعلى كل مسلم أن يجتهد في حفظ ما استطاع من كتاب الله ، وأن يعمل بمقتضى ما حفظ وعلم ، وألا يخالف هدى الله الذي يهدي به من يشاء من عباده ، وأن يكون ممن قالوا سمعنا وأطعنا ، وألا يكون ممن قالوا : سمعنا وعصينا ، فإن الله قال عن المؤمنين : (وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) البقرة/ 285 ، وقال عن اليهود : (قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) البقرة/ 93 .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android