سمعت بحديث، ما معناه: لو اجتمعت السماوات ومن فيها، والأرض ومن عليها على أن يضروك بشيء، لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، هل هذا حديث صحيح أم ضعيف؟
شرح (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء…)
السؤال: 230872
ملخص الجواب
بين النبي عليه الصلاة أن الأمة لو اجتمعت كلها علي أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، فإذا وقع منهم نفع لك، فاعلم أنه من الله، لأنه هو الذي كتبه، فلم يقل النبي صلي الله عليه وسلم: لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك ؛ بل قال: (لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك.) وكذلك بالعكس، لو اجتمعوا علي أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.
Table Of Contents
درجة حديث (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء…)
روى الترمذي (2516) وصححه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ.
قال الترمذي رحمه الله: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ "، وقال ابن رجب ـ عن طريق الترمذي هذه ـ: "حسنة جيدة" انتهى من "جامع العلوم والحكم" (1/483)، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي"
وهذا الحديث حديث حسن المعنى جدا، مشهور متداول عند أهل العلم، وله طرق وشواهد عديدة، وقد صححه أيضا من أهل العلم: الحافظ عبد الحق الأشبيلي في "أحكامه" (3/333).
شرح حديث (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء…)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" بين النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الجملة أن الأمة لو اجتمعت كلها علي أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، فإذا وقع منهم نفع لك، فاعلم أنه من الله، لأنه هو الذي كتبه، فلم يقل النبي صلي الله عليه وسلم: لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك ؛ بل قال: لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك.
فالناس بلا شك ينفع بعضهم بعضا، ويعين بعضهم بعضا، ويساعد بعضهم بعضا، لكن كل هذا مما كتبه الله للإنسان، فالفضل فيه أولا لله عز وجل، هو الذي سخر لك من ينفعك ويحسن إليك ويزيل كربتك .
وكذلك بالعكس، لو اجتمعوا علي أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.
والإيمان بهذا يستلزم أن يكون الإنسان متعلقا بربه، ومتكلا عليه، لا يهتم بأحد، لأنه يعلم أنه لو اجتمع كل الخلق علي أن يضروه بشيء، لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه؛ وحينئذ يعلق رجاءه بالله ويعتصم به، ولا يهمه الخلق ولو اجتمعوا عليه .
ولهذا نجد الناس في سلف هذه الأمة لما اعتمدوا علي الله وتوكلوا عليه، لم يضرهم كيد الكائدين، ولا حسد الحاسدين: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ آل عمران/120. " انتهى من "شرح رياض الصالحين" (1/ 491-492)
وقد شرح الإمام الحافظ زين الدين ابن رجب الحنبلي، رحمه الله، هذا الحديث شرحا نافعا مفيدا، في رسالة خاصة أسماها: "تنوير المقباس بشرح حديث ابن عباس"، ومضمونها أيضا في كتابه: "جامع العلوم والحكم"، عند شرحه لنفس الحديث، برقم: الحديث التاسع عشر (2/480) وما بعدها، فننصح بالرجوع إليه، والاستفادة منه .
ويراجع لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: 49004، 12380، 264354، 6287، 43021.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة